Close ad

د. خالد قنديل يكتب: مصر والعراق .. تعاون بنَاء وشراكةٌ وطنية

30-8-2021 | 06:06

"إن الشعب الذي يملك هذه الحضارة وهذا التاريخ المشرف يملك بلا شك مستقبلاً واعداً بفضل أبنائه وسواعدهم وما يحدوهم من أمل وحافز نحو تحقيق غد أفضل، وأؤكد أن لكم في مصر إخوة حريصين على نهضتكم، مرحبين بنقل تجربتهم وخبراتهم في مجالات مختلفة إيماناً بوحدة المصير والهدف لنسير معاً على طريق المستقبل الذي تضيئه إرادتنا وثقتنا في قدرتنا الصلبة على اجتياز الصعاب أياً كانت"...

كلماتٍ مكثفة معبرة تختزلُ كثيرًا من المعاني التي يمكن أن يبثها قلبٌ صادقٌ وواعٍ لأبناءِ أمةٍ تجمعنا بها روابطُ الدم والتاريخ والإنسانية، كلماتٌ أصيلةٌ من لسانٍ مصري وعربيٍ أصيل بثها الرئيس القائد عبدالفتاح السيسي ووجهها لأبناء وشعب العراق العظيم في ختام كلمته أثناء مشاركته بأعمال مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، والتي جسدت وأبرزت كل الجهود المصرية المخلصة والساعية لدعم العراقِ الشقيق ومساندته في معركة البناء للمستقبل، وبلوغ التنمية نحو مستقبلٍ زاهٍ بعد سنواتٍ عانت فيها بلاد الرافدين من الحروب والإرهاب والتطرف، لتحاول من جديد الآن، وتنهض لافظةً للطائفية ومنفتحةً على البناء والسلام والتنمية.
 
إن الحديث عن أي تعاونٍ بنّاء يعني محاولة الوصول إلى نتائجَ إيجابية بين الأطراف المتعاونة، وتكون ثمرة هذا التعاون والتكاتف الذي تستلزمه ضرورة الزمان والمكان والجوار والتاريخ هو بلوغ الأوطان حد الأمن والأمان، والاطمئنان على مستقبلها ومستقبل الأجيال فيها، من هنا جاءت تلك المشاركة الفارقة للرئيس السيسي في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، دالة ومؤكدةً حرص مصر على دعم عودة العراق الشقيق لدوره الفاعل والمتوازن على المستوى الإقليمي، ولضمان أمنه واستقراره، وترسيخًا وتفعيلًا لما سعى إليه المؤتمر من مناقشة السبل الكفيلة لتعزيز مسار الحوار البناء بهدف إقامة شراكة وتعاون وتكامل اقتصادي بين العراق ودول الجوار والدول الصديقة، فكان تناغمًا أصيلً واتفاقًا ضمنيا مفروغًا منه بين الأشقاء والقادة، حين رحب الرئيس العراقي بزيارة الرئيس إلى بغداد، مؤكداً تقديره العميق للسيد الرئيس على المستوى الشخصي، وحرص العراق على استمرار التنسيق والتشاور المكثف مع مصر على جميع المستويات، في ظل ما يجمع البلدين من علاقات وروابط قوية، وفي ضوء أهمية ومحورية الدور المصري بالمنطقة والداعم للعراق، بما يسهم في مواجهة التحديات المشتركة التي تمر بها الأمة العربية.
 
فلا ظل من ريب حول عمق وترابط أواصر الود والأخوة وامتداد العلاقات بين مصر والعراق، تلك العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين على جميع المستويات شعبًا وحكومة وقيادة وعروبة ووطنًا متآخيًا متماسك الأيدي والسواعد البناءة.
 
لذا جاء هذا المؤتمر الملهم والمهم ليدعم سبل تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، ومناقشة الموقف التنفيذي للمشروعات المتفق عليها في إطار آلية التعاون الثلاثي مع الأردن، فضلا عن مناقشة ملفات توسيع الشراكة الاقتصادية ومحاربة الإرهاب ودعم مشاريع إعادة الإعمار في العراق وتوسيع التعاون بين العراق ودول الجوار، وتعزيز دور العراق القومي العربي، وتقديم الدعم الكامل للشعب العراقي في جميع المجالات، دعماً لعلاقات التعاون المتبادلة ولمسيرة العمل العربي المشترك.
 
ودائمًا ما تؤكد مصر هذا التفهم لأهمية دعم استقرار الأشقاء سواء على المستوى الإفريقي أو العربي، فمنذ تولي الرئيس السيسي المسئولية عام 2014 وهو يولي أهمية كبيرة للعراق؛ حيث أعلن صراحة أن مصر تدعم بغداد وجيشه في محاربة الإرهاب، ويوصي بسرعة تنفيذ المشروعات المشتركة مع العراق ودعم أمنه واستقراره، لأن العراق وطن كبير وله خصوصية تاريخية وسياسية وجغرافية تؤهلها لأن يكون ساحة لتلاقي المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمي والدولي، ومن هنا يأتي الحرص المصري الصادق والأكيد في أن يأخذ العراق دوره التاريخي، ليكون أحد ركائز السلام في المنطقة، ويتمكن من أن يخلق جسرا للتواصل والتعاون والتكامل الشامل مع الجميع.
 
وليس أمرًا على سبيل المصادفة أو المجاملة أن يجدد العراق دائمًا تأكيده وتطلعه  لتعزيز أطر التعاون مع مصر، بل انطلاقًا من هذا الرباط والوشائج، وكذلك بعد نجاح مصر في أن تصبحَ نموذجًا ملهمًا يُحتذى في منطقة تعاني من الأزمات والاضطرابات، رغم ما تفرضه تلك الظروف الضاغطة من تحديات جسيمة، لتصبح التجربة المصرية مثالًا فارقا وبارزًا على مستويات مختلفة بدءًا من دحر الإرهاب ومواجهة التطرف مرورًا بالتأسيس السليم لبناء وطن قوي ورائد، وصولًا لمسارات التنمية المختلفة بجميع المجالات، وبعد أن أثمر هذا التعاون بين مصر والعراق كثيرًا من الخطوات الإيجابية والفارقة مثل التنسيق الثلاثي بين مصر والأردن والعراق فى قمة عمان في 25 أغسطس العام الماضي، وانعقاد اللجنة العليا المصرية العراقية فى بغداد فى الفترة من 28-31 أكتوبر 2020 برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فلن يتوقف هذا التكاتف والتعاون في اتجاه مزيدٍ من الخطوات والنتائج التي تحقق لشعبي البلدين، وبما يلبي تطلعاتهم في حياةً آمنة قوية مطمئنة مستقرة، فلا تزال هناك الفرص الكبيرة لخلق مساحات أكبر من التعاون وبناء المستقبل.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: