الأرستقراطي، شرير السينما الأنيق، سفير السينما المصرية، عبقري السينما العربية، كلها ألقاب حازها الفنان الراحل جميل راتب الذى ولد في 28 نوفمبر 1928م بحي جاردن سيتي بالقاهرة، لأسرة أرستقراطية لها تاريخ في النضال السياسي، فعمة والدته هي هدى شعراوي، و شارك والده في ثورة 1919م، تعلم الفرنسية من خلال التحدث بها في المنزل، التحق بمدرسة الأورمان الابتدائية، ثم الإبراهيمية الثانوية وانضم لفرقة التمثيل المسرحي فيها، ثم كلية الحقوق الفرنسية بالقاهرة عام 1945م لرغبة والدته ليعمل دبلوماسياً، سافر بعد عام إلى فرنسا في منحة لاستكمال دراسته هناك، إلا إنه تركها وانضم لمعهد التمثيل فقطعت عنه الحكومة منحة دراسة القانون.
اتجه للعمل شيالاً، ونادلا في المقاهي، ومترجم، كومبارس فساعده على الاحتكاك بطبقات مختلفة من المجتمع، بدأ بالمشاركة في فرق مسرحية صغيرة شارك في فيلم "أنا الشرق" عام 1946م، وقدم العديد من المسرحيات على المسرح الفرنسي منها، قفزة الموت، سوء تفاهم ،و5 مسرحيات لشكسبير مثل هاملت، أوديب، وغيره من كبار الأدباء، وشارك مع كوميدي فرانسايز في بعض الأعمال، ورشحه الفنان سليمان نجيب لإحدي الفرق الفرنسية فضمته إليها وقدم معها عروضاً في مصر عام 1952م، وأول أفلامه في فرنسا كان الفيلم الأمريكي "ترابيز" عام 1956م، كما شارك في فيلم لورانس العرب عام 1962م، وبلغ رصيده من الأعمال في فرنسا 75 عملاً منهم 15 فيلما عالميا.
عاد إلى مصر عام 1974م، وكانت أول أعماله "الصعود إلى الهاوية"، وما يقرب من 80 فيلماً منها:" الكداب، شفيقة ومتولى، حب في الزنزانة وداعاً بونابرت" وآخرها جنينة الأسماك عام 2008م، إلى جانب مشاركته في الفيلمين التونسيين شيش خان، كش ملك، والفيلم الجزائري ليلة القدر، و5 مسرحيات أولها دنيا البيانولا عام 1975م، وآخرها زيارة السيدة العجوز عام 1994م، وما يقرب من 80 مسلسلاً تلفزيونياً منها هروب عام 1976م، رحلة المليون، ضمير أبة حكمت، الراية البيضا، يوميات ونيس، زيزينيا، مسألة مبدأ، وآخرها بالحجم العائلي عام 2018م، و 6 أعمال في الإذاعة منها كفر نعمت عام 1978م، أشياء لا تباع 1983م، عمل كمساعد مخرج في فيلم أنطونى كوين "زيارة السيدة العجوز"، والإخراج المسرحي في مسرحيات الأستاذ، وشهرزاد.
تزوج أثناء وجوده في فرنسا من فنانة فرنسية "مونيكا مونتيفير" التى اعتزلت التمثيل وعملت كمديرة إنتاج، ثم منتجة منفذة، ثم مديرة مسرح الشانزليزية، ورفض الإنجاب منها لرغبتها في أن يكون أولادها على ديانتها، وظلا معاً 15 عاماً، وانفصلا لانشغاله الدائم بالفن.
حصل على جائزة الممثل الأول، وأحسن ممثل على مستوى المدارس المصرية والأجنبية في مصر في بداية الأربعينات، وجائزة الدولة تسلمها من الرئيس الراحل أنورالسادات كأحسن دور ثاني عن فيلم "الصعود إلى الهاوية"، كرمه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن مُجمل مشواره الفني عام 2005م ، ونقابة المهن التمثيلية عن مُجمل أعماله عام 2015م، ومهرجان القاهرة الدولى للمسرح عام 2016م، ومهرجان الأقصر عام 2017م، كما كرمه الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي في مهرجان قرطاج عام 2017م، وكانت آخر تكريماته من منظمة الأمم المتحدة للفنون خلال احتفالها بعيد الأب عام 2018م،
أُختيرت 3 من أفلامه في قائمة أفضل 100 فيلم مصري وهي: على من نطلق الرصاص عام 1975م، الصعود للهاوية عام 1978م، البرئ عام 1986م، وأُطلق اسمه على الدورة رقم 67 لمهرجان المركز الكاثوليكي المصري للسينما عام 2019م.
أصيب بأمراض الشيخوخة من ضغف بالإبصار والسمع، ثم تعرض لوعكة صحية أثرت على أحبالة الصوتية وسافر للعلاج بباريس، وتوفي بعد عودته منها في 19 سبتمبر عام 2018 في منزلة بالقاهرة، وشُيع جثمانه من الجامع الأزهر، ودُفن بمدافن العائلة، وأوصي بأمواله لمستشفى سرطان الأطفال.