أزمات كثيرة قد تقف غصة في المعركة الانتخابية على منصب مدير عام اليونسكو، التي تشهدها العاصمة الفرنسية، باريس، غدًا الاثنين، إذ تنحصر المنافسة على منصب مدير عام اليونسكو بين ثمانية مرشحين من مصر وفرنسا والصين وأذربيجان وفيتنام وجواتيمالا ولبنان وقطر، وذلك بعد انسحاب المرشح العراقي لصالح مصر، وسط انتقادات مصرية وعربية بسبب الدفع بمرشح فرنسي في الانتخابات (دولة المقر)، وإعلان إيرينا بوكوفا (المدير الحالي) دعمها للمرشح الصيني.
موضوعات مقترحة
غير أن سؤالا يُطرح قبل ساعات من انطلاق الانتخابات، حول تأثير أزمة التمويل وانعكاساتها على العملية الانتخابية، بخاصة بعد قطع الولايات المتحدة الأمريكية تمويلها للمنظمة الذي يقدر بنسبة 22% من إجمالي ميزانية المنظمة (يقدر بنسبة ستين مليون دولار)، بسبب منح المنظمة، "فلسطين المحتلة" عضوية كاملة فيها، مما دفع المنظمة إلى تقليص أنشطتها في مجالات الثقافة والتعليم، عقب ضربة قطع التمويل.
صحيفتا "ذا صن دايلي" و"ذا إندبيندت"، نشرتا تقريرين الأربعاء والخميس الماضيين، استعرضتا فيهما أزمة التمويل وتسييس المنظمة بسبب القرار الصادم لبعض الأعضاء بمنح فلسطين عضوية كاملة، إذ أوضح التقريران أن المنظمة أغضبت إسرائيل وحليفتها القوية الولايات المتحدة الأمريكية بسبب هذا القرار، وازدادت حالة الغضب الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، حين قررت اليونسكو إدراج البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي.
وبحسب التقريرين، قال فرانسوا تشوبيت، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة باريس، إن أحد التحديات الرئيسية للمدير الجديد سيكون "إعادة الولايات المتحدة".
كما خفضت اليابان التمويل بعد أن انتقدت قرار اليونسكو في عام 2015 لتذكر مجزرة نانجينغ الصينية عام 1937 على يد القوات اليابانية في سجل ذاكرة العالم. وقال تشوبيت "المنظمة كانت دائمًا تمزقها صراعات النفوذ، بخاصة خلال الحرب الباردة وفترة إنهاء الاستعمار".
وحذرت فيرا الخوري المرشحة اللبنانية التي حلت محل المدير العام المنتهية ولايته إيرينا بوكوفا من أن مصداقية الأمم المتحدة ستعاني إذا لم "تقلل من تسييس إجراءاتها".
وقال دبلوماسي لوكالة فرانس برس إن "جميع المرشحين يوافقون على ضرورة ايجاد سبيل لإنهاء هذا التسييس".
ويعترف معظم المرشحين بأن المنظمة ذات 71 عامًا، تحتاج إلى إصلاح، كما أنها تُتهم بالبيروقراطية المتضخمة وعدم الكفاءة.
ودعا تشيان تانغ المرشح الصينى إلى "إصلاح شامل" فى مقال نشرته صحيفة ديلى تليجراف البريطانية. وقال تانغ، إن برامج المنظمة "تحتاج إلى أن تكون أكثر تركيزًا" بينما "يتعين على الإجراءات الإدارية زيادة الشفافية والمساءلة".
وبحسب التقرير، اشتكت الدول العربية من أن اليونسكو لم يكن لديها قط مدير عربي على مدار دوراتها منذ إنشائها، ومع ذلك، فإن اليونسكو لا تلتزم بالتناوب التقليدي من قبل المنطقة العالمية لرئيسها، على عكس الأمين العام للأمم المتحدة.
إشكالية "السياسة والثقافة والفصل بينهما"، - وهي إشكالية أبدية محل بحث دائم من قِبل النُقاد والمنظرين- تبدو أبرز أزمات منظمة "اليونسكو"، التابعة بدورها للأمم المتحدة، في ثوب ثقافي، فما تعتبره وتدينه المنظمة لأعمال تهدد الآثار والمناطق التراثية في العالم، قد يؤخذ على منحى سياسي تنتقده الدول المتضررة من الإدانة أو فعل إدراج المعالم التراثية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، على سبيل المثال "مدينة الخليل".
فهل تعصف أزمة التمويل بنزاهة انتخابات اليونسكو هذا العام وتدفع الأصوات مرشحا أكثر قدرة على جذب التمويل والدعم المادي للمنظمة التي تقلص نشاطها أخيرًا؟ الإجابة عن هذا السؤال بعد أيام قليلة.