منظومة التربية والتعليم واحدة من أهم -إن لم تكن الأهم على الإطلاق- المنظومات التي تساهم بشكل فعال ورئيسي في تطور ونمو أي دولة، ويتساوى مع أهمية المخرج التعليمي تمامًا المعلم الذي من المفترض أن يكون مؤهلًا تربويًا بشكل كامل للتعامل مع نفسيات وعقليات الدارسين للوصول إلى نقطة إبداعهم، بدلًا من بث شعور الخوف والكره بهم تجاه المدرسة.
والمشكلة الآن ليست في الصفوف الأولى فحسب، بل في المنظومة بكل أطرافها بدءًا من المادة التعليمية التي تعتمد في معظمها على الحفظ والتسميع، وحتى المعلم الذي يتعامل بمبدأ المصلحة ومفهوم أن المدرسة هي الهامش والدروس هي الأساس.
«بينما كان الناس في منتهى الإعجاب بنجاح تلاميذي المعاقين عقليًا، كنت في منتهى الدهشة والعجب لبقاء العاديين من الأطفال في ذلك المستوى الضعيف من التعليم».
هذا ما قالته الطبيبة والمدرسة والمربية الإيطالية "ماريا مونتيسوري" التي ترشحت لنوبل للسلام ثلاث مرات، بعدما أسست مدرسة للمعاقين مع التركيز على تربية الطفل وفقًا لميوله، لتؤكد مونتيسوري أن الطريقة التي استخدمتها في التعليم مع المعاقين لو استخدمت مع الأطفال الأسوياء يمكنها أن تحقق نجاحًا باهرًا، ويركز منهج مونتيسوري على أفكار مبنية على التفاعل والاهتمام بالموهبة والاتجاهات وتحمل المسؤولية والاحترام.
وضعت إيطاليا صورة ماريا مونتيسوري على الليرة الإيطالية فئة الألف احتفاءً بما قدمته لمنظومة التعليم.
بعد الحرب العالمية الثانية ركزت اليابان على طرق تعليمية تدعم التفكير ومبدأ العمل الجماعي، وتحولت فنلندا وتطورت من خلال التركيز على التعليم، وعملت سنغافورة على دعم اقتصادها بالتركيز على منظومة تعليمية تفرز موارد بشرية مؤهلة.
والسؤال الآن.. لماذا نصر على مواد تعليمية لا تسمن ولا تغني من جوع؟
يجب وضع خطة مستقبلية بإطار زمني ومراحل إنجاز تساهم في تطوير وتعزيز مهارات المعلم والطالب على حد سواء، والتحول من التركيز على الجانب النظري بشكل أكبر إلى الجانب العملي الذي يساهم في خلق آفاق أوسع من التفكير، وتطوير المناهج بما يواكب التطور في متطلبات سوق العمل العالمي، ودعم الإمكانات المدرسية وأماكن تلقي المعلومة وتطويرها، والعمل على تعزيز ثقة الطالب في منظومة التعليم بشكل عملي لخلق حافز ودافع إيجابي لديه، كما يجب تنويع مصادر التعليم بالاعتماد على التطور التكنولوجي، وتحفيز الاستثمار في التعليم، وضرورة دعم بناء الشخصية بمختلف اتجاهاتها الأخلاقية والاجتماعية لدى الطلاب.
والأهم من ذلك كله أن نعي فعلًا وليس قولًا - وبعيدًا عن الشعارات الرنانة - أن التعليم هو حجر الأساس لبناء المجتمعات وتطورها، وأن دور وزارة التربية والتعليم هو دور رئيسي، ولن تكتمل كل الأدوار الأخرى التي تسعى نحو التطوير دون تفعيل حقيقي وبناء لذلك الدور الأهم.