لم يعد خافيًا على أحد حقيقة مسئولية جماعة الإخوان الإرهابية عن تنفيذ جميع جرائم العنف والتخريب والاغتيال التي وقعت في مصر منذ عزل رئيسها بإرادة شعبٍ أبي ساندها جيش وطني، لذا ليس غريبًا أن يتفق الخبراء السياسيون؛ بل وفئات المجتمع كافة على أن الأحكام الصادرة ضد قيادات هذا التنظيم - الذي يعد أحد محاور الشر في العالم - تتسق مع قيمة العدالة المصرية وفي العالم أجمع، وسوف تسهم بشكل كبير في شل حركة هذا التنظيم وردع القائمين عليه، كما أنها جاءت وفقًا لرغبة شعبية طالبت بضرورة الإسراع في تنفيذها على من ارتكبوا جرائم لا تُغتفر في حق الشعب المصري فكان من العدل أن ينالوا جزاءهم.
ولأن ذاكرة الإنسان قد تسهو فإن ذاكرة التاريخ لا يمكن أن يُمحى من سطورها مشهد أو مفردة أو حدث، فالجميع رأوا كيف أن القيادات الذين تم الحكم عليهم، كانوا يتفاخرون بالعنف على منصات اعتصام رابعة العدوية، وهل نسي الشعب المصري البلتاجي على سبيل المثال حين صرخ بأعلى صوت (إن العنف لن يتوقف في سيناء إلا بعد عودة محمد مرسي للحكم)"، ورأينا التنسيق بين داعش وحماس، لتنفيذ عدد من العمليات بعد ثورة 30 يونيو مباشرة، وبعد فض اعتصام رابعة الإرهابي المسلح، وبالفعل نُفذت العديد من العمليات الإرهابية في مصر، فقد كان هناك تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة، وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، والشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل.
وارتكب الإخوان في مصر ما يزيد على 1170 جريمة خلال السنوات الماضية، تنوعت بين قتل وتفجير وأعمال عنف، وتركزت في سيناء بنسبة 88%، وراح ضحيتها في سيناء فقط 1400 شهيد من الجيش والشرطة، و850 من المدنيين من أهالي سيناء، وعرف الناس أن التنظيم الإرهابي هو أساس التنظيمات المسلحة التي خرجت منها جميع أعمال العنف والقتل والتخريب، ليس في مصر فقط، ولكن في المنطقة العربية بكاملها.
وقد تعمل قيادات التنظيم الإرهابي على استغلال تلك الأحكام، برغم عدالتها للترويج للشائعات ضد مصر، واتهامها زورًا وزيفًا بالتعدي على حقوق الإنسان، وقد قرأنا عن تلويح أمريكي بتعليق المساعدات العسكرية المقدمة إلى مصر، بزعم وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وهذه الأخبار إن صحت فهي تثير السخرية والتعجب معًا، ففي الوقت الذي يصدر فيه حديث ما حول حقوق الإنسان والخوف على ضياعها في بيئةٍ آمنة تسعى بالأساس إلى الحفاظ على الإنسان وحقوقه في العالم عبر السلام، نجد أن هذه الأصوات ذاتها هي من انتابها الخرس وشُلت أيديهم أثناء حرب الإبادة على الفلسطينيين من قبل الكيان المحتل، بل بعضها بارك هذا القتل الممنهج والتخريب والدمار في الأراضي المحتلة بذريعة أحقية الاحتلال في الدفاع عن وجوده.
وليعلم من يرفعون حناجرهم بمزاعم انتهاك حقوق الإنسان أنه من المرفوض تمامًا أن توجه تلك الاتهامات والمزاعم المرسلة، التي تهدف إلى إحراج الدولة وتعبئة المجتمع الدولي لعرقلة جهودها التنموية ودورها في تعزيز الاستقرار والسلم الإقليمي والداخلي، ولا يتصور هؤلاء أن مصر دولة مهيضة الجناح وسوف تؤكل بالتكالب عليها، فالحديث عن فجوةٍ ما بحقوق الإنسان في مصر، ينم عن حواس معطلة لدى القائلين به، ولدى من يدفعون بهذه التقارير ضد دولة قطعت وتقطع أشواطًا كبيرة في بناء الإنسان، ومن ثم بناء مستقبلها، بعد سنوات كثيرة عجاف قبل ثورة يونيو على من أنهكوا شعبها وسرقوا أحلامه، فلم يجد ـ كما قال القائد فيما بعد ـ من يحنو عليه، حتى من هؤلاء الذين يتشدقون بمجالسهم وبرلماناتهم ولم يبق في جرابهم المهترئ سوى زيف أوروبي يتبنى موقف خفافيش الظلام ويساندهم.