انطلاقا من واقع مسئولية الأزهر تجاه المجتمع والدور الكبير الذى يجب أن يقوم به للحد من انتشار ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق بما يترتب عليها من تفكك أسرى فضلا عن دوره فى حل الخلافات الأسرية ونزاعات المواريث، أطلق مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية وحدة "لم الشمل" التى تهدف إلى حماية الأسرة والمجتمع ككل ونشر توعية مجتمعية وأسرية صحيحة بالإضافة الى المساهمة فى الوصول بالحقوق لأصحابها.. وفى هذا الحوار يتحدث دكتور أسامة الحديدى مدير مركز الأزهر العالمى للفتوى.
موضوعات مقترحة
ما هى الأسباب التى دفعت الأزهر لتأسيس وحدة "لم الشمل"؟
الوحدة بدأت فى أكتوبر 2018 وذلك بعدما أكدت الإحصائيات والدراسات الارتفاع المبالغ فيه لنسب الطلاق فى مصر بما يستوجب التدخل للحد من هذه الظاهرة وعلاجها خاصة بعدما تجاوزت الإتصالات التى يتلقاها مركز الفتوى الإلكترونية والتى تتعلق بمشاكل الزواج والطلاق والأحوال الشخصية نحو 70 % من الكم الكلى للإتصالات اليومية الخاصة بالفتوى، ومن هنا وجه فضيلة الإمام دكتور أحمد الطيب بإنشاء وحدة متخصصة لحل الخلافات الأسرية والنزاعات العائلية والمواريث وصحة تقسيمها والتشاجر بين أفراد العائلات أو شركاء العمل أو الجيران سواء كان خلافا ماليا أو اجتماعيا.
ما هى آلية العمل فى الوحدة أو طرق الوصول إليها؟
نحن لدينا رقم مختصر لاستقبال الإتصالات عليه وهو 19906 ويتم من خلاله الرد على جميع الأسئلة التى تتعلق بالمشاكل العائلية، كما أننا لدينا صفحات خاصة على جميع وسائل التواصل الاجتماعى يستطيع السائل أو صاحب المشكلة التعامل معنا من خلالها، ونرد عليه فورا عبر تطبيق الماسينجر أو يأتى بنفسه الى مركز الفتوى ويتم استقباله، وحل مشكلته، كما أننا لدينا 27 وحدة خاصة بمبادرة "لم الشمل" تغطى جميع محافظات الجمهورية وليس هذا فقط ولكننا أيضا نذهب الى أصحاب المشاكل بأنفسنا فى أى مكان، فقد ذهبنا لحل مشاكل أسرية فى أسوان والعريش ومطروح وجنوب سيناء، وذلك لأننا نهدف الى الوصول لكل فئات المجتمع، والحمدلله قد استهدفنا حتى الان من خلال المشروع ما يقرب من 3 ملايين و500 ألف مواطن مصرى فى المعاهد والجامعات وقصور الثقافة ومراكز الشباب.
ما هى الأسباب التى وصلت بنا الى هذه النسب المرتفعة فى الطلاق والخلافات الأسرية بشكل عام ولماذا أصبحنا أكثر عدوانية فى تعاملنا مع بعض؟
فيما يتعلق بالزواج فللأسف العند والكبر بين الطرفين يجعل كل واحد لايرى سوى نفسه فقط، ومن ثم لايسعى باجتهاد حقيقى لإصلاح الأمور، بما يحافظ على كيان الأسرة ومستقبل الأبناء فضلا عن تدخل الأهل وإسراف أحد الزوجين فى البقاء على الفيسبوك والبخل فى المادة والعاطفة والمودة والحقيقة أننا لا نستطيع أن ننكر أن الخلافات الزوجية والنزاعات العائلية والمجتمعية أصبحت بالفعل أكثرعنفا وعدوانية فى الخمس عشرة سنة الأخيرة، ويعد تأثير التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الإجتماعى بما تصدره من صور ومعلومات غير صحيحة عن الحياة أحد الأسباب التى ساهمت فى زيادة العنف بين الناس خاصة عندما يأخذ الشخص من هذه التكنولوجيا ما يخدم وجهة نظره هو فقط وبالتالى بيتمسك برأيه حتى لو كان خطأ
ومن ثم لم يعد هناك تخصص واختلط الحابل بالنابل، وهذا ما نحاول نحن أن نصححه من خلال وحدات ومقرات لم الشمل، حيث إننا نستمع لوجهات النظر الخاصة بكل أفراد المشكلة ونوضح لهم الحق من الباطل وأوامر الله فى التعامل مع مثل هذا الموقف حتى تتضح الأمور وتوضع فى نصابها الصحيح يعنى مثلا من أكثر المشاكل التى تقابلنا فى المواريث عندما يكتب أب جزءا كبيرا من ثروته لأحد أولاده فقط دون أن يرضى باقى الأبناء أو يهب كل ما يملك لأولاده منعا لميراث الأعمام وهذا غير جائز شرعا حتى لو كان على خلاف مع الأعمام، فربما زال هذا الخلاف بعد عام أو اثنين ومن ثم على الأب أن يحرص على عدم توريث الكراهية بين الأبناء وأعمامهم حتى لاتمتد هذه الكراهية الى جديدة، وبالمناسبة لايوجد بيت فى الدنيا لاتوجد به خلافات حتى بيت النبوة لم يخل منها إلا أن النبى صلى الله عليه وسلم عالج هذه الخلافات بالمحبة والصبر.
وأين كان دور الأزهر قبل أن تصل الأمور الى هذا الحد من الخلافات الاجتماعية؟
الأزهر موجود ولكن من يستقى المعلومة غالبا ما يبحث عمن يعطيه الرأى الذى يتوافق مع هواه، أما الأزهر فهو لايعطى إلا الرأى الشرعى المعتدل الذى يرضى الله ولايضر أصحاب المشكلة والحقيقة الإعلام والدراما عليهم دور كبير فى مساعدة الأزهر على القيام بواجبه ولكن للأسف ما يحدث خاصة فى الدراما يأتى بعكس ذلك فالصور الفاسدة والأفكار المتطرفة التى يصدرها فيلم أو مسلسل فى نصف ساعة يحتاج تصحيحها ومعالجتها إلى مجهود سنوات من الأزهر، لذلك نحن قررنا منذ بداية إنشاء وحدة لم الشمل النزول إلى الجامعات والالتقاء بالطلبة والشباب فى كل المحافظات للإستماع إليهم وحل مشاكلهم وتوجيههم للاتجاه والأفكار السليمة التى تصحح مسار حياتهم وتساهم فى خدمة المجتمع بشكل عام وهذه اللقاءات لم تكن ليوم واحد فقط وإنما نبقى فى كل جامعة ومحافظة لمدة تتجاوز الإسبوع بما يتيح لنا القدرة على الإنصات للشباب ومساعدتهم بالإضافة الى أننا نستقبلهم من الثامنة صباحا فى الجامعة حتى الثانية عشرة مساء فى مراكز الشباب.
من واقع الخلافات التى يتلقاها المركز.. من الذى يقع عليه العبء الأكبر لاستيعاب الخلافات خاصة الزوجية وحلها؟
فيما يتعلق بالخلافات الزوجية يقع العبء على الطرفين فالإثنان عليهما تفهم المشكلة ومحاولة حلها ولكن يبقى الرجل هو الأقدر على وضع الأمور فى نصابها وإلا ما كان ربنا سبحانه وتعالى منحه القوامة وهى تكليف وليست تشريفا يوجب عليه احتواء زوجته وأولاده والمجتمع المحيط به والرجل الذى يتصور أنه القوامة هى الإنفاق فقط مخطئ وعليه أن يعود لمثلنا الأعلى فى الاقتداء وهو النبى صلى الله عليه وسلم ليتعلم التطبيق الصحيح للقوامة حيث كان النبى فى بيته كما وصفته السيدة عائشة "فى مهنة أهله" بمعنى أنه يقوم بكل وظائف أهل البيت فقد كان يرقع ثوبه ويحلب شاهه ويخصف نعله فى ظل أنه رسول مكلف بالدعوة ومع كل هذه التحديات كان لبيته مكانة خاصة جدا، أما فيما يتعلق بدور المرأة فعلى كل زوجة أن تقتضى بالسيدة خديجة رضى الله عنها، وقد كانت صاحبة مال وتجارة ورغم ذلك لم تقل هذه أموالى وتجارتى بالعكس فقد دعمت النبى عليه الصلاة والسلام بكل ما تملك ووقفت بجانبه فى دعوته وشدته، ومن ثم على الزوجة أن تقف بجانب زوجها وتظل داعمة له فى الحق، إذن العملية مشتركة بين الإثنين ولكننا نقول للزوج أنت المسئول عن الكلمة الطيبة ونشر المحبة فى البيت وتجديد المشاعر بينك وبين زوجتك واحتواء غضبها وغيرتها والتفريج عنها.
ماذا عن عدد المشاكل التى عرضت على وحدة لم الشمل حتى الآن والخلافات التى استطعتم حلها بالفعل؟
عرض علينا حتى الآن 60 ألف مشكلة أسرية تدخلت الوحدة فى 50 ألفا وتم حل 33 ألف مشكلة وحتى الخلافات التى تصل الى ساحات المحاكم بدأ السادة القضاة يطالبون وحدة لم الشمل بتقرير عن نتيجة تدخلها فى حل النزاع المعروض على المحكمة لكون هذا التقرير يمثل نوع من الإسترشاد للسادة القضاة ورؤساء النيابة لحسم الأمر بشكل نهائى وأحيانا يحدث العكس بمعنى أن بعض النزاعات تصل الى المحكمة وأثناء فترة التقاضى تلجأ إلى وحدة لم الشمل فنصلح فيما بينهم ويذهب طرفا النزاع للتنازل أمام القضاء بعدما حلت الوحدة مشكلتهما وأعطت كل ذى حق حقه.