Close ad

"المعاني العلوية للعمارة الإسلامية" نظرة فلسفية لفنون وأساليب البناء للدكتور مصطفي البدوي | صور

12-8-2018 | 15:07
المعاني العلوية للعمارة الإسلامية نظرة فلسفية لفنون وأساليب البناء للدكتور مصطفي البدوي | صور"المعاني العلوية للعمارة الإسلامية" للدكتور مصطفي البدوي
ياسر بهيج

صدر حديثًا كتاب " المعاني العلوية للعمارة الإسلامية " للدكتور مصطفى حسن البدوى.

موضوعات مقترحة

يأتي الكتاب مخاطبًا روح الفن المعماري الإسلامي في زمن طغى فيه الجمود على كل شيء، وثبتت السواكن على القلوب فلم تجعل للأرواح براحًا، تنطلق به في سماء المعاني، فتشعر بكل جميل، وإنما صار الأمر كله يندرج تحت المصلحة، حتى باتت القيم الأخلاقية والروحية للفنون الجمالية تسير نحو الاندثار السحيق، الذي هوى بنا إلى قاع الانحطاط في الأذواق، ووسط كل هذا خرج علينا الدكتور مصطفى البدوى بكتاب يأخذ روحك منك، ويحلق بها في سماء القيم والمعاني الجمالية للعمارة الإسلامية.

يصطحب الكتاب قارئه في رحلة جمالية، قلما نجدها في عصرنا الحالي، فمن خلال صفحات الكتاب سوف تستمع للآثار الإسلامية وهى تحدثك، وسوف تجلس معها لتحكى لك فصولًا من حكايات زمن الذكريات.. إنه كتاب يبحث فى القيمة، والمعنى غير متأثر بماديات جدلية فرضت نفسها عنوة على قلوبنا.

وفي تقديمه للكتاب، قال الدكتور مصطفى البدوى: إن لكل عمل فني إسلامي ثلاثة أبعاد ضرورية لا يكون العمل إلا بتكاملها، وهي البعد النفعي، والبعد الجمالي، والبعد المعنوي أو الروحي. وللأسف؛ فإن كل ما صدر من كتب عن العمارة الإسلامية إلى وقتنا هذا وصف لما فيها من العمل المعماري، ولم يتعرض أحد من قبل للمعاني، بل لم يخطر ببال أحد من المعاصرين أنه ثم معاني ينبغي الانتباه لها، ولذلك فالربط بين الشكل والمعنى ليس الغرض منه تنبيه المعماريين فقط، ولكن كل من يدخل مسجدا، ويريد أن يعرف كيف أن كل عنصر من عناصر المسجد يذكر المصلي بالله واليوم الآخر.

وأضاف: لو بدأنا بالعودة إلى المعاني المودعة في العمارة الإسلامية في بناء المساجد أولا والمباني العامة قبل المباني السكنية، سوف يكون ذلك مكسبًا كبيرًا، والكلام هنا على تفهم المعاني والالتزام بها، وليس بتقليد الطراز المملوكي أو العثماني أو الغربي، فالتجديد في الطراز ضروري، ولكل عصر طرازه، ولكن الذي يجب التمسك به الثوابت االدينية الروحية التي لم تتغير عبر العصور، بالرغم من تغير الطراز تبعا للزمان والمكان. أما عن المساكن، فبالطبع الالتزام بالمنهج الإسلامي يؤدي إلى الراحة النفسية، وتذكر الله والجنة، والوسط المحيط كلما كان إسلاميا كلما كان تربية الأطفال فيه وحمايتهم من مصائب الزمان أسهل.

وأكمل: على سبيل المثال، كلما دخل الإنسان إلى مسجد السلطان حسن بالقاهرة، ومشي في الممر الطويل المظلم، ثم خرج إلى الصحن، غمرته الشمس فجأة بأنوارها التي تخطف الأبصار، وأشرق عليه معنى الخروج من الظلمات إلى النور. والظاهر مما سمعناه من المعماريين أن هذا الإحساس القوي الحاسم مقصود بعينه، إذ أن المهندس الذي صمم الممر والصحن، وجعل المنارة تظهر فوق الصحن والقبة التي تتوسطه عند الخروج من الباب الذي بآخر الممر، لم يفعل ذلك إلا لإثارة هذا الانطباع في مخيلة ووجدان المصلي الداخل إلى المسجد.

وأوضح أن هناك لمسة جمالية جديدة يمكن اضافتها إلى مفهوم العمارة الإسلامية في المساجد من خلال النظر إلى الفن الإسلامي عامة، على أن هدفه المعنوي الأول التذكير بالله والآخرة؟ حينئذ ندرك أن النافورة إشارة إلى عين السلسبيل التي تتوسط الجنة، وحينئذ تشير الأعمدة بداهة إلى أبواب الجنة الثمانية، وحيث إنه من المعروف أن الجنة سقفها العرش، وتكون القبة التي تعلوها إشارة إليه. فإذا أردنا أن نؤكد أن هذه المعاني مقصودة بذاتها نظرنا إلى المياضي المشابهة في مشارق الأرض ومغاربها، فوجدنا أن النافورة التي تعلوها قبة محمولة على ثماني أعمدة- وليس على أربع أو ست-إنما هو نموذج متكرر عبر الأزمنة والأمكنة، فمعالم المساجد وهو المحراب، وجدناه يمثل توجه المسلم بكليته إلى ربه أثناء الصلاة، فيوجه جسده نحو المحراب المادي الذي يوجهه إلى بيت الله الحرام في مكة، بينما يتوجه بقلبه إلى خالق مكة والبيت. فالمحراب إذاً يعين المسلم على الحضور مع مولاه في صلاته، وذلك ما نفهمه من قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه، فإن الله قبل وجهه إذا صلى، فالمحراب إذن يوجه المسلم نحو البيت ورب البيت، فهذا المعنى الأول للمحراب، ولذلك اعتاد المسلمون نقش صورة المحراب على سجادة الصلاة، حتى إذا كان المصلي في بيته وليس فى المسجد أعانه النقش على الحضور.

وأردف الدكتور مصطفي البدوي، أنه إذا كان المصلي يستحضر ربه-عز وجل- في قبلته الممثلة في المسجد بالمحراب، وكان الله - عز وجل - نور السموات والأرض، كان من البديهي أن يدرك المسلمون أن نوره ونور الإيمان به يشرق على المؤمن من المحراب، ولذلك كثيرًا ما نرى محاريب المساجد عليها صورة إشراق أنوار الإيمان واليقين على هيئة أشعة الشمس التي توحي للناظر بمثل هذه المعاني.

الدكتور مصطفى حسن البدوي، تخرج في كلية الطب، جامعة القاهرة، عام 1971، ثم سافر إلى بريطانيا، حيث حصل على زمالة الكلية الملكية للأطباء النفسيين بلندن سنة 1983. ويعمل منذ ذلك الحين استشاريا في الطب النفسي. أخذ عن كثير من العلماء من من الأزهر الشريف وفي الحجاز، وله اهتمام خاص بالسيرة النبوية، وعلم النفس الإسلامي، ومظاهر الحضارة الإسلامية في مختلف بقاع الأرض، وعلامات آخر الزمان ومدى تطابقها مع تطورات العصر الحديث، وله عدة مؤلفات باللغات الإنجليزية والفرنسية، إضافة إلى ترجمة كتب إسلامية كثيرة من العربية إلى الإنجليزية والفرنسية، منها: علامات آخر الزمان بين العولمة والإرهاب، الإمام الحداد، مجدد القرن الثاني عشر، لطائف الإشارات في أسرار المآذن والمنارات (هذا الكتاب كان دراسة أولية لعنصر واحد من عناصر العمارة الإسلامية وهو المآذن، وقد تم دمج محتواه في الكتاب الحالي)، يوم الفرقان، أسرار غزوة بدر، عوالم ما وراء المادة في القرآن والسنة وكلام علماء الأمة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: