في يوم التسامح العالمي.. كيف بحث خادم أجزخانة "إمبريال" بمصر عن الرأفة دون جدوى؟ | صور

18-11-2017 | 00:50
في يوم التسامح العالمي كيف بحث خادم أجزخانة إمبريال بمصر عن الرأفة دون جدوى؟ | صورشارع الموسكي القاهرة
قنا - محمود الدسوقي

رغم أن عبدالله السوداني عمل كثيرًا كخادم أمين منذ أن كان صبيًا في أجزخانة "إمبريال" الكائنة بشرع الموسكي بالقاهرة، إلا أنه تم عقابه علي خطأ لم يرتكبه، حاول دون جدوى أن يثبت لصاحب الصيدلية الفرنسي مسيو "ليون باغوصيان" أن مبلغ 40 جنيها و72 قرشا و21 مليما ضاع منه لأسباب كبيرة ربما بسبب كبر سنه، ربما لأن القاهرة التي تطورت في أربعينيات القرن الماضي جعلت للسارقين أسلحة أخرى لا يستطيع أن يواجهها.

موضوعات مقترحة

كان العالم كله مشغولًا بالحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، وكانت الجاليات الأجنبية في مصر والتي كانت تسيطر على الاقتصاد المصري مشغولة بانتصارات ألمانيا النازية واحتلالها عدة دول أوروبية فيما كانت مصر الواقعة تحت الاحتلال الإنجليزي آنذاك تتلقى تهديدًا مباشرًا بغزوها من قبل إيطاليا من خلال الصحراء الغربية، إذ كان العالم كله مشتعلًا ومشدود الأعصاب ومشحونًا أيضًا بالكراهية، وهو العالم الذي عايشه عبدالله السوداني.

تقول الوثيقة النادرة التي تنشرها "بوابة الأهرام"، إن عبدالله السوداني الخادم في الصيدلية تسلم قيمة إيرادات البيع في الساعة السابعة والدقيقة الخامسة من حضرة المسيو "ليون باغوصيان" لتسليم المبلغ لإدارة المخزن العمومي بشارع فؤاد الأول بالقاهرة وفي تمام الساعة السابعة و10 دقائق توجه الخادم بالمبلغ "في مسافة تقدر بساعة إلا ربع" وصل عبدالله السوداني لإدارة المخزن العمومي، لكن الوثيقة لا تسرد المواصلة التي استقلها إلا إنها تؤكد أنه حال قيامه بتوريد المبلغ لإدارة المخزن وجده مفقودًا منه.

عاش السوداني في رعب شديد وحيرة، متمنيًا لو أن يسامحه صاحب الصيدلية المسيو "ليون باغوصيان" أو يأخذه من يده لأقرب قسم شرطة لتحرير محضر كي تبحث الشرطة عن السارق الذي سرق من خادم أمين مبلغا لا يحتمل تسديده. 

قام صاحب الأجزخانة ( الصيدلية ) بإجبار عبدالله السوداني على توقيع وصل أمانة يحوي الدمغات البريدية الملكية في ذات اليوم حيث قام بالتوقيع على واقعة السرقة في 25 أكتوبر عام 1941م، ولأن عبدالله الخادم لا يملك هذا المبلغ فقد رأف بحاله في تقسيطه للمبلغ بواقع 2 جنيه مصري شهريًا، وقام عبدالله السوداني بالأمضاء بتعهد شخصي قائلا "إذا تأخرت عن التسديد أكون ملزما بالإجراءات القانونية"، موقعًا عليه إمضاءه بخط كبير. 

بصعوبة قام عبدالله السوداني بكتابة اسمه، فهو شخص لم يتقن القراءة ولا الكتابة ولم يكن سوى مجرد خادم أمين يقوم بتوصيل طلبات الصيدلية والتركيبات الكيماوية التي تحتاجها الأدوية آنذاك، كما أن الوثيقة لم تخبرنا عن مقدار ما يتقاضاه كخادم أمين في الصيدلية إلا إن ورقة صفراء منفصلة عن وصل الأمانة تظهر أنه كان عليه أن يبحث عن شخص أجنبي يقرضه مبلغ 20 جنيهًا دفعة واحدة كي يسدد نصف المبلغ كي يحتمل الحياة براتبه القليل.

توجه عبدالله السوداني بعد الواقعة في 29 أكتوبر إلى الخواجة "إدوارد شبسر" صاحب مخزن أدوية "أمبريال" بشارع فؤاد الأول، وقام باستعطافه فقام بإقراضه مبلغ 20 جنيهًا و72 قرشًا، حيث قام الخواجة بأخذ تعهد من عبدالله السوداني أن المبلغ عبارة عن دين وأنه ملزم بتسديده وأنه لا يجوز السماح في الإهمال.

هل استمر عبدالله السوداني الخادم الأمين يبحث عمن يسامحه في مبلغ التهمته أيادٍ ملعونة فأوقعوه في حيرة؟ هل احتمل أن يسدد المبالغ الطائلة التي اقترضها من أجل تسديد مبلغ ضاع منه بسبب شيخوخته واتقان السارقين للحيل البارعة، سؤال لم تجبنا عنه الوثيقة الصفراء رغم أن العالم يحتفل في مثل هذه الأوقات باليوم العالمي للتسامح.


   

كلمات البحث
اقرأ ايضا: