بعد حادث مستشفى بنها.. المصاعد تتحول لنعوش طائرة بين السماء والأرض

4-2-2018 | 00:28
بعد حادث مستشفى بنها المصاعد تتحول لنعوش طائرة بين السماء والأرضحادث سقوط أسانسير
كمال مراد

سقوط مصعد مستشفي بنها الجامعي، ووفاة 7 أشخاص، ونجاة لاعبي فريق كرة القدم الأول، بنادي بني سويف، من موت محقق بعد سقوط مصعد قاعة مؤتمرات بالمحافظ؛ لتتحول المصاعد لنعوش طائرة بين السماء والأرض.

موضوعات مقترحة

تكرر حوادث سقوط المصاعد، فتح ملف صيانة المصاعد في مصر، وهل يتم اتباع عوامل الأمان في تركيب وصيانتها، وما هي الجهة المسئولة عنها، لاسيما أنها تحمل المئات يومياً، أثناء الصعود والهبوط في المصالح الحكومية، وفي الأبراج السكنية.

"بوابة الأهرام" تحدثت مع عدد من العاملين في تركيب وصيانة المصاعد، الذين أكدوا أن ثقافة الصيانة للمصاعد بشكل دوري، تكاد تكون منعدمة، وأن السوق مليء بقطع الغيار المضروبة، والشركات غير المعتمدة، ومنعدمي الضمير الذين يعرضون حياة الناس للخطر.

يعتبر عم "قاسم"، واحد من أهم العاملين، في مجال صيانة المصاعد، يمتلك الرجل أدوات مهنته، التي بدأها وهو شاب صغير، واليوم عمره 70 عامًا، قضي منها 50 عامًا  في مهنة صيانة المصاعد وتركيبها.

اسمه بالكامل قاسم أحمد علي، رجل أشيب، يعرف كل صغيرة وكبيرة في المصعد، من مجرد سماع صوت حركته، أو فتح بابه، عمل داخل مصر لفترة، ومارس عمله في عدد من الدول العربية.

عوامل الأمان سبب سقوط مصعد مستشفي بنها
فسر عم قاسم، سبب سقوط مصاعد مستشفي بنها، لعدم وجود عوامل الأمان، المتعارف عليها في تصميم وتركيب المصاعد دولياً، ومنها وجود "برشوط" يعمل في حالة الطوارئ، أو فرامل تتولي إيقاف المصاعد علي القضبان، مشيرًا إلي أن وجود الفرامل كان سيمنع الحادث، ولكن قضاء وقدر.

وأضاف عم قاسم، أن ثقافة الصيانة مفتقدة تمامًا  لدى المصريين بشكل عام، ولا يتم إجراء الصيانة، إلا بعد تعطل الجهاز بشكل تام، مشيرًا إلي أن المصاعد تحمل أرواحًا كل يوم، ولا يجب أن يتم التعامل معها بهذه الاستهانة، لأنها ليست جهازًا منزليًا سيتعطل، دون إحداث إصابات أو تلفيات.

وأشار إلي أن هناك فوضي في سوق صيانة المصاعد، ولا توجد جهة للرقابة علي المصاعد، هذا بخلاف دول الخليج، التي تتولي الحماية المدنية بهذه الدول، تسلم المصاعد والكشف عليها، وتكون الشركة التي تولت التركيب مسئولة بموجب القانون، أما في مصر، فيتولي الحي استلام الترخيص ومراجعته فقط.

فوضي سوق الصيانة وقطع غيار مضروبة
أكد عم قاسم، أن هناك فوضي عارمة في سوق صيانة المصاعد بمصر، فلا توجد صيانة معتمدة، تستخدم قطع غيار أصلية ومضمونة، مشيرًا إلي أن الشركات الكبيرة في مجال صيانة المصاعد، لا يتعدى عددها عدد أصابع اليد والواحدة، وتتبع هذه الشركات قواعد صارمة في الصيانة، تصل لحد الفصل للعامل إذا أخطأ، لأن الخطأ يعني حياة الناس.

وأضاف فني المصاعد، أنه من خلال عمله، علي مدار 50 عامًا في مصر، لاحظ دخول أشخاص وشركات، لا يمتلكون الخبرة الكافية في صيانة المصاعد، ويتسببون في وقوع حوادث وكوارث، مشيرًا إلي أن أخطر ما يقومون به، هو تعطيل عوامل الأمان، لضمان عمل المصعد لفترة كبيرة، دون حدوث أعطال.

وأوضح أن المصعد الذي توجد به عوامل أمان، بمجرد حدوث أي عطل يتوقف عن العمل تمامًا، لحين تدخل الفني وإصلاحها، ولهذا السبب يقوم البعض بإلغاء عوامل الأمان، بمنطق إرضاء العميل.

ولفت عم قاسم، إلى أن أخطر ما في القضية، هو ارتفاع أسعار قطع الغيار، ووجود قطع غيار مضروبة وغير معتمدة في السوق، والتي يلجأ لها العميل أو اتحاد الملاك، لتقليل النفقات، أو يقوم بتركيبها فني عديم الضمير.

وطلب فني الصيانة، الذي قضي عمره في هذه المهني، بضرورة تدخل الحكومة، لإحكام سيطرتها علي سوق المصاعد، التي لا تقل مخاطرها وحوادثها، عن حوادث السيارات، وذلك من خلال وجود جهة مسئولة، تقوم باعتماد الشركات العاملة في مجال الصيانة والتصنيع، وتتابع وتراقب عمل المصاعد.

صاحب شركة: ثقافة الصيانة منعدمة في مجال المصاعد
لا يعرف الكثير من المصريين، ثقافة صيانة المصاعد بشكل دوري، لضمان عملها بكفاءة، وعدم تعطلها أو تعريض حياة من يستخدمونها للخطر، ويحقق أصحاب العقارات والأبراج السكنية، هامش ربح كبير، من وراء الاستعانة بمصاعد ضعيفة الكفاءة أو مستعملة.

قال المهندس مجدي جابر، صاحب إحدى شركات توريد المصاعد، التي تعمل في السوق منذ 1989، إن ثقافة الصيانة للمصاعد بشكل دوري، تكاد تكون منعدمة للأسف، لدي قطاع كبير من المصريين، مؤكدًا ضرورة إجراء الصيانة للمصعد، خلال فترة لا تقل عن شهر، ويقوم بها عامل فني ذو خبرة وموثوق في عمله.

وأضاف جابر، في تصريحات لـ "بوابة الأهرام"، أن مهنة صيانة المصاعد، يعمل بها دخلاء لا علاقة لهم بالمهنة، ويعملون من خلال الهاتف المحمول بدون مقر أو أوراق معتمدة، مشيرًا إلي أن الشركات الكبرى المعتمدة، تكون ترخيصًا من اتحاد مقاولي التشييد والبناء، ولديها سابقة أعمال معتمدة، ورخصة مزاولة مهنة.

وأكد صاحب شركة توريد المصاعد، أن شركته دورها هو معاينة العقار، وتحديد نوع وقوة المصعد المناسب لها، وتحديد سعره وإمكاناته للعميل، لافتًا إلي أن الكثير من العملاء لا يستمعون للنصيحة، بشراء أنواع معتمدة، ويلجأون لشراء أنواع رخيصة لا تتناسب مع عقاراتهم، وهو ما يؤدي لكثير من الحوادث.

ويستطرد صاحب الشركة، أن أكبر مثال علي التلاعب في هذه المهنة، هو العقارات الموجودة مناطق مثل الهرم وفيصل، وغيرها من المناطق التي يوجد فيها أبراج سكنية، حديثة الإنشاء، حيث يحصل صاحب العقار علي ثمن المصعد، ويقتطع جزءًا من المبلغ الذي دفعه السكان، لتحقيق هامش ربح، ويشتري مكينة قديمة مستعملة، ويركبها علي كبينة جديدة، دون أن يعلم السكان.

اتحاد الصناعات: الحل الصيانة الدورية والاعتماد علي المنتج المصري 
أما محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية، باتحاد الصناعات المصرية، فقد أكد ضرورة معرفة سبب سقوط مصعد مستشفي بنها الجامعي، هل هي غياب الصيانة، أو عطل فني، أو انتهاء العمر الافتراضي للمصعد، أم الحمولة الزائدة.

وأضاف في تصريحات لـ "بوابة الأهرام"، أن المجتمع المصري، لا توجد لديه ثقافة الصيانة الدورية، وهو شيء لا يصح، لاسيما إذا كنا نتعامل مع أرواح بشر، يستخدمون المصاعد بشكل دوري في الصعود والهبوط.
وأشار إلي أن الاعتماد علي المنتج المصري، في تركيب وصيانة المصاعد، سيكون له دور كبير، لحماية المصريين من مخاطر المصاعد، لأن الشركة الأجنبية، تقوم بتركيب المصعد، وتتركه بعد ذلك بدون توفير قطع الغيار أو الصيانة، أو بسبب انسحابها من السوق المصري لأي سبب.

ولفت إلي أن مصر بها صناعة متميزة للمصاعد، بأيد مصرية يتم تصديرها للخارج، وتتوفر قطع غيارها بأسعار أقل من المستوردة، ولذا يجب تدعيم هذه الشركات بشكل قوي، لحصولها علي مناقصات الجهات الحكومية والأهلية، وتطبيق القانون رقم 5 لسنة 2015، الخاص بتفضيل الشركات المصرية عن الأجنبية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: