انتابني شعور مختلط بين الفرح والحزن فور سماع ما حققه الدكتور والعالم الشاب أنيس حنا من إنجاز علمي، وقد احتفت به كبرى الدوريات العلمية المتخصصة في الولايات المتحدة، وأشادت به أكبر منظمة طبية متخصصة عالميًا، ونجح في التوصل إلى الجين المتحكم في شفاء جلطات القلب، والتي تعد القاتل الأول للبشر.
وليس هناك أدنى شك في سعادتي الغامرة بفوزه أرفع أوسمة العلم، ويضاف نجاحه إلى قائمة نوابغ مصر الذين تبوأوا قمة الهرم العلمي والاقتصادي والثقافي في دول العالم الأول.
ولكن في ذات الوقت يزاحم بداخلي الشعور بالأسى، بسبب توصل عالمنا المصري لاكتشافه خارج معامل أبحاث جامعاتنا، حتى يستفيد من عائده المادي اقتصادنا القومي، وخاصة بعد الانتقال إلى مرحلة التصنيع في مصانع الدواء المصري، وينبع ذلك من غيرتي وحرصي على الوطن.
وتخيل عزيزي القارئ حجم الثروة الكبرى من عائد علاج ملايين البشر على مستوى العالم، ويبلغ عددهم نحو 47 مليون شخص، نتيجة وفاة 85% من المرضى بأمراض القلب، وتكون من جراء جلطات القلب، وبمجرد توصل فريق البحث المشارك للعالم الشاب إلى منتج دوائي لعلاج جلطات القلب، سوف تهرول إليه كبرى شركات الدواء الأمريكي، وقال الدكتور أنيس حنا، إن جلطات القلب بمثابة الوباء الجديد في الفترة القادمة.
ويعرف الباحثون الابتكار بأنه نشاط يثمر عنه منتج جديد أو يطور منتج قديم ويفتح أسواقا جديدة، ولذلك أضحت المعرفة عاملًا رئيسيًا في نمو اقتصاديات الدول، ويطلقون عليه الاقتصاد المعرفي.
وبناء على المتغيرات الحديثة التي يشهدها العالم حاليًا في جميع المجالات، تتوثق العلاقة بين القدرة على الإنتاج والتقدم بالقدرة على التفوق في الإبداع والابتكار، ولتنامي دور الابتكار في تطور الاقتصاد وقوته، تم وضعه على أولويات جدول أعمال منتدى دافوس في عام 2020.
ويشير إلى اهتمام الدول الكبرى المشتركة في هذا المنتدى بأهمية الابتكار في قيادة الاقتصاد المعاصر بصفة خاصة وفي قيادة المجتمعات بشكل عام، وقد أصبح له دور فاعل في مجالات اقتصادية تختلف عن دوره في القرن الماضي.
ومن أهم هذه المجالات تقنية أجهزة الحاسبات أو ما تسمى بالبرمجيات والآلات الكهربائية والاتصالات الرقمية والتكنولوجيا الطبية، وأوضح مثال على العائد الهائل لأرباحها، تصدر مبيعات شركة "مايكروسوفت" في العالم بأكثر من 98 مليار دولار.
والمثال التالي في مجال التكنولوجيا الطبية تربح شركتا فايزر ومودرن الأمريكتين أكثر من 50 مليار دولار من مبيعات لقاح كورونا حول العالم، وتتوقع الشركتان تضاعف أرباحهما مع نهاية هذا العام، ويقول مستثمرو تلك الشركتين إنهم في المقابل يتحملون مخاطر كبيرة في حال إخفاق تجارب اللقاح في معاملها.
ونناشد رجال الأعمال والجامعات بتمويل استثمارات البحث العلمي بجانب مشروعاتهم التجارية الأخرى، ونرجو من رجال الأعمال أن يرفعوا سقف طموحاتهم، ويحتذون حذو مستثمري الغرب في شركات البرمجيات والدواء.
Email: [email protected]