أهالي وادي النطرون يروون مأساة استخراج ضحايا "حفرة الآثار".. "الشيخ" خدعهم وحياتهم الثمن | فيديو

3-8-2017 | 15:28
أهالي وادي النطرون يروون مأساة استخراج ضحايا حفرة الآثار الشيخ خدعهم وحياتهم الثمن | فيديوالتنقيب عن الأثار
أحمد السنى

عدة أشخاص قرروا الهروب من واقع الفقر إلى وهم الثراء السريع، اختاروا طريق البحث عن كنوز القدماء المدفونة، علهم يجدون منها ما يحطم أغلال فقرهم ويرتقي بهم إلي مرتبة "علية القوم"، لكن آمالهم تحطمت سريعا علي صخرة الموت، بعدما انهارت عليهم الحفرة التي ظنوا أنها الملاذ الأخير لتحقيق حلمهم.

موضوعات مقترحة

بعد عدة شعور من العمل المتواصل للتنقيب عن الأثار، والحفر لمسافة تصل لـ20 مترا تحت الأرض، بناءً علي تعليمات "الشيخ" والذي أكد لكل معاونيه أنه يري المقبرة الأثرية التي ستغير حياتهم في اليوم مئات المرات، يلقي في طريقهم الأمارة تلو الأخري ليزيد تعلقهم بذلك "الوهم"، وأثناء وجود 4 أشخاص داخل الحفرة وقع ما لم يكن في الحسبان، انهارت الرمال عليهم أسفل البئر، ليفقد 2 منهم، بينهما شرطي حياتهما بلا ثمن.

انتقلت "بوابة الأهرام" إلي مدينة وادي النطرون بمحافظة البحيرة، لمعرفة تفاصيل الحادث الذي أصبح حديث المدينة الصغيرة.

يروي محمد سعيد أبو وافي المحامي تفاصيل الحادث، ويقول "الثلاثاء الماضي سرت أخبار في المدينة عن انهيار حفرة علي 4 أشخاص أثناء بحثهم عن الأثار بمنطقة الرست هاوس، ورجال الشرطة والحماية المدنية يبذلون مجهودا خرافيا لاستخراجهم أحياء منها، انتقلت وعدد كبير من الأهالي لمتابعة عملية الإنقاذ".

"تفاءلنا بإنقاذ 2 من الحفرة بعد عدة ساعات من الحادث، في حالة صحية جيدة" هكذا عبر المحامي عن الحالة السائدة في المنطقة وقت الحادث، ويضيف، "تعثرت محاولات إنقاذ الشخصين الآخرين، لكن ظلت أصواتهما مسموعة داخل الحفرة، وظل الأمل موجود، وتم إمدادهم بأنابيب أكسجين للتنفس، حتي يتم إخراجهم لكن بعد مرور أكثر من 16 ساعة، بدأت أصواتهما تخبو رويدا رويدا، لكن البحث عنهما لم يتوقف، مع مراعاة أن عملية إنقاذهما صعبة للغاية، فالحفرة بقطر مترين تقريبا، ومبنية بالطوب بعمق 20 مترًا، وأي انهيار فيها بفعل معدات الحفر قد يتسبب في موت محقق للاثنين الموجودين أسفلها".

يضيف "أبو وافي" أنه في عصر يوم الأربعاء استطاع رجال الحماية المدنية استخراج أحد الشخصين في حالة يرثي لها "نجل الشيخ"، يتنفس بصعوبة شديدة، وجسده كله يكسوه اللون الأزرق، لكن للأسف الشديد فارق الحياة بعد خروجه بدقائق، وأخرجت جثة الشخص الأخير والذي يعمل شرطيًا صباح اليوم الخميس، أي بعد يومين من الحادث".

أما محمد الشابوري موظف بمستشفي وادي النطرون وأحد سكان منطقة الرست هاوس والذي تواجد بمحيط عملية الإنقاذ فيري أن المشكلة الحقيقية تكمن في هؤلاء "الشيوخ" والدجالين الذين يدعون قدرتهم علي رؤية الكنوز المدفونة في أعماق الأرض بمساعدة الجن، ويستغلون رغبة العامة في الثراء السريع، حتي يستقطبوهم لتنفيذ تلك العمليات المشبوهة، وفي النهاية يدفع ضحاياهم الثمن.

وتابع "الشابوري" أن الدجالين يستخدمون أمارات وأدلة فاسدة لإقناع الأشخاص بقدرته، مثلا يخبرون العاملين بالحفر أنهم سيجدون بعد عدة أمتار رمالًا صفراء، وبعدها أخري حمراء، وهي موجودة بحكم التكوين الجيولجي للتربة بالمنطقة، لكن ما أن يري العمال تلك الأمارات حتي يظنوا أنهم في الطريق الصحيح للكنز، ويتزايد أملهم وتعلقهم بالوهم، وتظل عملية استنزاف الأموال من مَن يصدقونهم جارية، حتي تقع مصيبة مثل التي حدثت الآن.

يقول محمد صلاح شاهين صاحب سنترال، إن مدينة وادي النطرون من أقدم المدن المصرية، وكان لها مكانة كبيرة في العصر الفرعوني، بسبب استخراج ملح النطرون المستخدم في تحنيط الموتى منها، لذلك فإن الأنشطة الممنوعة في التنقيب عن الأثار منتشرة في أنحاء المدينة، كلا يحبوه الأمل في أنه هو من سيعثر علي الكنز، وتساعد المكانة التاريخية للمدينة في تحريض سكانها علي البحث عن الآثار.

"محدش بيتعظ من اللي قبله" يقول "شاهين" للإشارة إلي حوادث سابقة مشابهة شهدتها المدينة الصغيرة، فمنذ عدة سنوات بإحدي قري المدينة وتسمي "البيضاء"، إنهار جرف رملي علي عدد من الأشخاص ولقي شخص مصرعه أثناء البحث عن الأثار، وبعدها بفترة انهيار رملي آخر علي 7 أشخاص أودي بحياة شخص، وأنقذ باقي رفقائه بعد مجهودات فائقة من الأهالي لإنقاذهم، خاصة أن الإسعانة بالشرطة في مثل تلك الحالة يكون صعب، نظرًا لأن نشاط التنقيب عن الآثار غير قانوني.

وينهي محمد صلاح بأن ظاهرة التنقيب عن الآثار منتشرة وبشدة في وادي النطرون، ويجب مواجهتها بكل حزم، وقعت حالات انهيار رملي مشابهة كثيرة، وتسببت في إصابة الكثير، مع العلم أنه لا يوجد شخص استطاع الوصول إلي "الكنز" ومع ذلك، يحدث الأمر مرارًا وتكرارًا، والثمن أرواح الموهومين في الأرض.

ومن جانبه صرح مصدر أمني - رفض ذكر اسمه - أن قوات الأمن بوادي النطرون ألقت القبض علي 5 أشخاص من بينهم صاحب المنزل الذي تمت به عملية الحفر وزوجته، والمصابين الذين تم إنقاذهما "بينهما الشيخ المسئول عن الحفر" بالإضافة إلي شخص آخر اشترك معهم في الواقعة، وتجري النيابة تحقيقاتها حول الواقعة للوقوف علي ظروفها وملابساتها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة