في عام 1922م، نشرت الصحف المصرية مساجلات أثرية وثقافية، بين عدد من المثقفين المصريين، بعد قيام الكاتب مصطفى منير أدهم، بنشر مقال عن بناء مدينة منف، وتأكيده في المقال، أنه لولا قيام الملك مينا، موحد القطرين، بتحويل مجرى نهر النيل في منف، لما أمكن نقل الأحجار الكبيرة لبناء الأهرامات في الجيزة.
موضوعات مقترحة
وأضاف منير بك، أنه حين أراد الملك مينا أن يحول النيل عن مجراه، من الغرب إلى الشرق، بني رأساً عظيماً في جنوب سقارة بالجيزة، ممتداً من الصحراء غربا، ومعارضا للنيل، في أيام تحاريقه، حتى إذا جاء الفيضان، وعارض ماء النيل من ذلك الرأس، اندفع تياره إلي الشرق، وقد تخلف عن هذا التحويل – حسب وصف منير - تكوين جزيرة عظيمة قريبة من ميت رهينة، فأعجب الملك بهذه الجزيرة، وفكر أن تكون عاصمة ملكه، لافتا، أنه ساعد اليم الواقع غرب منف، علي حمل الأحجار من محاجر المعصرة لبناء الأهرامات، بالإضافة إلي أفرع النيل الأخرى.
كانت صحيفة "ميل أون صنداي" البريطانية، انفردت منذ عدة أيام، بنشر تقرير مفصل، بخصوص كشف علماء الآثار لأسرار بناء الهرم الأعظم في الجيزة، الذي يعد من أقدم معجزات العالم القديم السبع، التي ما زالت ماثلة أمامنا.
وقالت كاتبة التقرير كلوديا جوزيف" إن "العثور على بردية قديمة، كشف الكثير عن كيفية بناء الهرم، الذي يبلغ ارتفاعه 481 قدما، ويعد أكبر الأهرامات، وظل حتى العصور الوسطى أكبر هيكل صنعه الإنسان على الأرض، حيث اكتشف العلماء في البردية البنية التحتية التي استخدمها بناة الأهرامات، باستخدام شبكة قنوات مائية شقت من نهر النيل، حتى موقع بناء الهرم، سارت فيها قوارب خاصة لنقل الأحجار، وتقول كاتبة التقرير، إن المادة الأثرية المفصلة، تظهر لنا أن آلاف العمال المدربين نقلوا 170 ألف طن من الأحجار الكلسية، عبر نهر النيل بقوارب خشبية، ربطت مع بعضها بالحبال، ومن ثم سارت في شبكة قنوات وصلت إلى قاعدة الهرم.
وأوضحت الصحيفة، أن البردية التى اكتشفت فى وادى الجرف، تضم يوميات كتبها أحد المشرفين على فريق يضم نحو 40 من العمال المحترفين المشاركين فى بناء الهرم، وتحكى كيف نقلت الأحجار من منطقة طره إلى الجيزة.
وتصف اليوميات، كيف شارك فريق العمل فى بناء سدود ضخمة، لتحويل مجرى ماء النيل باتجاه القناة التى شقت إلى موقع بناء الهرم، حيث تم نقل أحجار الصوان التى استخدمت فى البناء الداخلى للهرم من أسوان، من مسافة 533 ميلا عن الجيزة، أما الأحجار الكلسية من منطقة طرة على بعد 8 أميال، لكن علماء الآثار ظلوا يختلفون بشأن كيفية نقلها.
نرجع للمساجلات الثقافية والأثرية، التي أودها الكاتب مصطفي منير، في الصحف المصرية، في عشرينيات القرن الماضي، حيث أكد في مقاله الذي نشره بمجلة المقتطف، أن المهندس علي مبارك، حقق رواية المؤرخ هيردوت، الذي تحدث عن قيام مينا بتحويل مجرى النيل، حيث اكتشف علي مبارك، وجود مجري قديم، لا يزال باقياً حتي الآن، ممتدا من سفح الأهرامات في الجيزة حتي جنوب سقارة.
وأكد منير، أنه قبل قيام مينا بتحويل مجري النيل، كان المصريون يجلبون أحجارا مخالفة في البناء، لذا يوجد اختلاف كبير بين الأحجار التي بنيت بها أهرامات الجيزة، والقبور التي وجدت شمال الجيزة، قبل أن يتم تحويل مجري النيل في عصر مينا، ولما تحول النيل إلي الشرق، ترك خلفه اليم، الذي هو جزء من مجراه الأصلي بين منف وسفح الأهرامات، حيث تيسر للمصريين نقل أحجارهم، لافتا، إلى أنه إذا كان مينا حول مجري النيل، وتخلف عنه جزيرة، فإن الناصر قلاوون حول مجري النهر، وتخلفت عنه أراضي روض الفرج وجزيرة بدران والمنيرة.
وقد أخذ الخيال بالكاتب منير، فأورد أن اليم كان في منف، وقد ردم، وهو اليم الذي ألقت به أم سيدنا موسي به مخافة فرعون، مؤكدا، أن المصريين كانوا أهل حضارة، وقد اكتشفوا الغازات السامة وأشياء تشبه التليفون، وهو مادعا حسين بك لبيب مدرس التاريخ بمدرسة القضاء الشرعي، والكاتب محمد مختار حسين، متهمين مرادًا بأنه كتب في غير تخصصه، وأن ادعاءه أن المصريين اخترعوا التليفون، وأن سيدنا موسي عاش في منف افتراءات كاذبة ومحض خيال.
وأضاف الأثري فرنسيس أمين لــ"بوابة الأهرام"، أن نظرية نقل الفراعنة الأحجار، من خلال قنوات مائية، هي نظرية قديمة ظهرت منذ مئات السنين، لافتا، أن رائد الآثار ماسبيرو تحدث عنها، وكذلك الأثريون المصريون، مثل إسكندربدوي وأحمد نجيب بك وغيرهما.
وأوضح أمين، أن الاكتشاف الجديد الذي أوردته الصحيفة البريطانية، من خلال الأثري مارك ليهنر، يحدد حوض القناة الرئيسية التى يعتقد أنها كانت منطقة تسليم (الأحجار) الأولية فى هضبة الجيزة، وهذا اكتشاف أثري ومهم، لافتا أن الكتاب المصريين في القرن التاسع عشر، أخذوا ما أورده هيردوت، والمؤرخ مانيتون، بأن الفراعنة حولوا مجري النيل، وشقوا قنوات، وهي القنوات التي تم نقل الأحجار من خلالها.
وأكد، أن الاكتشاف الجديد حدد بدقة، كيف تم نقل الأحجار، ومن أي مكان، تم النقل، لافتا أن الشواهد الأثرية تؤكد، أنه في الأسرة الخامسة، تم الكثير من الأعمدة الأثرية من خلال أسوان للمساعدة في بناء الأهرامات، وهي الأعمدة التي تتواجد حاليا في المتحف المصري.