الشاعر الفلسطينى محمود درويش كان يشير إلى أنه "على قدر حُلمك تتسع الأرض/الكون".. أعتقد أن هذه الجملة قد تشرح ما فعلته الإمارات باستضافتها معرض إكسبو 2020 دبي.
هذا المعرض الحُلم الذي تأخر افتتاحه من العام الماضي بسبب جائحة كورونا، يعتبر فريدًا من نوعه فى العالم فهو يقام كل 5 سنوات تقريبا أو على فترات متباعدة كأنه مونديال بين الدول ولكن ليس فى كرة قدم.
هو مونديال لعرض أهم الابتكارات التي رسمت ملامح العالم الذي نعرفه اليوم.. وتكشف فيه كل دولة أحدث التقنيات من جميع أنحاء العالم.. وتحتفى فيه البشرية جمعاء بالإنجازات والصناعات الرائدة.
في بداية هذا الشهر – سبتمبر- غرد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قائلا: "إن التجربة التي سيشهدها العالم في إكسبو دبي ستكون غير مسبوقة.. اطلعت على الاستعدادات الأخيرة، لانطلاقة إكسبو دبي بعد شهر من اليوم في 1 أكتوبر 2021.. الفرق مستعدة.. البنية التحتية مكتملة.. أجنحة الدول جاهزة للتحليق بأكبر حدث عالمي بعد الجائحة… الإمارات العربية المتحدة ودبي ستكون محط أنظار 191 دولة.. متفائل بالحدث الأجمل والأعظم".
مع تغريدته نشر عدة صور من بينها واحدة وهو ينظر للمعرض بعد اكتماله من أحد الطوابق العالية.. الصورة أخذت فى الانتشار فى وسائل التواصل الاجتماعي بعدما أضاف إليها المغردون صورة قديمة للحظة بداية العمل فى إكسبو 2020.. ليقارنوا ويظهروا ما تحقق على الأرض بالفعل.
وأغلب التعليقات كان حول الإنجاز وكفاءته وجودته.. لكن أهم تعليق كان على الصورتين والذى انتشر بصورة كبيرة دفعتني لكتابة المقال، وهو الفعل أبقى من الكلام.. وأن ما قالته الإمارات حققته بالفعل.
المعرض سوف يبدأ بعد عدة أيام فى 1 أكتوبر 2020 ويستمر إلى نهاية مارس 2021 .. أى أنه سيستمر لمدة 6 أشهر كاملة.
وهو ثالث أهم حدث بعد كل من بطولة كأس العالم لكرة القدم ودورة الألعاب الأولمبية يحقق صدى اقتصاديا.
لذلك أعرض لكم بعض الأرقام الاقتصادية عن المعرض.. ففيه استثمارات ما بين 25-32 مليار درهم.. ويصنع حوالى 277000 فرصة عمل جديدة.. ومن المتوقع أن يحقق عوائد مباشرة وغير مباشرة تصل إلى نحو 145 مليار درهم، أى تقريبا 5 أضعاف ما تم إنفاقه.
سيرفع من قيمة التجارة غير النفطية لدبي إلى نحو 4.5 تريليون درهم في 2020، خاصة في قطاع الاستثمار في الضيافة والطيران مع توقع زيارة 25 مليون زائر خلال فترة انعقاده، يتوقع أن يكون 70 بالمائة منهم من خارج دولة الإمارات العربية المتحدة.. لذلك مطلوب توفير أكثر من 24 ألف غرفة فندقية لسد الفجوة بين العرض والطلب.
المعرض يحمل شعارًا: "تواصل العقول وصنع المستقبل".. وبالتأكيد اختيار الشعار يخضع لكل بلد ليعبر عن رؤية وأفكار الدولة المنظمة..
وقد حمل أول معرض لإكسبو عام 1851 في لندن شعار "المعرض العظيم".. فيما حضره حينها نحو 6 ملايين شخص.
أهم ما يميز المعرض أجنحة الدول.. فكل دولة تحب أن تستعرض قوتها وتأثيرها وثقافتها.. وأهمس فى أذن المسئولين عن الجناح المصري في هذا المعرض وفى كل معرض مصر تشارك فيه، نرغب فى استعراض قوتنا وثقافتنا وتاريخنا وحضارتنا.. لا داعي لاستخدام الحضارة الفرعونية فقط.. فليست هي الوحيدة التي شكلت وجدان مصر.. فيمكننا استخدام إبداع الحضارة الإسلامية وجمال نقوش وتصميمات الفترة الفاطمية وذكاء وعبقرية الفن الحديث.. فيمكننا الخروج قليلا من عباءة الفراعنة لنعرض حاضرنا ومستقبلنا جنبا إلى جنب مع الحضارة الفرعونية العريقة.
وكما بدأنا بمحمود درويش أختم بالمتنبي.. "فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم" فأرجو أن يبهر الجناح المصري الجميع.. وأثق أن الإمارات ستخرج فائزة بفضل التخطيط ثم التخطيط ثم التخطيط والرؤية المستقبلية الثاقبة.. فهنيئا لهم.
تويتر: @ahmedtantawi