يقول الله سبحانه وتعالى: "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ" (الأعراف 143)
نحن هنا أمام ظاهرة كونية فريدة الوجود، فسيناء هي الأرض الوحيدة في الكون التي تجلى فيها المولى الكريم لنبيه موسى "عليه السلام" الذي خر صعقًا، ويكفي هذا فخرًا لسيناء ولمصر..
ولكن المولى الكريم يضيف لأرض سيناء ميزة أخرى؛ وهي مناداة سيدنا موسى فيها بقوله سبحانه وتعالى: "وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ * إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى"
وهنا نادى المولى الكريم على نبيه موسى في أرض سيناء – التي تجلى فيها المولى الكريم، وفيها تحدث مع نبيه موسى، ولذلك وصفها المولى سبحانه وتعالى بالوادي المقدس .. وهذان مصدران آخران للفخر؛ حديث المولى الكريم وصفها بالوادي المقدس، ووصفها مرة أخرى بالبقعة المباركة في قوله تعالى "فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ" (القصص30).
ثم أقسم الله تعالى في قوله "وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ"، كما قال تعالى "وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ"، المؤمنين
ويقول الله سبحانه وتعالى: "وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا"
وسيناء مر بها العديد من أنبياء الله سبحانه وتعالى؛ حيث تذكر التوراة مسيرة سيدنا إبراهيم خليل الله من الشام لمصر عبر سيناء؛ ويذكر القرآن الكريم رحلة سيدنا يوسف وهو طفل، كما يذكر استقبال يوسف لأبيه يعقوب عند الحدود الشرقية، ولكل ذلك جاء في القرآن الكريم ".. ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ" (يوسف 99) وشهدت العديد من أنبياء بني إسرائيل، وفي مقدمتهم سيدنا موسى، حيث نزلت التوراة على سيدنا موسى في الطور وأخاه هارون، وفيها انبجست اثنتا عشرة عينا لقوم سيدنا موسى، وفيها عبرت سيدتنا مريم بالسيد المسيح لمصر، وعبرها سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" في الإسراء والمعراج.
هذه هي سيناء فهي:
1- الأرض التي تجلى فيها رب الوجود.
2- الأرض التي كلم فيها المولى سيدنا موسى.
3- الأرض التي وصفها الله سبحانه وتعالى بالأرض المقدسة.
4- الأرض التي وصفها الله سبحانه وتعالى بالبقعة المباركة.
5- الأرض التي أقسم الله سبحانه وتعالى فيها (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ).
6- الأرض التي مر بها العديد من الأنبياء من سيدنا إبراهيم إلى سيدنا يوسف وسيدنا يعقوب إلى سيدنا موسى إلى سيدنا المسيح إلى سيدنا محمد عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام.
هذه مكانة سيناء الأرض المقدسة المباركة أرض الأنبياء عند المولى الكريم وفي الكتب المقدسة، وهذا يكفي لأن نقول سيناء أولًا وثانيًا وثالثًا، وسيناء يجب الاهتمام بها قبل القاهرة، أو أي مكان آخر في مصر، والجميع يعلم أو يجب أن يعلم أنها البوابة الشرقية والأهم والأخطر على حدود مصر كلها تاريخيًا ومستقبلًا وحماية وتأمين سيناء تأمين وحماية حاضر ومستقبل مصر كلها، هذه حقائق الجغرافيا، وخلاصة التاريخ وحضارة مصر كلها مرتبطة بسيناء.. ومن أجل كل ذلك سيناء لابد أن تكون أولا.