رحلة عناء خاضتها الطالبة نجلاء أحمد فرج، وهي الكفيفة، كي تحوز على درجة الماجستير، من خلال الرسالة التي ناقشتها منذ عدة أيام بكلية الآداب فى جامعة جنوب الوادي بعنوان "أثر كشف البصر في المبدع والمتلقي: دراسة تحليلة نقدية".
موضوعات مقترحة
كانت الباحثة نجلاء أحمد فرج حامد قد حصلت على درجة الماجستير برسالتها حول "أثر الإعاقة البصرية في المبدع والمتلقي" من كلية الآداب فى قنا جامعة جنوب الوادي، بدرجة امتياز، وضمت اللجنة المشرفة على الرسالة الدكتور محمد أبو الفضل بدران، أستاذ الأدب والنقد نائب رئيس جامعة جنوب الوادي لشئون التعليم والطلاب، والدكتور ثابت محمود هاشم، مدرس الأدب والنقد بقسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة جنوب الوادي، والدكتور لطفي فكري محمد محمود، أستاذ البلاغة والنقد والأدب جامعة الأزهر بقنا، ومحمود النوبي أحمد سليمان، أستاذ الأدب والنقد المساعد كلية الآداب بقنا جامعة جنوب الوادى.
تبدأ الحكاية من خطأ طبي جعل نجلاء في الظلام وعمرها 3 سنوات، لتعيش حياتها العلمية والعملية رافضة نظرة المجتمع للكفيف الذي تحصره كعاجز أو معاق، مؤكدة أن الإبداع العربي يعج بمئات الشعراء والأدباء الذين أنجزوا منجزا شعريا وأدبيا عظيما.
تقول نجلاء لــ"بوابة الأهرام " إنها حين تخرجت فى كلية الآداب عام 2012م لم تجد وظيفة، لذا قررت أن تنجز أطروحتها في الماجستير بمجهودها الذاتي، معتمدة على أموال والدها الموظف البسيط، لافتة إلى أن عدم وجود وظيفة لها ومورد مالي سيجعلها مجبرة أن تؤجل أطروحتها للدكتوراه.
وتضيف: "والدتي التي حازت على الابتدائية هي التي كانت تقرأ ليّ، ولكن في قراءة الشعر كنت اعتمد على صديقة، وكان عليّ أن أذهب للقاهرة كي أجلس بالأيام في مكتباتها بسبب قلة المكتبات والمراجع في محافظة قنا"، لافتة إلى أنها رغم إتقانها الكتابة والقراءة على الكمبيوتر بطريقة "برايل"، ورغم أنها كانت تحمل الكتب الصوتية وتستمع لها، فإنها كانت مجبرة على تصوير مئات المراجع النادرة من أموال والدها الموظف البسيط، كي تنهي رسالة الماجستير.
وترى الباحثة أن العالم العربي لا يسمع عن الأدباء والشعراء المكفوفين، ويقصرهم على طه حسين في العصر الحديث الذي كان ينظر للعمي على أنه آفة، أو أبو العلاء المعري "رهين المحبسين" الذي كان يقصر العمي بنظرة تشاؤمية، رغم أنهم بالمئات، أمثال الشاعر أبوالمغشي القرطبي، وهو شاعر أندلسي، وعلي ابن الحصري، وبشار ابن برد، وغيرهم .
وقد تحدثت رسالة الماجستير لـ"نجلاء" عن المكفوفين، وفرقت بين الكفيف في اللغة العربية والمبصر، كما فرقت بين الكفيف والمعاق الذي يعاني الصم وقلة السمع، كما استقت من القرآن الكريم المعاني التي ذكر فيها الكفيف، كما تحدثت بإسهاب عن معاناة الشخص الذي وقع عليه العمي بسبب حادث خارجي، مثل الشاعر أبي المغشي الاندلسي الذي تعرض للعمي وقطع لسانه بسبب هجائه أحد الأمراء، كما تحدثت بإسهاب عن الأشخاص الذين وقع عليهم العمي في أوقات متأخرة من مراحل عمرهم، مثل الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنه وأرضاه، ثم تطرقت إلي نظرة المجتمع في إبداع العميان.
وتقول الباحثة إن طه حسين في روايته "المعذبون في الأرض" وصف بإسهاب كبير الطبيعة ووصف كل شيء، مما يجعل المتلقي يشعر أن من كتب الرواية مبصرًا وليس كفيفًا، لافتة إلى أن الكفيف أبو راشد الضبي، الذي روي سيبويه عنه، كان أعمى وأعرج، عندما أهداه أحد الأشخاص عصي قال جملته الشهيرة "ومن لي بعصي للعمي".
وتكشف الباحثة أن الكفيف كان يمتاز بالقوة، وأن بعض العميان كانوا ضحايا لنظرة المجتمع لهم، مثل بشار ابن برد، لافتة إلى أن النظرة التشاؤمية للكفيف لم تكن تصاحب معظم الشعراء والأدباء العميان، ومطالبة بأن تهتم الحكومة بفئة المكفوفين، خاصة المبدعين، وأن تهيئ لهم الكثير كي يؤدوا دورهم في المجتمع، خاصة أن كل عام يتخرج المئات من الطالبات الكفيفات دون أن يجدن وظيفة أو رعاية حقيقية لمواهبهن وإبداعهن.
وأضاف الدكتور محمد أبو الفضل بدران لــ"بوابة الأهرام "، الذي كان مشرفا علي رسالة الماجستير، أن "نجلاء" تناولت موضوع كانت الأقدر في التعبير عنه، حيث تحدثت عن شعورها الحقيقي بالإبداع والتحليل، واستخدمت رؤية البصير للتعبير عن مكفوف البصر، واستطاعت أن تعبر عما نعجز عنه.
وطالب "بدران" بتغيير لفظ المعاق أو المعوق إلي المستطيع، لأن المستطيع أكثر لفظ إيجابي، ولا يحمل ظلما للقدرات، مثل لفظ المعاق.
الطالبة نجلاء أحمد فرج
الطالبة نجلاء أحمد فرج
الطالبة نجلاء أحمد فرج