Close ad

بين تحريم الأزهر.. والتحرش للشهرة..!!

2-9-2018 | 01:38

لم أكن أنوي الكتابة أو الإشارة إلى ما يٌعرف بظاهرة التحرش في مصر؛ لقناعتي الخاصة أن هناك من يتعمد التركيز عليها؛ لأهداف غير سوية، منها على سبيل المثال إلصاق التهمة بالشعب المصري كله بأنه مٌتحرش، وهذا غير صحيح بالمرة.. خاصة في الخارج وأمام العالم كله.

وما يؤكد شكوكي أنني في عدة رحلات خارجية ومن خلال معارفنا؛ سواء من الصحفيات الأجانب أو أساتذة الجامعات الأوروبية والأمريكية واللائي يأتين إلى مصر للزيارة أو للتغطية الصحفية أو في مهمات علمية، كن يتحدثن عن الأمر وكأنه أمر واقع، وأن مصر كلها متحرشون – وهذا غير صحيح – وهو ما كنت أحرص على تأكيده لهن..

ولكن الضرر وقع بالفعل، وأصبحن يتخوفن من التحرش ويحرصن على السكن في المناطق الأكثر أمانًا على حد تعبيرهن – مثل منطقة الزمالك، أو جاردن سيتي، أو الكومباوندات الحديثة، وأخيرًا ما نشهده حاليًا على مواقع التواصل الاجتماعي حول فتيات قمن بنشر فيديوهات لشباب قاموا بالتحرش بهن في وضح النهار، وفي أماكن عامة على سبيل فضحهم وتجريسهم.

لكن الغريب في الأمر أن الشاب المتحرش صار نجمًا ومشهورًا، والبعض يعرض عليه العمل في الإعلانات التليفزيونية، وهو أمر في غاية الغرابة والسخافة، ويعبر عن تدني المنظومة الأخلاقية في مجتمعنا للأسف الشديد – وهذا يا سادة ما جعلني أتحسس أو أتحسب من الكتابة عن التحرش، ولكن الجديد في الأمر هو أن الأزهر الشريف قد قطع الشك باليقين، وأخذ موقفًا محترمًا للغاية للرد على المتنطعين من بعض من يسمون أنفسهم بالتيارات السلفية، وبعض المشايخ، الذين يواصلون افتراءاتهم بأن الفتيات والسيدات المصريات يستحققن التحرش؛ لأنهم لا يرتدين الخمار والنقاب والإسدال وغيره، وأن الشباب والرجال المتحرشين لا جناح عليهم، وأنهم أبرياء، وأن التاء المربوطة المصرية تستحق التحرش، وإلى آخر هذه الخزعبلات..

إلى أن أصدر الأزهر الشريف بيانًا حرم فيه التحرش وشدد في البيان على أن التحرش تصرف محرم شرعًا وسلوك مدان بشكل مطلق ولا يجوز، وذلك للرد على الوقائع التي نشهدها في مجتمعنا هذه الأيام.
ودعا الأزهر إلى تفعيل القوانين التي تجرم التحرش وتعاقب من يقوم بفعله، وأعلن الأزهر في البيان متابعته لما تتداوله وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة من حوادث تحرش، ووصل الأمر في بعضها إلى حد اعتداء المتحرش على من يتصدى له أو يحاول حماية المرأة من المتحرش؛ فيما سعى البعض للأسف الشديد لجعل ملابس الفتاة أو سلوكها مبررًا للجريمة البشعة التي يرتكبها المتحرش، ويسوغ له جريمته الشنعاء النكراء أو يحاولون جعل الفتاة أو الضحية شريكة للمتحرش في الإثم..

وفي البيان أيضًا شدد الأزهر على أن التحرش؛ سواء لفظًا أو فعلًا هو تصرف محرم وسلوك منحرف يأثم فاعله شرعًا، كما أنه فعل تأنفه النفوس السوية وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع.
وأن تجريم التحرش والمتحرش يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق؛ فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعتبر فهمًا مغلوطًا لما في التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها.. فضلا عما تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن والاعتداء على الأعراض والحرمات.

"وأكد الأزهر أن تحضر المجتمعات ورقيها، إنما يقاس بما تحظى به المرأة من احترام وتأدب في المعاملة، وبما تتمتع به من أمان واستقرار وتقدير، ودعا الأزهر الشريف المؤسسات المعنية إلى رفع الوعي المجتمعي بأشكال التحرش وخطورته، والتنفير من آثاره المدمرة على الأخلاق والحياء؛ خاصة التحرش بالأطفال، وتكثيف البرامج الإعلامية لتعريف المواطنين بما يجب عليهم من تصرف حال وقوع حادثة تحرش، وبما يردع المتحرش، ويوفر

الحماية للمرأة أو الفتاة، كما طالب وسائل الإعلام بتجنب بث أي مواد تروج للتحرش، أو تظهر المتحرش بأي شكل يٌشجع الآخرين على تقليده..
انتهى بيان الأزهر وأثمنه وأشكره على هذا التحرك الإيجابي، ولكن يبقى سيف القانون لن يمنع التحرش سوى تطبيق القوانين الرادعة ضد المتحرشين.. والله المستعان

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: