"بعض حكايا الفتى الشقي- سيرة محله"، هذا العنوان اختاره الباحث والقاص حسين الجاف لمجموعته القصصية التي احتوت مجموعة من القصص الواقعية، لكن صاغها بطريقة أدبية مع آليات فنية ليجعل قصصه مشوقة تشد القارئ.
موضوعات مقترحة
الكتاب يقع في (97) صفحة من القطع المتوسط ويتضمن بين دفتيه (35) قصة قصيرة واقعية اجتماعية ورومانسية مستلهمة من واقع حياة المؤلف في محلة باب الشيخ (مكان ولادته وصباه) وتحديدا في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. تتصدر هذه المجموعة القصصية مقدمة أدبية وتاريخية للأستاذ الدكتور عبد الواحد محمد مسلط، حيث يقول فيها: منذ مدة ليست بالقصيرة زارني الأخ حسين الجاف حاملا معه هذه المجموعة القصصية وما كاد يستقر به المقام حتى انطلق يتحدث بحرارة واندفاع عن قصصه التي استقاها من واقع حياته في منطقة باب الشيخ في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين وما جرى فيها من ووقائع وأحداث وما برز فيها من شخصوصي ومن شدة ارتباطه بذالك المكان بعد هذا المدخل للكتاب فهمنا ثيمة العمل ظل المتن هو عبارة عن حكايات ممتعة تأخذك الى سحر الكتابة وروعة ما خطته أنامل الكاتب يقول في إحدى قصصه.
باجر عيد رجل في الخامسة والستين من العمر اسمه معزز طويل القامة رشيقها ينحدر من أسرة كريمة كان عميدها من رؤساء ووزراء العراق عقب الاحتلال الإنجليزي يرتدي غالبًا طربوشًا أحمر انيقن وبذلة بنية اللون أنيقة وقميصا أبيض دون ربطة عنق ويحمل معه أو يتكئ على عصى من الخيرزان.
بأسلوب قصصي جميل نقل لنا الباحث حسين الجاف إحدى حكاياته المستقاة من الواقع وكان بطل الحادثة شخصية مرموقة في زمن ما ومن عائلة كان لها مكانة خاصة وسلطة لكن موت خطيبته جعله يفقد صوابه ومن خلال سرد فني وواقعية عشنا الحدث فقد استطاع الكاتب أن يضعنا في الصورة وكانت كتابته واقعية أشبه بكتابات إميل فرانسوا زولا الكاتب الفرنسي المؤثر الذي يمثل أهم نموذج للمدرسة الأدبية التي تتبع الطبعانية، أو روايات الكاتب المصري نجيب محفوظ الذي نقل للذائقة العامة الحواري المصرية من خلال رواياته وقصصه الشهيرة وكان رائد الواقعية العربية.
ونجد الجاف برع في نسج قصته وكانت لها وظائف جمالية، فلقد كانت تعرف القصة القصيرة على أنها حكاية تحمل متعة ومفاهيم وقيما أخلاقية أو عبرة لكن مع غزو الحداثة وما بعد الحداثة والبنيوية وما بعد البنيوية والتيارات الأدبية الكثيرة تطورت القصة من حيث المضامين وطرح الفكرة والسرد الذي يعد عاملا مهما فيها وظهرت القصة القصيرة والأقصوصة والسرد الفنية والقصة الشعرية وأنتجت المجاميع القصصية وطور نخبة كبيرة من القصاصين العرب الذين قدموا أعمالهم في الساحة الأدبية ولاحظ كيف أن الجاف وضع لمسته الفنية لقصته وسردها بتشويق.
وقد أدخل استعارات واقعية محولا الموضوع إلى لوحة فنية كما كان يعبر عن أحاسيس شخصيات وأبعاد وردود فعل لتكمل الصورة في أذهاننا فجعلنا داخل الحديث متعايشين للموقف أنه عمل درامي وهو حدث حقيقي لكن حسين الجاف استطاع أن يرممه ويصوغه.
يقول الناقد الدكتور جابر عصفور: الشاعر ليس مطالبا بفكرة جديدة يمكن الاشتغال على الفكرة القديمة لكن عليه أن يقدمها بطريقة جديدة أي يبتكر لغة وهذه لا تكون لغير المبدع الذي يملك آليات بناء النص كخيال والإبداع وهندسة المادة الأدبية والقضية التي يتحدث عنها المبدع والإحساس الذي يتفرد به عن سواه، وكل هذه العناصر اذا اجتمعت شكلت موضوعا ناضجا وأهمها هذه العناصر الخيال الذي يجعل الكاتب يصور المنتج الابداعي بروعة.
------
عدي العبادي
(كاتب من العراق)