Close ad

من بوش الابن إلى أوباما وترامب وبايدن.. بصمة سبتمبر

14-9-2021 | 23:24
من بوش الابن إلى أوباما وترامب وبايدن  بصمة سبتمبربوش وأوباما وترامب وبايدن
أسامة الدليل
الأهرام العربي نقلاً عن

- لم يقدم أي منهم إجابة دقيقة لشعبه أو للعالم عما جرى

موضوعات مقترحة

منذ 11 سبتمبر 2001 وحتى اليوم، تعاقب على قيادة أمريكا جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن، وجميعهم سلموا وتسلموا معتقلا واحدا، ليس المقصود هنا معتقل جوانتانامو، الذى هو أصلا ليس منشأة عقابية، وهو معسكر مستأجر فى أراض غير أمريكية، واسمه الحقيقى كامب دلتا، وإنما المقصود هو المعتقل الموجود على الأراضى الأمريكية، يحيط به الماء من الشرق والغرب والذى يدعى: الولايات المتحدة الأمريكية.

ذلك أنه منذ ذلك التاريخ والإجراءات الاستثنائية تتجدد، التنصت على جميع أنواع الاتصالات وانتهاك خصوصية كل المواطنين، بما فى ذلك بيانات المرضى فى المستشفيات، وتوسيع دوائر الاشتباه بموجب قانون المواطنة (باتريوت أكت) علاوة على الأمر التنفيذى الذى يقوم كل رئيس أمريكى بالتوقيع على تجديده فى فبراير من كل عام، والذى ينتهك كل قواعد حقوق الإنسان والمواطنة من أجل حماية البلاد من عدو بلا وجه اسمه: الإرهاب.     

اليوم، وبعد اكتمال (انسحاب) القوات الأمريكية من أفغانستان، يتوجب على الأمريكيين أيضا أن يحتفلوا بالإنجاز الرئاسى الأبرز منذ 11 سبتمبر، وزارة الأمن الداخلى أو وزارة الداخلية، وهى واحدة من تجليات العقل الأمنى الذى لم يكتف بنحو 16 وكالة استخباربة كبرى لحماية الأمريكيين، بخلاف مكتب التحقيقات الفيدرالية، وأحال أضخم قوة فى العالم إلى مجرد ملف أمنى متجدد التهديدات داخليا و خارجيا.

لأن جورج بوش هو الذى وضع قواعد اللعبة عندما قال للعالم: من ليس معنا فهو ضدنا، تحول العالم إلى كرة من جغرافيا الخوف، ومع تزايد الإنفاق الأمنى جاء سلفه أوباما ليتحالف مع الإسلام السياسى لتغيير الأنظمة، وضمان أمن إسرائيل التى تعتبر رسميا فى واشنطن، جوهر السياسات الخارجية الأمريكية، على حد وصف أكبر عباقرة العلوم السياسية فى أمريكا جون ميرشيمر وستيفن والت، ثم جاء ترامب الذى كشف الغطاء عن مغارة اللصوص، التى تم نحتها فى جبل الخوف من الإرهاب، بينما لا تجد أمريكا ما تنفقه على البنية التحتية ملوحا بالانسحاب ليترك العالم لجغرافيا الخوف الخاص بكل دولة، ليرحل سريعا دون أن يسلم خلفه مفاتيح وزارة الداخلية ومعتقل جوانتانامو، الأمر الواقع الوحيد الذى تبقى من الحرب المزعومة على الإرهاب! 

وخلال 20 سنة نشأت فى أفغانستان كما فى أمريكا أجيال، الأطفال فى الجبال تربت على كراهية الغرب، الأمريكى والأوروبى، فكليهما كان يحرس مصالح بلاده فى زراعة الأفيون، وضمان خط أنابيب ينقل نفط الشمال إلى موانئ الهند، ولن تفلح أطنان من الأسلحة الحديثة والمعدات الثقيلة، خلفها من ورائهم الغربيون فى تعويضهم، حتى وإن تركوا لحركة طالبان عددا من طائرات بلاك هوك لا توجد لدى أستراليا، وحتى لو تركوا للأجيال فى أفغانستان برهانا ماديا على الفخر، بأن بلادهم مقبرة الغزاة (بريطانيون وسوفيت وأمريكان)، فإن ذلك لن يعوضهم عن مرارة ضرب بيوتهم الفقيرة فى الجبال، التى لا تتجاوز قيمة أضخمها 20 دولارا، بصاروخ كروز قيمته 50 ألف دولار، وأنهم كانوا يرزحون تحت احتلال جنود غربيين، لا تربطهم صلة سوى أنهم: غير مسلمين!

أما الأطفال فى الولايات المتحدة، والذين ورثوا الخوف عن آبائهم، ونشأوا على تكرار مشاهد سقوط السماء على رأس مانهاتن فى نيويورك، و ألفوا العيش فى مظلة اعتبارات الأمن، فلن تطمئن قلوبهم لدعاية أن قادتهم انتقموا من الإرهاب وأنهوا المهمة فى أفغانستان، حتى ولو كانت خسائر واشنطن وحدها 2314 قتيلا وأكثر من 20 ألف مصاب بعاهات مستديمة، والأهم أن الجانب الحقيقى للقصة التى ورثوها عن آبائهم بشأن ما جرى فى 11 سبتمبر، لم ترو بعد.

القصة الرسمية أنه منذ عقدين انقلب الوحش الذى أرضعته وكالة الاستخبارات الأمريكية لقتال السوفيت ثم تركته فى العراء، عليها، وعوضا عن استهداف مبنى المخابرات الأمريكية أو البيت الأبيض، ضرب الوحش برجى مركز التجارة العالمى، أضخم رمز (لعالم البزنس) فى الولايات المتحدة، وبالمقابل، وعوضا عن عقاب تنظيم القاعدة بزعامة أسامة ين لادن بحرمانه من التنفس،  قام صانع الوحش بشن حرب عالمية ضد الإرهاب وضع فيها قواعد مدهشة للصراع: الأسواق الحرة مقابل الإسلام الجهادى!!

صاحب اللعبة اختار الإسلام الجهادى لمكافحة الشيوعية، وصوره للعالم على أنه الطيب، وأن السوفيت هم الرجل الشرير فى الرواية، ثم عاد ليروى لأطفاله أن الشرير هم الجهاديون المسلمون وأنه يقاتلهم بالاشتراك مع الروس، وأن العدو الذى كان يتخذ من أفغانستان مقرا له، إنما يوجد أيضا فى العراق وسوريا وكوريا الشمالية وجميع أنظمة العالم العربى (الجمهورية) التى كانت تكافح من قبلهم الإسلام الجهادى، غيروا بأموالهم أنظمتها لتمكين الإسلام الجهادى لضمان مكافحة الإرهاب، وطبعا هذه القصة الخرافية حدثت بالفعل، لكنها لا يمكن أن تقنع ملايين الشباب الأمريكى بابتلاع حقيقة (عسكرة العالم)، وتمدد النفوذ العسكرى واختلاق صراعات مسلحة على خلقية تراجيديا ضرب برجين للشركات بطائرات مدنية تابعة لشركات، وتعاظم ثروات المقاولين المتعاقدين مع الجيوش، بعد خصخصة الحرب ضد الإرهاب، وهل ما حدث كان انتقاما لشرف الديمقراطية والحرية من متطرفين إسلامويين أم أنه انتقام من عالم البزنس ضد الإسلام ذاته؟

فى واشنطن تعاقب 4 رؤساء على مدار 20 سنة، لم يقدم أى منهم إجابة دقيقة لشعبه أو للعالم عما جرى، لماذا وكيف جرى، كان جميعهم يحمل على ظهره دون أن يعى معتقل جوانتانامو و وزارة الداخلية والأمر التنفيذى للطوارئ وزيادة سنوية للإنفاق العسكرى، حتى إن كانت الحمولة تنسكب منها جثث لآلاف القتلى من الجنود وعشرات آلاف غيرهم بأطراف صناعية بعضهم أعادوه للخدمة فى العراق.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: