تأثرت بـ «الأيام» لطه حسين ونجيب محفوظ عبقرى
موضوعات مقترحة
الآثار الفرعونية أثرت فى العمارة الأوروبية وتصميم الأزياء
يفسر دكتور سيريل جان نُون، سفير ألمانيا السابق بالقاهرة، السر وراء مقولة: «إن من يشرب من مياه النيل لا بد أن يعود مرة أخرى»، وهو ود ولطف المصريين واستعدادهم للمساعدة لأى غريب بكرم ومحبة، مشيرا إلى أنه كان يحرص قبل عمله بمصر على زيارتها مع زوجته كسائحين عدة مرات.
< ما ذكرياتك عن فترة عملك فى مصر؟
عشت فى القاهرة مع زوجتى منذ يوليو عام 2019. لكن هذه ليست إقامتنا الأولى بمصر وعاصمتها، فمنذ عدة سنوات، غالبًا ما كنا نزور مصر كسائحين - نذهب أولاً إلى سيناء، خصوصا إلى منتجع طابا البحري، ثم فى رحلة نيلية من الأقصر إلى أسوان، وأخيراً نتوجه للقاهرة لاكتشاف وجوهها المتعددة.
حتى فى ذلك الوقت، وبصفتنا سائحين، استمتعنا بما يجعل جاذبية مصر لا تضاهى: فبجانب المناظر الطبيعية الخلابة، هناك حضور فريد وثابت لماضى مصر وقدرتها، والتى ترتكز على أسس متينة، تمكنها من التطلع إلى الأمام وتشكيل المستقبل الخاص بها. لذلك فإن السائح بداخلى يجيب عن سؤالك عن ذكرياتى مع إشارة للآثار الفرعونية والشواطئ والصحارى الشاسعة. وبصفتى من سكان القاهرة، أود أن أعبر عن افتتانى لرؤية مثل هذه المدينة الكبيرة، وهى فى حالة من التغير الدائم والعثور على حلول جيدة للعديد من التحديات التى تواجهها، فى نفس الوقت الذى تحتضن فيه حياة مجتمعية قوية ونابضة.
< كيف تنظر إلى الشخصية المصرية؟
أحد الأسباب الوجيهة التى تفسر لماذا يحب الزائرون العودة إلى مصر بعد زيارتهم الأولى لها؟ هو شدة اندهاشهم من الود واللطف والاستعداد للمساعدة من جانب الكثير من المصريين. حتى فى مدينة كبيرة وصاخبة ومرهقة أحيانًا مثل القاهرة، يحافظ الناس على سلوكهم المغلف بالاحترام واللطف والابتسام. فقد حدث أكثر من مرة، وبعيدًا فى الريف، عندما ضللنا طريقنا، أن تقدم غرباء لمساعدتنا وإرشادنا للطريق الصحيح بل مرافقتنا، أيضا. هذه الصفات تجعل المصريين متفردين، وهى تعد سببا وجيها يدفع العديد من الزوار من ألمانيا، لكى يفكروا فيما يمكن أن نتعلمه من مصر. اسمحوا لى أن أضيف أنه ليس من قبيل المصادفة، أن الدبلوماسية المصرية تعد من أفضل الدبلوماسيات فى العالم. فالعديد من الزملاء الدبلوماسيين المصريين يجمع بين الصفات الشخصية الشائعة فى مصر والقدرات المهنية العالية.
< هل تقرأ الكتب المصرية أو تستمع إلى الموسيقى المصرية؟
نعم بالتأكيد، فأنا أحب قراءة الكتب المصرية، والعديد منها مترجمة إلى الألمانية. منذ سنوات مضت كنت متأثرًا بمذكرات طه حسين. فقد تضافرت الإرادة القوية لهذا الكاتب على تجاوز كل العقبات، وفضوله الذى تخطى الحدود الوطنية، وقدرته على إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير، للحفاظ على حداثة تلك المذكرات. وحيث إنى من سكان العاصمة المصرية، فلا يسعنى إلا أن أشير إلى نجيب محفوظ، والذى تتجلى عبقريته بصورة أوضح خصوصا عندما تكون فى القاهرة.
عند الاستماع إلى الإذاعة المصرية، أدرك مدى إبداع الموسيقيين على ضفاف النيل، فإننى أقدر بشكل خاص الموسيقيين الذين يجمعون بين البلدين وثقافتهما الموسيقية معًا. وهذا هو سبب تفضيلى للموسيقى باسم درويش وفرقته Cairo Steps، فمن خلال التعاون مع عازفين من مختلف بلاد العالم، يوحد باسم بين التقاليد الموسيقية فى الشرق والغرب. حتى من دون أن أتحدث اللغة العربية بطلاقة، فأنا حساس أيضا للهجات التى تميز أغانى المطرب محمد منير.
< ما أهم مجالات التعاون الثقافى والأنشطة الثقافية بين مصر وألمانيا؟
هناك اهتمام كبير فى ألمانيا بالإبداع الذى يتردد صداه فى العديد من القطع الفنية الرائعة فى مصر. دعنى أدعوك لإلقاء نظرة على المعارض الفنية، على سبيل المثال فى الزمالك، ولكن أيضًا فى أماكن أخرى بالقاهرة لاكتشاف بعضها. يتمتع الفنانون المصريون بموهبة خاصة لتحويل الأشكال والصور، والتكوينات الكلاسيكية من العصور القديمة إلى فن حديث. وليس من قبيل المصادفة، أن اشترت بناتى أكثر من قطعة مجوهرات، مصاغة بدقة من الفضة.
بالنسبة للعديد من الألمان، تظل مصر نقطة قوية للإسقاط الثقافي، حيث يتم تذكير الزوار الألمان للمواقع الأثرية باستمرار بتأثير مصر على العمارة الأوروبية وتصميم الأزياء. يستمر هذا التفاعل بشكل واضح، فكلا البلدين يلهم بعضهما البعض فى مختلف المجالات الإبداعية. وهذا التفاعل يثرى ألمانيا كما يثرى مصر.
< متى بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين؟ كيف ترى العلاقات الثنائية من الناحية الاقتصادية والثقافية والسياسية؟
أقامت جمهورية ألمانيا الاتحادية ومصر علاقات دبلوماسية فى عام 1952. لا يمكننى التفكير فى مجال واحد، لم تتطور فيه علاقاتنا الثنائية بقوة منذ تلك الفترة. فمن الناحية الاقتصادية، نحن شركاء أقوياء للغاية ونتطلع إلى زيادة تعاوننا فى مجالات المستقبل مثل الطاقة الخضراء والنقل الكهربائى وإيجاد حلول جيدة للتحديات اللوجستية. هناك 400 ألف مصرى يتعلمون اللغة الألمانية، البعض منهم فى مدارس ألمانية وثلاث جامعات ألمانية، وكذلك فى معهد جوته. ووجود علماء الآثار الألمان فى مصر والأساتذة المصريين فى ألمانيا والطلاب فى البلدين يعد ظاهرة راسخة. كذلك، هناك الاتصالات رفيعة المستوى بين فخامة الرئيس المصرى والمستشارة الاتحادية، وعلى المستوى الوزاري، وبين أعضاء المجالس النيابية وبين الحكومتين، كل ذلك يؤكد التدفق الحالى للتبادل بين البلدين.