في يوم عيد الأم وفي الشارع الأشهر بمدينة المنصورة شارع جيهان الذي يضم عددًا كبيرًا من المراكز والمستشفيات التابعة لجامعة المنصورة، كانت هناك وجوه لمئات وآلاف الأمهات اللاتي لم يتذكرن يوم عيدهن وقلوبهن معلقة بابن أو ابنه مريضة أو زوج وربما تكون هي المريضة، الوجوه هناك شاردة، مفتقدة للفرحة منذ زمن.
موضوعات مقترحة
وفي طريقنا لمركز أورام المنصورة قابلنا "م" هنأتاها بعيد الأم قالت "والله أنا مش فاكرة حاجة أنا أعاني منذ سنوات من مرض السرطان وزوجي موجود لكنه مشغول ومبحبش أشغل بناتي وأقولهم إني جايه أخد كيماوي بآخد نفسي وأجي يا بنتي همنا تقيل وبتمني من ربنا يشفيني ويبارك في أولادي".
داخل المركز اختارت الإدارة بالتعاون مع مجموعة من المتطوعين إقامة حفل للأمهات والأطفال المرضى المحتجزين لتلقي العلاج وعلمت "بوابة الأهرام" أن عدد الأطفال المحتجزين يبلغ ما يقرب من 75 طفلاً تصحبهم أمهاتهم، الإدارة خيرت المرضى من أمهات مرضى وأمهات الأطفال المرضى الانتقال لقاعة الاحتفالات بالدور الرابع أو الانتظار حتى نهاية الحفل ليصعد إليهن المتطوعون وبعض العاملين بالمركز لتهنئتهن بغرفهن تخفيفا عنهن وتقديرًا لظروفهن.
ريم حبيب - متطوعة وممثلة مسرح - يطلق عليها الأطفال المرضى "ماما ريم" رغم أنها لم تتزوج بعد إلا أنها دائمًا ما تتواجد بجوار أطفال مرضى السرطان بالمركز تساند بعضهم وكثيرًا ما تودع آخرين، ساهمت اليوم بأكثر من فقرة خلال الاحتفالية أسعدت الأطفال وأسرهم.
أما محمد رمضان، متطوع أيضًا، متعدد الألوان دومًا الأصفر والأحمر والأزرق يرتدي زي المهرج لجذب الأطفال المرضى ولا يترك فرصة ليرسم البهجة والبسمة على وجوه الأطفال ويتأخر عنها، يمر على الغرف ويقابلهم بالطرقات، ساهم اليوم أيضًا بصحبة فريق الأراجوز والدي جي بعدد من الفقرات بمشاركة الأطفال.
فيما اختارت الفنانة الصغيرة سنًا منار عادل، ومتعددة المواهب في الرسم والكتابة، أن تزين ومجموعة من الرسامين سور مبنى مركز الأورام برسوم مبهجة تعبر عن مقامة الأطفال للمرض لتبعث الأمل في نفس كل ما يلمحها ويتمنى الأفضل.
ووسط الموجودين في الحفل لمحنا الحاجة "ماجدة" وابنتها "منى" ترتسم السعادة على وجهها وفي يديها وردة اقتربنا منها لتهنئتها بعيد الأم قالت "أنا سعيدة جدًا أني حضرت الحفلة النهاردة وأنهم دعوني كلهم ناس محترمين وبيعاملوني كأني أمهم أنا بتعالج منذ أكثر من سنة كنت استأصلت الثدي وللأسف اكتشفوا أن المرض عاد مرة أخرى وباخد كيماوي، عندي أربع بنات ربنا يخليهم ليا و "منى" هي اللي بتيجي وتروح معايا لأني من شربين، مبتسبنيش أبدا، هي خريجة حقوق وسابت شغلها عشاني، ربنا يعافيها ويشفيها هي كمان ادعولها.. النهاردة عيد الأم بس أنا عاوزاها هي تبقى كويسه".
وفي مستشفى أطفال المنصورة وتحديدًا في وحدة الغسيل الكلوي يتكرر المشهد أمهات بدرجة مقاتلات يتحملن الكثير من أجل أطفال يعانين رغم أن أعمار بعضهن لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، تروي أسماء بشار من قسم التمريض بالوحدة، النماذج كثيرة جدًا فأم فاطمة المريضة بالفشل الكلوي والتي تغسل 3 أيام أسبوعيًا، ابنتها أيضًا تعاني من نفس المرض وتغسل أيضًا 3 أيام أسبوعيًا وزوجها لأنه مريض بالسكر وحالته سيئة فهي اختارت أيام غسيلها غير أيام ابنتها لكي تتمكن من مراعاتها وتخفي ألمها عنها وتقضي 6 أيام في الغسيل التي تستغرق أحيانا المرة 3 ساعات وأكثر فهؤلاء نعجز وصفهم وتستحق لقب أم مثالية بجدارة.
أيضًا داخل الوحدة تواظب عدد من المتطوعات وهيئة التمريض اللاتي ربطت بينهن وبين الأطفال علاقة محبة واضحة للعيان، فهن يذاكرن للأطفال أيام الامتحانات ويحكين الحكايات ويعددن "الإطعام" ويوفرن "الكسوة" أحيانًا مع بداية الفصول، خاصة الشتاء واضطرار الأطفال للبقاء لساعات على مقاعد الغسيل، والألعاب بجانب الترفية عنهم بالشخصيات الكرتونية، وهذا ما تبدع فيه ريهام عزت، ونيفين السماحي، وأمل مجدي، وفاطمة أحمد، والعديد من الفرق الخيرية التي تتسابق لتلبية احتياجات الأطفال.
الحاجة ماجدة وابنتها منى ريهام عزت وأطفال وحدة الغسيل الكلوي نيفين السماحي وشخصيات كرتونية لإسعاد الأطفال البسمة على وجوه الأطفال وذويهم ريم حبيب منار عادل و "الأورام بالألوان" .