د.مصطفى الضبع يكتب: دفتر أحوال الجامعة المصرية (15).. لوائح سور برلين

2-5-2018 | 17:53
دمصطفى الضبع يكتب دفتر أحوال الجامعة المصرية  لوائح سور برليند.مصطفى الضبع

وفق لائحة علمية يدرس الطالب في أقسام كلية الآداب في جامعة ما، فإذا ما انتقل إلى القسم المناظر في أي كلية آداب أخرى في أي جامعة مصرية فوجئ بأنه كمن يخرج من بلد إلى بلد آخر حيث يجد لائحة مختلفة بمقررات مختلفة وعدد ساعات مختلفة، ومحتوى علمي مختلف، ونظام تدريس أكثر اختلافا، تدليلا وبشكل موضوعي أتوقف عند مقررات السنة الأولى للطالب الملتحق بقسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعتين (مصريتين): جامعة عين شمس، وجامعة سوهاج، على سبيل المثال.

موضوعات مقترحة

في كلية الآداب جامعة عين شمس يدرس الطالب في الفرقة الأولى سبع مقررات إجبارية مجموع ساعاتها (17) ساعة: الحاسب الآلي – قضايا الأدب الجاهلي – مدخل إلى علم اللغة – المصادر الأدبية واللغوية – مدخل إلى علوم القرآن ونصوصه – الثقافة العربية قبل الإسلام – لغة أوروبية وترجمة (عدد ساعات كل مقرر ساعتان باستثناء النحو والصرف ثلاث ساعات)، إضافة إلى ساعتين مقرر اختياري يختاره الطالب من مقررين (قراءة في كتاب قديم – تطبيقات لغوية).

وفي المستوى الثاني يدرس الطالب (17) ساعة مقررات إجبارية: حقوق الإنسان (متطلب جامعي، ساعة واحدة) – نظرية الأدب – مهارات لغوية – مدخل للغويات الحديثة – بلاغة عربية – نصوص الأدب الجاهلي، عدد ساعات كل مقرر ساعتان باستثناء النحو والصرف، إضافة إلى ساعتين مقرر اختياري يختاره الطالب من مقررين (أدبيات الفرق والمذاهب الإسلامية – قراءة في كتاب قديم "بلاغة")، مجموع ساعات الفرقة الأولى بمستوييها (36) ساعة.

في كلية الآداب بسوهاج يدرس الطالب في الفصل الأول من الفرقة الأولى ستة مقررات، مجموع ساعاتها (22 ساعة إضافة إلى ساعتين تدريبات) :
النقد الأدبي: نشأته وتطوره (4 ساعات) – النحو والصرف (4 ساعات) – مصادر التراث العربي (4 ساعات) – الجزيرة العربية: جغرافيتها وتاريخها قبل الإسلام (4 ساعات) – أسس الفلسفة (4 ساعات) – لغة أوربية حديثة (4 ساعات) .

في الفصل الدراسي الثاني يدرس الطالب ثمانية مقررات ( 23 ساعة إضافة إلى ست ساعات تدريبات) - البلاغة العربية، بيان (4 ساعات )- علم اللغة العام (4 ساعات )- علوم القرآن (1) (4 ساعات )- تاريخ صدر الإسلام وبني أمية (4 ساعات )- قواعد الإملاء والخط العربي (ساعتان) – أدب ما قبل الإسلام (ساعتان) – الحاسب الآلي (ساعتان) – حقوق الإنسان (ساعة واحدة) ، مجموع ساعات الفصلين الدراسيين (43) ثلاث وأربعون ساعة.

تتكشف لغة الأرقام في النموذج السابق عن حقائق لا تقبل الشك، ولا تتقبل التشكيك، في مقدمتها:
- أولا الأرقام السابقة من واقع البرامج المنشورة على مواقع الجامعات مما يعني الاعتماد على مصادرها المعتمدة والمعمول بها حتى إشعار آخر.
- ثانيا يبدو الفارق الواضح بين: عدد الساعات (بفارق سبع ساعات كاملة) ، وهو فارق متزايد يصل في نهاية البرنامج إلى (80 ساعة ) ثمانين ساعة ( مجموع ساعات برنامج اللغة العربية بكلية الآداب جامعة عين شمس (131) ساعة يدرسها الطالب على مدار أربع سنوات، وفي المقابل يدرس الطالب المصري المناظر في كلية مصرية مناظرة (جامعة سوهاج ) (211 ساعة) في المساحة الزمنية نفسها، قياسا على ذلك ودون الدخول في التفاصيل يمكنك مراجعة عدد ساعات التخرج في قسم اللغة العربية بكليات أخرى مناظرة على مستوى الجمهورية: كلية الآداب بقنا يتخرج الطالب بعد دراسة (240 ساعة) – جامعة الزقازيق (208 ساعات) – جامعة بنها (201) ساعة- جامعة دمياط ( 212 ساعة)، حيث من الواضح تمام الوضوح أن عدد الساعات مختلف تماما إذ لم يتفق قسمان في عدد ساعات التدريس فما بالك بالمحتوى والمقررات وغيرها مما يعمل على تعقيد أمور اتجه العالم كله لتيسيرها وتوحيد أسبابها وعوامل نجاحها.
- ثالثا: يمكن للمتابع أن يكتشف بسهولة الفارق الواضح في نوعية المقررات، وهو ما يلقي بظلال من الغرابة والعجب على مسوغات الاختلاف لدراسة اللغة الواحدة وآدابها مالم يكن الأمر محسوبا على أسباب غير علمية (تبدو كذلك مالم تكن هناك معايير واضحة خاضعة للمنطق العلمي).
- رابعا: سنكتفي بوضع علامة تعجب على مقرر يدرس أربع ساعات أسبوعيا!، ثم يأتي الأغرب والأعجب أن كليات الآداب تتبع قطاعا كاملا يسمى قطاع الآداب، ومجلسا أعلى واحدا ووزارة واحدة، وقد يجد الطالب بعض أساتذته في كلية هم أنفسهم يدرسون في كلية ينتقل إليها مما يعني أنه لم يغادر سيادة وزارة تعليم واحدة تعمل وفق دستور مصري واحد.

والأغرب أن الطلاب جميعهم سابقهم ولاحقهم وقاهرييهم وصعيدييهم وبحراوييهم قادمون من منهج موحد على مستوى الوطن (منهج الثانوية العامة، ويتحدثون لغة واحدة وينتمون لدين واحد ويشربون من نيل واحد، وينظم حياتهم دستور واحد.

نتائج أراها غير منطقية (لنستخدم هذا التعبير تخفيفا ليس إلا) تترتب على ما سبق:
- إن هؤلاء جميعا يتخرجون في كلياتهم ويعملون (غالبا) بتدريس مقررات واحدة فلا تقل لي إن العطاء سيكون واحدا.
- يجد الطالب نفسه – إذا أجبرته ظروف الانتقال من محافظة إلى أخرى – مطالبا بالعمل وفق لوائح لا إنسانية، تفتقد منطق الأشياء وروح القوانين حيث يواجهه سور برلين اللوائحي، وأحيانا يجبره عدد الساعات في تفاوته الكبير إلى البقاء مغتربا مع ما تتحمله أسرته من أعباء أو إعادة السنة الدراسية كاملة أو تحمل مقررات زائدة لمعادلة مقررات الكلية المناظرة المنتقل إليها.

ومما يدخل في دائرة الغرابة أن قطاع الآداب المنبثق من المجلس الأعلى (يضم عمداء كليات الآداب والكليات المختصة باللغة وآدابها) يجتمع دوريا للنظر فيما يخص المقررات واللوائح وبرامج التطوير واستحداث البرامج مما يعني مسؤوليته المباشرة عن رسم خارطة المقررات، فهل نطمع أو (نطمح) في إعادة النظر في الخلل، أتمنى ذلك.

 

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة