قال الروائي د.بهاء عبد المجيد إن "جمالية رواية شيطان صغير عابر للكاتب محسن عبد العزيز تكمن في أنها تشبه الآداب العالمية التي تحظى بلغة بسيطة"، مضيفًا: "ولكنك تلحظ عمقها في صدقها، وفي أنها تعكس صفات إنسانية".
موضوعات مقترحة
جاء ذلك خلال الأمسية التي أقيمت مساء اليوم الأربعاء، بقاعة توفيق الحكيم بمؤسسة "الأهرام" الصحفية، لمناقشة الرواية بحضور كل من: هشام يونس، رئيس تحرير "بوابة الأهرام"، الروائي د.بهاء عبد المجيد، الشاعر محمد حربي، الكاتب أسامة الرحيمي، الكاتب الصحفي سمير السيد، الكاتب خالد عميرة، الكاتب مصطفى عبادة، والكاتب محمد هلال.
ويتابع عبد المجيد: الرواية تحكي عالم الطفولة والنضج ووصول البطل إلى حقيقة وجوده من خلال اكتشاف مراحل الذات، مضيفًا: إن وصفناها في إطار نظري فهي رواية "نمو الذات"، وهذا نوع أدبي معروف في الرواية الإنجليزية.
ويستطرد: هناك ملمح مهم هو فكرة الطبيعة، فعالم القرية يساعد في التعرف على العالم، وفقدان الأم، وهي مركز التعلم، أدى لاعتماد الشخصية على نفسها في التعرف على الأشياء.
ويتساءل عبد المجيد حول هل هي سيرة ذاتية حقيقية أم ملفقة، حسب التعبير الأكاديمي، مجيبًا: السيرة الذاتية متحققة أكثر في المجتمع الأوروبي والأمريكي، فهو هنا –مشيرًا إلى عبد العزيز- لا يصرح مثلًا باسم رافع (الصحفي الفاسد).
ويربط بناء الرواية، التي تتكون من عدة فصول منقسمة إلى أجزاء أصغر حجمًا، بالمذهب النفسي الألماني المعروف بالجيشتالتية، الذي يرى بأن العقل قادر على تكوين شكل من نماذج مشوهة أو غير مكتملة، مشيرًا إلى تكوين صورة متكاملة من الفصول المبعثرة، التي تبدو للوهلة الأولى منفصلة.
وفي كلمة له يقول الشاعر مصطفى عبادة: نحن جيل نما بين نوعين من التطرف، مشيرًا إلى ما وصفه بتطرف اليسار وخروجه، حسب قوله، عن هجومه للإمبريالية إلى انتقاده لما يحدث داخل بلاده، وعلى الجانب الآخر التطرف الديني الذي بلغ ذروته في التسعينيات من القرن الماضي.
ويضيف: نحن، الذين نشأنا في الأرياف، لا معلم لنا إلا الكتاب، نعرف ما نقرأ ونقرأ من نعرف.
ويتساءل: هل هذه رواية أم شهادة؟ ويجيب: لو قلنا رواية لافتقدنا رؤية متكاملة للعالم.
ويقول الكاتب أسامة الرحيمي إن الرواية أدهشته من عدة جوانب، مضيفًا: الرواية أنقذتني من مسألة مجاملة الأصدقاء، لأنها رواية جيدة لكاتب موهوب.
وأضاف الرحيمي أن عبد العزيز استطاع أن ينظم كمًا كبيرًا من الشخصيات داخل روايته كـ"المسبحة"، على حد قوله، مضيفًا: ما لفت نظري أيضًا "البراءة الفخ". مشيرًا إلى قدرة الكاتب على جذب القارئ للدخول في عالم مكون من شخصيات عديدة، ومختلفة.
ويستدرك: خالفه الحظ في الختام والشخصيات الأخيرة، التي لم تكن مرتبطة بالقرية.
ويصف الكاتب بأنه "عميق، حميم، وماكر"، ويعلل: عميق لأنه صور حقيقة وتناقضات الشخصيات والأماكن، وحميم لأنه صور كل ما عشناه، وماكر لأنه تمكن من نقل كل هذا بشكل ناعم وجميل.
ويشير الرحيمي إلى أن الرواية، بفصولها القصيرة، كان من الممكن أن تقدم بصفتها قصصًا قصيرة.
وفي تعليق على ما يخص الفصول الأخيرة من الرواية، التي رأى الرحيمي أن الكاتب خالفه الحظ فيها، يقول الشاعر محمد حربي، الذي أدار الجلسة: هذا سرد يناسب اللحظة ويناسب المكان، في القرية لا نتكلم كثيرًا، نكتفي بالإشارات، فبعبور الجسر بين القرية والمدينة لابد أن يختلف السرد.
أما الكاتب خالد عميرة فيقول تعليقًا على "شيطان صغير عابر": أهم ما أحب ذكره أنها جاءت بعد مجموعتين قصصيتين، فجاء مستواها أعلى كثيرًا، رغم جودة المجموعتين، مضيفًا أن الكاتب لم يتحرر تمامًا من قالب القصة القصيرة، مشيرًا إلى المقاطع صغيرة الحجم التي تتكون منها فصول الرواية.
ويضيف عميرة: هناك جانب أخلاقي يتمثل في ذكر أسماء الشخصيات التي تقوم بفعل إيجابي ، في حين يبتعد عن التسمية المباشرة لذوي الأفعال السلبية.
ويعود إلى إشكالية الفصلين الأخيرين، واصفًا إياهما بأنهما "بعيدان عن نسيج الرواية، فجأة نجد أن الراوي اختفى".
وفي كلمته يتوقف الكاتب محمد هلال عند لغة الرواية، معلقًا على دمج بعض الكلمات العامية في السياق، الأمر الذي، حسب قوله، يجعلها تبدو وكأنها كلمات فصيحة.
من جانبه قال الكاتب الصحفي عصام مليجي إن مؤسسة "الأهرام" تقع عليها "مسئولية كبيرة، في ظل هذه الظروف، في صناعة النجوم"، مضيفًا أنه يجب تسليط الضوء على كل من يقدم إبداعًا، و"إبراز كل من يجتهد".
وفي كلمته يقول الكاتب الصحفي سمير السيد: قد أكون الوحيد الذي قرأ الرواية من زاوية استثنائية، كلانا قادم من الأقاليم، ننتمي للطبقة الوسطى.
ويضيف: شعرت في هذه الرواية بتطور تجربة عبد العزيز الإبداعية، مشيرًا إلى مجموعتيه القصصيتين الصادرتين سابقًا. ويضيف: تطور بشكل كبير في هذه الرواية، وتطور إنسانيًا ونفسيًا.
ويرى السيد أن النجاح الحقيقي له في هذه الرواية أنها أعطته صكًا بأنه على الطريق لأن يكون أحد المشكلين للوسط الإبداعي، حسب قوله.
وفي تعليقه على الرواية، أشار الكاتب الصحفي هشام يونس إلى نشأة الكاتب وتأثيرها على الرواية قائلًا: جاء من الأقاليم بشعور الغريب، وهو شعورنا كلنا،حيث كان فينا جزء من هذا الشيطان الصغير العابر.
وأضاف: بعد سنوات من البدايات الصحفية، وبفعل عدة عوامل، راودني إحساس بأن هناك "كتيبة" في "الأهرام" يشقون طريقهم، وكل حقق نجاحًا.
وتابع يونس قائلًا: في شخصية "رافع بك" – الصحفي الفاسد- طلبت أن تعاد كتابه الفاصل الخاص به، نظرًا لاختفائه في هذا الفصل، مضيفًا: هو جزء مهم في رحلة الشيطان الصغير، يعرف أهميته من هم في المجال الصحفي، فطلبت منه تدخلًا بتقسيم هذا الفصل.
ويستطرد: وهو في هذا الجزء لم يكن قاسيًا، بل كان بليغًا في وصف الشخصية.
ويعلق حربي على هذه الجزئية قائلًا إنه في سياق القرية، وما دام الكاتب يتحدث بلسان، أو عن شخصيات غير متعلمة أو غير مثقفة، فإن إدراج هذه الكلمات العامية يبدو مقبولًا، حسب رأيه.
من جانبه يعلق الكاتب محسن عبد العزيز على هذه الجزئية بأنه أراد للقارئ أن يقرأ الشخصية كشخص لا يعرف رافع بك، أي من خارج المجال الصحفي.