Close ad

"وصفة" سحرية للأزمة الاقتصادية

4-5-2017 | 23:46

في يوميات الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، هناك سؤال يطرح نفسه على صانع القرار الاقتصادي، وهو كيف تتم السيطرة على التضخم الذى سجل رقمًا قياسيًا بتجاوزه الـ30% لأول مرة منذ عقود؟..

 والتضخم هو عرض لمرض نتج بفعل الإجراءات الاقتصادية المؤلمة التي تم اتخاذها، وبلغت ذروتها بتحرير سعر الصرف كليًا ما ترتب عليه ارتفاع جنوني في الأسعار، وأصبحت الأموال الكثيرة لا تكفي إلا شراء سلع قليلة.

 وفقًا لرؤية صندوق النقد الدولي الاستشاري الذي تم التعاقد معه على العلاج، فإن مواجهة هذا الأمر تتم عبر رفع سعر الفائدة بالبنوك، وذلك لدفع أصحاب المدخرات إلى تحويل أموالهم للبنوك، والاستفادة من الفائدة الكبيرة, وبالتالي يتم امتصاص السيولة من السوق؛ مما ينتج عنه انخفاض في معدل التضخم.

 تلك هي "روشتة" صندوق النقد للخروج من مأزق التضخم، لكن هذا الاستشارى غالبًا لا يراعي الآثار الجانبية للعلاج، بل ولا يهتم بالتداعيات المترتبة عليها، كما أن هذه "الروشتة" ليست بالضرورة أن تكون مضمونة النتائج.

 إذ هناك نظريات أخرى أكثر واقعية تقول إن رفع سعر الفائدة ستترتب عليه أعباء أكثر خطورة من التضخم، وهي زيادة تكلفة الاستثمار والإنتاج؛ بمعنى أن أي مستثمر يرغب في الحصول على قرض سيفكر ألف مرة قبل أن يطرق أبواب البنوك؛ نظرًا لارتفاع سعر الفائدة وفي الوقت نفسه فإن الاقتصاد المصري لن يدرك الاستقرار إلا من خلال زيادة في الاستثمار والإنتاج.

 ومن المفارقات أن هذه المقترحات تأتي بالتزامن مع قانون الاستثمار الجديد الذي يفترض أن الهدف منه تحفيز المستثمرين.

 كما أن تكديس الأموال في البنوك دون إعادة ضخها مرة أخرى في استثمارات ومشروعات يمثل عبئًا على البنوك التي ستجد نفسها ملزمة بدفع فوائد عالية على أموال غير مستثمرة، بالنظر إلى ضعف نسبة الائتمان الممنوح من البنوك للقطاع الخاص.

 يا سادة هناك فارق كبير بين صناعة القرار، وتصنيع الأفكار.. وشتان بين ما يجري على الأرض من تداعيات اقتصادية، وما تقوم به الحكومة من سياسات وإجراءات, وربما مراجعة أمينة لتصريحات الوزراء في المجموعة الاقتصادية، سنكتشف حجم التناقضات وتضارب البيانات، وكأنه لا سياسة مدروسة، ولا إجراءات محسوبة.. فتارة يقول وزير المالية إن التضخم سيتراجع فى يونيو المقبل، وحين بدا في الأفق أنه لن يتراجع، عاد وقال إنه يتوقع انخفاضه في ديسمبر.. بينما لا توجد خطط ناجزة وتحركات سريعة؛ لإعطاء دفعة قوية للإنتاج تنتشل الاقتصاد من حالة الركود والكساد التي تضرب بعنف في أركانه، وترسم خارطة واضحة تحقق التنمية وترفع النمو؛ لإن التحدي الكبير الذي يواجه الاقتصاد هو زيادة معدل النمو إلى أكثر من 7%، وهذا لن يتأتى إلا من خلال مناخ جاذب للاستثمار، سواء المحلي أو الأجنبي.

 ولعل ما نشره الدكتور محمود محيي الدين نائب رئيس البنك الدولى مؤخرًا لملخص دراسة قام بها مع 20 خبيرًا وقيادة تنفيذية من 17 دولة، برئاسة البروفسور مايكل سبنس الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، حول عوامل نجاح تحقيق النمو، وحددها في 5 مكونات تمثل "الوصفة" السحرية للأزمة الاقتصادية، حيث تبين أن دولًا حققت نجاحًا في النمو مثل اليابان وكوريا وسنغافورة وغيرها اشتركت فيها.. وتشمل هذه المكونات التي يجب توافرها لتحقيق النجاح:

 - تحقيق معدلات عالية لتراكم المدخرات والاستثمارات المحلية وبتوجه نحو المستقبل تطويرًا للتعليم والصحة والبنية الأساسية.

- الاستقرار الاقتصادي الكلي بالسيطرة على عجزي الموازنة وميزان المدفوعات ومعدلات التضخم.

- الاندماج في الاقتصاد العالمي تصديرًا وجذبًا للاستثمارات، وكسبًا للمعارف.

- الاعتماد على الأسواق المنظمة في توجيه الموارد الاقتصادية.

- وجود حكومات ذات كفاءة ومصداقية، ملتزمة من خلال مؤسساتها بتحقيق أهداف التنمية.

..هذا ما توصلت إليه الدراسة.. فهل هذا الكلام الذي يعد خلاصة تجارب الدول التي أدركت النجاح يتحقق في مصر.. أم أننا ما زلنا نبحث عن طريق الاستقرار الاقتصادي؟!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: