أصبحت كاميرا المراقبة عنصرا أساسيا لا غنى عنه في الشارع، حيث تحولت من مجرد عدسة إلى أداة لكشف الحقائق وضبط الجناة في أي واقعة، وتزايد دورها خلال السنوات الأخيرة في حل لغز العديد من الجرائم التي بدت غامضة للرأي العام.
موضوعات مقترحة
ومع تفريغ محتوى كاميرات المراقبة في محيط مسرح أي واقعة؛ تظهر الحقائق كاملة حيث يتضح جليا عدد المتهمين وأوصافهم الشكلية ومع البحث والتحريات والفحص يتم التوصل إلى هويتهم، ومن ثم القبض عليهم والتحقيق معهم ثم تقديمهم للمحاكمة.
الكاميرات تكشف تعرض فتاة للتحرش في وسط البلد
وأعلنت وزارة الداخلية أمس كشف ملابسات تداول مقطع فيديو عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" لإحدى الفتيات بشأن تعرضها للتحرش والتعدي عليها بالضرب من قبل أحد الأشخاص بمنطقة وسط البلد بالقاهرة.
بالفحص الفيديو الذي تم تصويره بكاميرا المراقبة في محيط الواقعة، تمكنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة من تحديد الفتاة المشار إليها (طالبة، مقيمة بدائرة قسم شرطة مدينة نصر أول بالقاهرة) مصابة بخدوش وسحجات وكدمات.
فتاة وسط البلد: المتحرش نزل من سيارته ليعتدي عليَّ
وبسؤالها أقرت بأنها حال سيرها بصحبة (والدتها) بأحد الشوارع بمنطقة وسط البلد، وقيامها بشراء نظارة من أحد الباعة الجائلين، قام قائد سيارة "لا تعلم بياناته" بمضايقتها، ولدى معاتبته قام بالنزول من سيارته والتعدى عليها بالسب والضرب مما نتج عن ذلك إصابتها المنوه عنها.
بتكثيف الجهود وإجراء التحريات أمكن تحديد المشكو فى حقه (طالب – مقيم بدائرة قسم شرطة بولاق)، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبطه، وبمواجهته بفيديو كاميرا المراقبة اعترف بارتكابه الواقعة، وقيام والدة المجنى عليها بالبدء فى التعدى عليه بالسب.
القانون يضع ضوابط قانونية لمتابعة الحياة الخاصة
وقال اللواء الدكتور شوقي صلاح، أستاذ القانون المساعد بأكاديمية الشرطة، وخبير مكافحة الإرهاب، لـ"بوابة الأهرام"، إن من الأهمية في البداية هو عرض الضوابط القانونية لحماية الأشخاص من التتبع غير المشروع من قبل الغير، مما يمثل اعتداءً على حياتهم الخاصة؛ سواء كان هذا الغير هو آحاد الناس أم مأموراً للضبط القضائي.
وأضاف "صلاح" أن المادة "99" من الدستور المصري ذهبت إلى أنه "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر"، كما أجازت المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية للنيابة العامة أن تمنح الإذن بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو في جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر.
وأوضح أنه يشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة؛ الحصول مقدماً على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق، وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الأمر بالضبط أو الاطلاع أو المراقبة لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر مدة أو مدداً أخرى مماثلة.
خبير أمني: جريمة الاعتداء على الحياة الخاصة للمواطن
وأكد "صلاح" أن المشرع المصري جرم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بموجب المادة 309 مكرر من قانون العقوبات، إذ نصت على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانونا، أو بغير رضاء المجني عليه وهي: استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون.
وأشار إلى أنه إذا صدرت الأفعال المشار إليها (استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون) أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع فإن رضا هؤلاء يكون مفترضا، ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة، اعتماداً على سلطة وظيفته.
ونبه د. شوقي صلاح، إلى أنه مما سبق عرضه من نصوص قانونية فإن تتبع تاجر مخدرات من خلال التسجيلات التليفونية أم التسجيلات المرئية لإقامة الدليل الجنائي على ارتكابه لجريمة يتطلب قيام الضابط مأمور الضبط القضائي المختص بعمل محضر تحريات وعرضه على النيابة العامة ثم يعرض على القاضي الجزئي المختص لإصدار أمر مسبب بالمراقبة ولمدة لا تزيد على شهر، وإلا كان التسجيل غير مشروع، ويبطل أي دليل يستمد منه، موضحًا أنه فيما يتعلق بالنسبة للجرائم الإرهابية فإن للنيابة العامة السلطة في منح إذن المراقبة من خلال التسجيلات، دون حاجة لمنحه من قبل القاضي الجزئي وذلك وفقًا للمادة 43 من قانون مكافحة الإرهاب المصري.
كاميرات المراقبة بالأماكن العامة تكشف معظم الجرائم والمخالفات
وفيما يتعلق عن تسجيلات بكاميرات المراقبة المنتشرة في الأماكن العامة أو التي يضعها شخص داخل منزله، أو تلك المنتشرة داخل الجهات الحكومية والخاصة أو عدسات الهواتف المحمولة، أكد "صلاح" أن ما تسجله من مشاهد يمكن الاحتجاج بها أمام السلطات طالما اطمأنت إليها، فالنيابة العامة كثيراً ما تتحفظ على تلك الكاميرات وما سجلته من أحداث وتواجه بها المتهمين.
وشدد أن القضاء المصري استقر على حجية الملفات التي يتم الحصول عليها من أجهزة الكمبيوتر، أو ذاكرة التليفون المحمول، أو أجهزة التصوير، أو كاميرات المراقبة وذلك متى اطمأن إليها القاضي الجنائي، وذلك من منطلق حريته في تقدير الأدلة حتى لو كانت ذات طبيعة خاصة، مشيرًا إلى أن الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، ومنح القانون القاضي في المسائل الجنائية سلطة واسعة في سبيل تقصي ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها ليختار ما يراه موصلا إلى الكشف عن الحقيقة، ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر بمحض وجدانه فيأخذ بما تطمئن إليه عقيدته ويطرح ما لا ترتاح إليها.