تحت عنوان "العرب تحت العلاج ــ تطوير نظام الصحة النفسية والتحليل النفسي في العالم العربي والإسلامي"، تتناول المستشرقة الأوكرانية، يانا كوروبكو، البنية النفسية للمواطن المسلم، مع التركيز على بعض الأمراض النفسية التي تصيب بعض المسلمين بشكل عام، بناءً على الظروف الاجتماعية التي يعيشونها.
موضوعات مقترحة
وعن الكتاب، تقول كوروبكو، في حوار لـ"بوابة الأهرام"، إن دافعها لتأليف كتابها هو "عدم وجود ثقافة للرعاية الصحة النفسية والمشاكل النفسية المتزايدة التي وجدتها، عندما كنت أعالج المرضى العرب والمسلمين"، وقالت إن كتابها "يركز على المسلمين العرب"؛ لأن لديها خبرة العمل معهم من خلال عملها بعدة دول عربية.
وتضيف: هناك عاملان رئيسان يشكلان الهوية العربية هما: الإسلام والصحراء، كما أن الهوية العربية تتميز بالدلالات المرتبطة بالمفهوم البدوي المحارب المؤمن بالقضاء والقدر والصبر والقبلية المثالية. وتضيف: الفرد المسلم ليس موجودًا ككيان خاص، بل هو موجود فقط في علاقته وارتباطه مع الجماعة (الأسرة - القبيلة).
كما يتحدث الكتاب عن نفسية المتطرف، ويحتوي على ثلاثة أجزاء: الأول يكشف عن وجود علم النفس منذ عهد النبي - عليه الصلاة والسلام - حسب المؤلفة. والثاني يتناول العوامل المعنوية التي تؤسس وتتأثر بها نفسية المسلم.
كما أوضحت، أن تفسير الأحلام يعد أحد أدوات التحليل النفسي؛ "إذ نجد أحلام الإنسان الواحد تختلف عن أحلام غيره، كما أن تحليل النفس ليس فقط تحليل الأحلام بل تحليل زلات اللسان (الفلتات)، والذكريات المتبقية من فترة الطفولة والدوافع الغريزية والليبدو والتداع الحر وتعديلاتها، والنتيجة طبعًا هي الحصول على التحرر التدريجي من المعاناة".
وتتخصص كوروبكو في علاج الكثير من الظواهر والأعراض النفسية التي تحملها مواقف الحياة المتكررة، مثل الكساد والقلق والصدمة النفسية وعدم الاستقرار العاطفي، تقلبات المزاج، والفقدان والمعاناة والألم وسكرة الموت والعدوانية والتعلق العاطفي المرضي العاطفي، علاقة الإدمان والخوف من الموت، بالإضافة إلى الجلسات المباشرة، فإنها تقوم بعمل جلسات علاج عن طريق سكايب، ولا تقف اللغة حائلًا أمامها؛ فهي تتحدث بطلاقة 9 لغات منها: العربية والإنجليزية، والإسبانية، والإيطالية، والروسية، والفرنسية واللغات الأوكرانية.
وعن أهم المشاكل النفسية لدى المصريين اليوم، قالت: الكبت، الهيستيريا، (بخاصة عند النساء)، والقلق، هذا بالإضافة إلى الأمراض الرئيسية الأخرى المعتادة.
وعن الحروب التى تهدد العالم الآن تقول: إن الحروب الآن تجرى بوسائل غير تقليدية، بل بوسائل جديدة هي حرب نفسية، حرب مرتبطة بتشويه صورة الإسلام، واستخدام المعلومات التي نحصل عليها عبر وسائل الإعلام الغربية، هناك تعصب نفسي قوي ضد العالم الإسلامي، وبالتالي نشر وقائع وصور مزيفة، ونتذكر أن الرئيس الأمريكي جورج بوش، الابن، الذي خاض حربًا على ما سماه بمحور الشر، إيران سوريا وكوريا الشمالية. وهذا كان إعلانًا رسميًا عن الحرب على العالم الشرقي، وبداية ما نسميه بالحرب الحديثة، تستخدم فيها أسلحة مختلفة عن الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وأضافت: أعتقد أن الحديث عن صراع الحضارات، حديث غير صحيح، لأن هناك وجودًا أكبر للصدام من أجل التحكم في المصادر الطبيعية، إنسانية اجتماعية، بخاصة في العالم الإسلامي الذي توجد فيه هذه المصادر الطبيعية، والتي يحتاج إليها الغرب لتأمين مستقبله أكثر، والغرب إن لم يحصل على هذه المصادر الآن، فإنه سيتآكل ويجد نفسه في أزمة حقيقية، بل سيحكم عليه بالفناء بعد قرون من الزمن.
وتتابع: كنت أهتم بالعالم العربي منذ طفولتي؛ فقد قرأت قصص ألف ليلة و ليلة، وكانت هي كتابي المفضل، ومازلت أعتقد أن شهر زاد تعد محللة نفسية على درجة ممتازة؛ فهي استطاعت أن تحلل شخصية شهريار، وتعامله كطفل، وتسبر أغواره، وتروضه، وتعالجه أيضًا.
وتتفق كوروبكو مع الرأي القائل، بأن الشخص العربي يخجل من الاعتراف بأنه مريض نفسي، قائلة: نعم؛ لأنه لا توجد حتى الآن ثقافة زيارة المعالج النفسي في البلدان العربية.
وعن قرارها باعتناق الاسلام، قالت، إن هذا كان قرارًا "شخصيًا بحتًا، فقد بدأت تعلم اللغة العربية منذ عشر سنوات، وعشت في العالم العربي، ودرست بشكل عميق الحضارة الإسلامية، وفهمت الحقيقة التي كنت أبحث عنها لأعيشها كل يوم، وكل الأصدقاء والزملاء الذين قدموا لي العون لفهم الإسلام، واتخذت قرارًا باعتناق الإسلام، وأنا أقوم بكل الشعائر، من صوم شهر رمضان وأداء الصلوات الخمس، والحمد لله على اتخاذ هذا القرار منذ 5 سنوات، وأدرس كل شيء عن الإسلام؛ فأنا عشت في العديد من دول العالم، وأتحدث 8 لغات أجنبية بطلاقة: العربية، الصينية، الإيطالية، الفرنسية، الإنجليزية، الإسبانية وغيرها، وفي هذه اللغات هناك أديان مختلفة، ومن قبل درست العديد من الأديان، ولم يدخل أي دين قلبي، ماعدا الدين الإسلامي، فسبحان الله حينما أفتح القرآن وأفهم معاني هذه السور والآيات، وهذا بالنسبة إلي كان أكبر اكتشاف في العالم، إنه كتاب مليء بالدلالات والعبر، وهذا لم يحصل مع الأديان الأخرى. وأنا أدرس أكثر فأكثر الدين الإسلامي، وأنا فخورة بديني، وأعتقد أن هناك صورة مشوهة لدى العالم الغربي تجاه الإسلام، والذي لا يعرف الإسلام الحقيقي وغير مطلع عليه، وهناك من يسمح لنفسه بالتحدث بصورة غير جيدة عن الإسلام، رغم أنه لم يطلع عليه ولم يقرأ ويتدبر القرآن الكريم، وهذا ما يؤدي إلى الصراع ما بين المفاهيم، لو كان هناك إطلاع جيد من طرف العالم الغربي على الدين الإسلامي لكان الواقع مختلفًا تمامًا.
وعن علاقتها بوالديها وأصدقائها بعد قرارها، قالت، إن هناك "حبًا متبادلًا بيني وبين عائلتي، وحينما اعتنقت الإسلام فوجئ والداي كثيرًا بهذه الخطوة، لكنهما الآن يتقبلانني كما أنا، فمثلًا في شهر رمضان حينما كنت في أوكرانيا، أستيقظ مع الفجر لأصلي صلاة الفجر، ويحسان بأن هذه هي الحقيقة كما أعيشها، بخاصة أنهما يعرفاني جيدًا. أما أصدقائي، فأنا لي علاقات مع أشخاص من ديانات أخرى، وكذلك لدي علاقات مع أوكرانيات مسلمات ومن دول أخرى. وعن الزوج الذي تتمناه تقول "زوجي لابد أن يكون مسلمًا، كما يحث على ذلك الدين الإسلامي، وأهم شيء أن يكون مسلمًا حقيقيًا".
وعن الجماعات المتشددة، تقول: إن هؤلاء لا يترجمون الدين الإسلامي بشكل حقيقي، كما جاء في القرآن، ولن يستطيعوا الحصول على أهداف بواسطة هذا الاستخدام أبدًا، مهما كانت التمويلات التي يتلقونها. هذه الجماعات ليست من مصدر إلهي، فليس هناك ما يدعو إلى سفك الدماء، وهم يحسون بأنهم غير مقدرين في هذا العالم، هذه الجماعات متطرفة، وفي آخر المطاف، فإن هذه الجماعات لن تحصل ولن تنال أهدافها، لأن الخير دائمًا هو الذي ينتصر.
وتردف: "لقد درست في العالم العربي، في جامعة القاهرة، حيث درست الحضارة الإسلامية ومختلف الأديان، ودرست مع زملاء مصريين ولبنانيين ومغاربة، ودرست في الإمارات المتحدة أيضًا في مجال العلاقات الدولية بجامعة سوربون باريس أبو ظبي، كما اشتغلت في المجال الدبلوماسي كمستشارة في العلاقات الدولية مع السفارات، وحاليًا أعمل مع شركات خاصة مختلفة، التي تحتاج إلى استشارة من أجل علاقات إستراتيجية، سواء في المجال السياسي أو في العلاقات مع الشركات العربية، وكيفية بناء الحوار مع العالم العربي، بخاصة في ظل الاهتمام الغربي بالعالم العربي، وأتابع الأخبار العالمية يوميًا عن طريق القنوات العربية، كما أقرأ الكتب العربية وأفضل في وقت الفراغ تعليم الأطفال الحضارة العربية بشكل عميق".
وعما تسمعه من أغنيات، ومن تفضله من مطربين، قالت: "أنا أستمع وأستمتع بالأغاني الكلاسيكية، وأحب جدًا فيروز، أم كلثوم، محمد عبدالوهاب، وكل الأغاني الكلاسيكية، منها المغربية أيضًا والخليجية".