Close ad

زيارات السيسي الخارجية تُعيد لمصر مكانتها الإستراتيجية

4-9-2017 | 18:04

تقاس مكانة الدولة وقيمتها الإستراتيجية بمدى انتشار علاقاتها الدبلوماسية، وما تحققه من علاقات ثنائية بين دول العالم، ومدى فاعلية ونشاط النظام السياسي بها وقدرته على تحقيق أهداف الشعب والتأثير في المشكلات الداخلية والإقليمية والعالمية.

ولقد قفز النظام السياسي المصري لمصر من حافة الدولة الفاشلة التي وصل إليها حال البلاد، والذي كان قد بدأ منذ عام 1994 بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق "حسني مبارك" في أديس أبابا لحضور مؤتمر القمة الإفريقية بالانعزال عن دول القارة الإفريقية التي تنتمي إليها مصر؛ مما سبب فراغًا كبيرًا للوجود المصري، الأمر الذي شكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.

واستعادت مصر مكانتها بتوسيع دورها الحيوي وعلاقاتها في دوائر الاهتمام العربي والأوروبي والآسيوي والإسلامي والعالمي والتي يأتي في مقدمتها علاقات مصر مع الدول الإفريقية.

أهمية الزيارة:
إن جولة الرئيس عبدالفتاح السيسي في الدول الإفريقية الأربع تعكس مدى الاهتمام المصري بالدول الإفريقية ككل، وليس فقط الدول المشاركة مع مصر في دول حوض النيل؛ حيث إن رواندا وتنزانيا من الدول المشاركة في الحوض، بينما تعد الجابون وتشاد من خارجه.

وتعد هذه الزيارة عودة لدور مصر الطبيعي الإستراتيجي والحيوي والاقتصادي وتعزيزًا لوجودها في الدول الإفريقية، وتهدف إلى زيادة التبادل التجاري والاستثمارات في مجال الزراعة، وتأمين مياه النيل، التي تعتبر أمنًا قوميًا خاصة في ظل تمسك الجانب الإثيوبي ببناء سدّ النهضة، كما أن إفريقيا أصبحت سوقًا واعدة للاستثمارات وبيع المنتجات، وكان على مصر أن تتواجد بها لتنمية العلاقات، ودفع مسيرة التنمية بين دول القارة.

العلاقات مع الدول الأربع:
يصل حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الأربع إلى 73 مليون دولار فقط عام 2016، منها 69 مليون دولار صادرات مصرية سنوية، و4 ملايين دولار حجم الاستيراد فقط - طبقًا لتصريحات المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة- ويتطلب الأمر إلقاء الضوء على طبيعة مستقبل العلاقات بين الدول الإفريقية.

تنزانيا:
تتمتع العلاقات المصرية - التنزانية بالتقارب الكبير بين البلدين كونهما من دول حوض نهر النيل، كما أن هناك لجنة عليا مشتركة تجتمع دوريًا لتدعيم أواصر العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين، وتقوم مصر بإرسال الخبراء المصريين والمعونات الفنية، خاصة في مجال الصناعات المعدنية والغذائية والتعدينية والزراعية والتكنولوجية، وتأهيل الكوادر الفنية المطلوبة للصناعة في تنزانيا.

رواندا:
تقع رواندا في منطقة البحيرات العظمى، ويصل مصر منها ما يقدر بنحو 16% من مياه نهر النيل، وتتميز العلاقات بين مصر ورواندا بالتنوع السياسي والاقتصادي والثقافي، علاوة على وجود عدد من القواسم المشتركة بين البلدين، بالإضافة إلى عضويتها في عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية منها تجمع الكوميسا، ومبادرة النيباد، والاتحاد الإفريقي، ومبادرة حوض النيل، وتعتبر من أنجح الدول الإفريقية؛ حيث حققت معدل نمو اقتصادي في نهاية عام 2015 وصل إلى 7.5%، وتتركز أهم صادرات مصر إلى رواندا في (المنتجات البترولية والأغذية المحفوظة والأثات ومواد الطلاء والبناء)، كما تصدر رواندا إلى مصر (الشاي والبن والأناناس والموز).

جابون:
لا توجد علاقات تجارية كبيرة بين مصر والجابون؛ نظرًا لبعد المسافة، وعدم وجود خطوط مواصلات مباشرة؛ حيث تستقبل الجابون 90% من تجارتها عبر ميناء "دوالا" في الكاميرون ثم تنتقل برًّا لنجامينا (1200كم)، وتقوم الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بتكثيف التعاون، وبناء قدرات الأشقاء في الجابون من خلال برامج تدريبية في المجالات المدنية والعسكرية، وقام الرئيس الجابوني في فبراير 2016 "علي بونجو" بزيارة لمصر لتعزيز العلاقات بين البلدين، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك.

تشاد:
تعتبر العلاقات المصرية - التشادية من العلاقات المميزة في القارة السمراء؛ ولذا تحرص مصر دائمًا على الاحتفاظ بهذه العلاقات وتقويتها في كافة المجالات، خاصة المجالات السياسية والأمنية؛ حيث إن تشاد تشكل جارًا جغرافيًا لليبيا جارة مصر، وتمثل عنصرًا مباشرًا للأمن القومي المصري، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وحرية التنقل والتدفق للعناصر الإرهابية إلى ليبيا عبر تشاد.

نتائج زيارة السيسي للدول الأربع:
تتركز نتائج زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الدول الأربع في الآتي:
1- تأكيد حقيقة موقف مصر تجاه قضية مياه النيل؛ حيث إنها تعد مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر؛ لأن مصر تدعم أشقاءها في دول حوض النيل بالقدرات والخبرات الفنية لتحقيق التنمية، وحرصها على تحقيق أكبر استفادة من النيل لجميع الدول دون إضرار بمصالح مصر المائية، وأن سياسة مصر الخارجية تقوم على عدم التدخل في شئون الدول الأخرى، وعدم التآمر، والعمل على حل الخلافات من خلال الحوار.
2- تبادل المعلومات عن الإرهابيين والعناصر المتطرفة، ومن يقدم لهم الدعم المادي واللوجستي من أجل محاربة الإرهاب بين دول القارة.
3- العمل على تفعيل قدرات الاتحاد الإفريقي واستقلاليته، ومحاصرة التنظيمات الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها.
4- تكثيف الجهود والتعاون في مجالات مكافحة الفساد، وتطوير الأداء الإداري للدولة القائم بين المؤسسات الرقابية وتبني الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
5- تعزيز العلاقات مع الدول الأربع في مختلف المجالات، والتعاون بين القطاعين العام والخاص في مجالات الاتصالات، والسياحة، والزراعة، والطاقة، وصيد الأسماك، والثروة الحيوانية، والصناعات الدوائية، والمستلزمات الطبية، والتعدين، وحفر الآبار وتعزيز حجم التبادل التجاري، وزيادة الاستثمارات المشتركة، والتدريب، والاستشارات الهندسية، ومشروعات البيئة التحتية، وإقامة المزارع المشتركة.
6- العمل على حل مشكلة اللاجئين في منطقة البحيرات العظمى وتوفير الدعم لدولي لها.
7- توجيه الدعوة للزعماء الأفارقة للمشاركة في المؤتمر الدولي للشباب ومنتدى إفريقيا 2017، والمقرر عقدهما في نوفمبر وديسمبر المقبلين.

كاتب المقال:
أستاذ الإستراتيجية والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا

اقرأ أيضًا:
حصاد زيارة الرئيس لمجموعة البريكس

كانت مشاركة مصر في قمة البريكس دلالة واضحة على ثقة قيادتنا السياسية بلا حدود في قدراتنا كشعب يعرف قدره ومكانته بين شعوب العالم، والتي تعبر عنها تحركات

صراع الحوثيين ضد قوات علي صالح باليمن

منذ عام 2014 اتحد علي عبدالله صالح بقواته مع الحوثيين في مواجهة قوات السلطة الشرعية لليمن برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي والتي تدعمها قوات التحالف العربى

الأكثر قراءة