تمر علينا هذه الأيام ذكرى نصر أكتوبر 1973 العظيم الذي أعتبره شعاع نور انتفض فيه جيشنا العظيم ليحطم الأسطورة الكاذبة والجيش الإسرائيلي الذي ادعى أنه لا يٌقهر.. ونجح أبطالنا البواسل في تحطيم الأسطورة المزيفة وحطموا خط بارليف الذي قالت عنه إسرائيل للعالم إنه يستحيل نسفه بالقنابل النووية..
والحمد لله أن مَن الله على المصري الوطني الأصيل الباقي في قلوب مصر ووجدانهم - برغم رحيله - المرحوم اللواء باقي زكي يوسف بفكرة خراطيم المياه؛ لتحطيم خط بارليف، وحدثت المعجزة وأسقطت خراطيم المياه الأسطورة الكاذبة، وجاء من بعدها النصر المٌبين لخير أجناد الأرض..
البطل باقي زكي يوسف الذي رحل عن عالمنا يوم 23 يونيو من العام الحالي وودعته مصر في جنازة شعبية وعسكرية مهيبة كان في مقدمتها قيادات وأفراد القوات المسلحة، وعدد كبير من الشخصيات العامة ونعته الكنيسة المصرية، ونعاه أئمة المساجد في صلاة الجمعة، رحم الله هذا البطل المصري الأصيل الشقيق المسيحي الذي كانت فكرته بالفعل هي مفتاح نصر أكتوبر 1973..
وعن بطولة خراطيم المياه وعن فكرته العبقرية قال المرحوم باقي زكي يوسف - والذي كان يعمل في إنشاء السد العالي حتى بداية عام 1967 - عنها إنها كانت تعتمد على دفع الماء وتسليطه على الساتر الترابي فتتهاوى الرمال وتنجرف إلى مياه القناة بهدف هدم الساتر، وفتح الثغرة، وجاء استخدام الماء من القناة تحت الساتر الترابي مباشرة كأفضل سلاح.. وقال إنه لم يكن يتوقع أن تكون فكرته مفتاح النصر في حرب أكتوبر 1973 وأدخلته التاريخ، وتم تسجيل اسمه بحروف من ذهب في السجلات العسكرية المصرية مع زملائه الأبطال أصحاب النصر العظيم.. ومن كلمات المرحوم اللواء باقي يوسف قوله إن أهم ما في حرب أكتوبر 1973 أن إرادة ربنا كانت معنا.. رحمة الله على شهداء أكتوبر وكل شهداء الوطن حتى الآن، وألف رحمة ونور على باقي زكي يوسف، الباقي هو وزملاؤه من شهداء وأبطال نصر أكتوبر العظيم في قلوب المصريين وذاكرتهم وسجلات البطولة والتضحيات والفداء ..
وبمناسبة ذكرى نصر أكتوبر العظيم لا يفوتني أن أشير إلى أننا مقصرون بشدة تجاه هذا النصر العظيم وأبطاله وشهدائه؛ بسبب عدم التوثيق الكافي الذي يستحقه نصر أكتوبر العظيم، خاصة سينمائيًا ودراميًا، فبرغم عظمة نصر أكتوبر 1973، فإن السينما وصناع السينما؛ سواء كانت الممثلة في الدولة المصرية أو المنتجين والقطاع الخاص.. فكل ما تم تقديمه عن نصر أكتوبر العظيم لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، وللأسف ليست على المستوى الذي يستحقه نصر بحجم نصر أكتوبر 1973.. فالسينما الأمريكية حتى الآن تنتج أفلامًا ضخمة تُمجد فيها بطولات الجيش الأمريكي - من وجهة نظرهم - سواء في الحرب العالمية الثانية أو حرب فيتنام.. في حين عندنا في مصر لم يتم استغلال نصر عظيم وضخم، ويتم تدريسه في كل الكليات العسكرية في العالم، وبرغم أننا أصحاب هذه النصر، فإن ما تم إنتاجه سينمائيا عنه ضعيف وبرغم مرور عدة عقود على هذا النصر فإن القنوات تكرر عددًا قليلا من الأفلام هي هي تتكرر كل عام كذكرى نصر أكتوبر أو عيد تحرير سيناء، وليست أفلاما ذات قيمة فنية كبيرة تناسب عظمة الحدث وبطولاته، وأغلبها متوسطة القيمة أو الضعف، باستثناء فيلم "أبناء الصمت" الذي أعتبره من أفضل وأحسن الأعمال السينمائية التي تم إنتاجها عن بطولات الجيش المصري، الفيلم يدور عن بسالة وتضحيات قدمها الجيش المصري في حرب الاستنزاف، وعن ملحمة حقيقية وعن الجنود المصريين البواسل الذين تم إنزالهم خلف صفوف العدو، وقدموا ملحمة من ملاحم النضال؛ حتى جاء يوم العبور في 6 أكتوبر 1973..
الفيلم يتم تصنيفه ضمن أفضل 100 فيلم... ومن إخراج محمد راضي، سيناريو وحوار مجيد طوبيا، وبطولة النجم الراحل محمود مرسي، والراحل نور الشريف، وميرفت أمين، ومحمد صبحي، ونبيلة عبيد..
نتمنى من الدولة أن تصحح الخطأ الذي ارتكبناه سينمائيًا ودراميًا في حق نصر أكتوبر العظيم، وتعطيه حقه من خلال أعمال درامية وأفلام سينمائية على مستوى فني رفيع تليق بنصر عظيم، وملاحم وبطولات قدمها أبناء هذا الوطن، وأؤكد أنه إذا كان في مصر، ومن أبناء مصر من قدموا بطولات، وحققوا نصرًا عظيمًا من عقود، فإن فيها أبطالاً الآن قادرون على النهوض بها وحمايتها، وحماية أراضيها وأمنها القومي ومقدراتها والدفاع عنها وعن أمن مواطنيها حتى ولو كانوا من أبناء الصمت ومن أبطالها؛ مثل باقي زكي يوسف وأقرانه من أبناء مصر الأبرار، فهو باقي ومصر باقية في حفظ الله .. والله المستعان