Close ad

129 سنة على اكتشاف مقبرة حرخوف.. مكتشف إفريقيا وصاحب أول رحلة فرعونية لأعالى النيل|صور

8-7-2021 | 12:53
 سنة على اكتشاف مقبرة حرخوف مكتشف إفريقيا وصاحب أول رحلة فرعونية لأعالى النيل|صوراكتشاف مقبرة حرخوف
محمود الدسوقي

تم اكتشاف مقبرة الرحالة الفرعوني حرخوف عام 1892م، بقبة الهوا بأسوان، حيث قدمت المقبرة منذ اكتشافها بمدة 129 سنة، الكثير من الأسرار عن السيرة الذاتية لأحد الرحالة الأوائل فى التاريخ  المصري القديم، حيث وصلت رحلات حرخوف إلى قلب إفريقيا ليدون عالم النيل القديم، بل قدمت مقبرة حرخوف معالم عن إنسانيته وأخلاقه العالية فى تعاملات اليومية ،ذلك الرجل الذي لم يمنع جاره من استقلال قارب لعبور النهر،  ولم يهن  جائعا أو فقيرا، والذي أقسم قبل موته بأنه مثل المصريين لم يلوث النهر.

موضوعات مقترحة

ويبلغ ارتفاع جبل قبة الهوا نحو 130 مترا، وبه مقابر عديدة  منحوتة لنبلاء وكهنة أسوان، فى ذلك المكان الذي يتغنى المصريون له فى أغاني الأفراح الشعبية، حيث تسود الاعتقادات الشعبية بأن الجبل يُنسب للشيخ سيدى على بن الهوا.

وتقبع المقبرة التى كانت مخصصة المقابر النبلاء الأسرة السادسة التى ظهر فى عصرها حرخوف عاشق النيل وحاكم أسوان، وتؤكد سيرته الذاتية إنه أحد رجال الدولة البارزين فى عصر الأسرة السادسة، شارك فى تحقيق السياسة التى رسمها ملوك هذه الأسرة فى التوسع والعمل على اكتشاف البلاد الواقعة إلى الجنوب من مصر، وقد وصل  المصريون القدامى حتى دنقلة، ومن خلال الرحالة  استطاعت مصر الاتصال بأعماق إفريقيا، وكان حرخوف أحد أبرز المستكشفين المصريين فى ذلك العصر. 

منذ طفولته عشق حرخوف الجنوب، وصمم على سبر أغوار نهر النيل بحواسه، فالطفل المولود لعائلة نبيلة،  قرر أن يسلك الطريق الصعب فى عشقه للرحلات نحو النيل  وعوالمه الغامضة آنذاك، حتى وضعه المؤرخون والأثريون فى كتاباتهم، ضمن أشهر الرحالة فى تاريخ مصر القديمة الذين ذهبوا فى رحلات نحو إفريقيا  لاكتشاف النهر وسبر أغواره،وحيث تم وضع اسم حرخوف بجانب الرحالة المصريين العظام فى التاريخ القديم أمثال مخو، وسابنى. 

عاش حرخوف الذي يعتبره الأثريون والمؤرخون أول من سار على طرق علمية فى رحلاته، فى عهد الأسرة السادسة التى اهتمت اهتماما كبيرا ببلاد النوبة ومابعدها من البلاد التى تقع خلفها جنوبا عند الشلال الثانى، حيث أقامت الأسرة السادسة علاقات وطيدة مع تلك الدول، وقد عمل فى ظل حكم مرن رع الذى استمر من سنة 2247 إلى سنة 2241 قبل الميلاد، وأخيه غير الشقيق بيبى الثانى الذى استمر فى الحكم حتى سنة 2148 قبل الميلاد، وقد قرر حرخوف أن يرتحل مع والده نحو الجنوب فى مرحلة الطفولة ، وقد رفض والده فى البداية؛ لأنه كان مكلفا من قبل الملك لاكتشاف الطريق نحو منطقة إيام ، ووضع تقريرا عنها،  وعن أهم الطرق التى تتجه إليها، ولكن الطفل حرخوف كان مصمما، وقد  وعد حرخوف والده أنه لن يشكو من أى شيء إن اصطحبه معه، ووعده أنه سيكون رجلا لا طفلا أمام المخاطر الجمة التى قد يواجهونها فى الرحلة، وماكان من والده غير أن يرضخ لطلبه فوصلا نحو منطقة إيام، فى مدة طالت حتى بلغت ثمانية أشهر.

كان والد حرخوف واسمه إزى صديقا لنجله حرخوف، الصديق الوحيد له الذي اصطحبه نحو الجنوب طفلا  بناء على رغبته وحبه للنيل حيث منطقة إيام، ويختلف  الأثريون فى الموقع الجغرافي لمنطقة إيام، فمنهم من يري أنها عند الشلال الثانى، ومنهم من يؤكد أن إيام  فى السودان بالقرب من الخرطوم حاليا، حيث نقطة التقاء النيلين الأبيض والأزرق، اللذين يتشكل منهما نهر النيل الخالد.

وفى رحلته الأولى شاهد حرخوف الشلالات، حيث كون النهر الخالد شلالات عدة حين بخترق الهضاب سائرا من المنابع نحو نهر المصب، وكان منظر الشلال بديعا يخلب لب الطفل حرخوف الذي كان دائم البحث والسؤال عن طبيعة البلاد التى تقع خلف الشلالات،  وكان يقارن بينه وبين نفسه، بين الطبيعة فى الشمال التى يعيش فيها، وبين الطبيعة فى الجنوب التى جاء إليها زائرا، إلا أنه وقع فى غرام تلك الطبيعة منذ الرحلة الأولى، حيث يقرر بأنه لن لايمكث كثيرا فى مصر حتى يقرر العودة لشلالات النهر، فقد كان هناك صوتا قويا يرن فى قلبه وحواسه أن "اذهب حيث تريد أن تحب". 

حين كبر حرخوف قرر أن يقنع المسئولين فى مصر برغبته فى الذهاب حيث يدفعه نداء قلبه بالتوغل نحو الجنوب،  فيجد أذانا صاغية وإعجابا بحماسه، فيعد العدة ويسير بأمتعته ليخترق طريق ألفنتين، وفى طريقه كان يسجل طبيعة الحياة ويتعمق، وقد امتاز بطريقة علمية في الرحلات، حيث كان لا يعود من الطريق الذي سلكه في الذهاب، فالمغامرة السهلة لم تكن تشوقه؛ لذلك كان يسلك طرقا عدة، رغم مشقة الطرق ووعرتها واختلاف القبائل، وكثرة الحيوانات المفترسة بها، وحين توالت عليه الرسائل بالرجوع نحو مصر، فيكون كان الرد:"لن أترك البلاد إلا بعد أن أقضي بها ما يوزاى القدوم إليها وهى مدة ثمانية أشهر"، وهذا ماحدث، حيث كتب فى  تقريره العديد من أسماء الأماكن نحو منطقة إيام.

ويقول حرخوف فى وصف رحلته الأولى:"أرسلنى جلالة مرن رع سيدى، كما أرسل والدى السمير الوحيد والمرتل إزى إلى بلاد إيام، لأكشف الطريق الذى يؤدى إلى البلاد الأجنبية، وقد قمت بهذا العمل فى 6 أشهر فقط، وقد عدت بكل أنواع الهدايا من هذه البلاد، وقد أثنى على كثير من أجل ذلك"، وحين رجوعه لمسقط رأسه مصر  تحول لحكاء  يقص على الناس ماشاهده عن امتداد الصحراء فى هذه البلاد القريبة من النهر،  ويروى حكاياته، فيقبل الناس إليه ويجدون استمتاعا، ويفتخر حرخوف بنفسه وأن ماةقام به لم يفعله أحد من قبله الذين ذهبوا نحو إفريقيا، إلا أن الناس يحثونه على التوغل أكثر فى النهر، فيجد فى كلام الناس التشجيع فيقرر العودة مارا بدرب الأربعين.
 
تولي حرخوف منصب القائد العسكري للجنوب ومدير كل البلاد الأجنبية في الجنوب، وقد كان شغوفا جدا بنهر النيل والروابط التي تربط المصريين بالنهر وإفريقيا مثل معظم المصريين، وقد قرر حرخوف الذي عاش فى عصر مرن رع الأول، مواصلة رحلاته خاصة أن الملك مرن رع كان مهتما اهتماما خاصة بتسهيل حركة الملاحة فى نهر النيل، فقد أمر الملك مرن رع  بحفر خمس قنوات عند الشلال الأول لتسهيل سير السفن وتأمينها فى مواجهة الصخور التى كانت تتسبب في تعثر الرحلات الكشفية النهرية جنوب أسوان. 

وفى رحلة حرخوف الثالثة للجنوب، قرر أن يسلك طريقا آخر وهو درب الأربعين، وهو ماجعل بعض الأثريين يؤكدون أنه ارتحل إلى ليبيا أيضا، حيث   كان درب الأربعين نقطة وصول إلى ليبيا مثلما كان نقطة وصول نحو السودان.

فى رحلته التى قدم الملك فيها تسهيلات له، التقى حرخوف المسؤول تشوني مع عدة سفن بأمر الملك وتوغل جنوبا، فعاد لمصر بأفكار جديدة، وب300 دابة محملة بالخيرات، ليقرر بعدها أن يرتحل فى رحلات آخري ط، لكن كانت المفاجأة فى موت الملك مرن رع الأول، الذي كان يحث حرخوف ويشجعه على مواصلة الرحلات، وتولى أخيه غير الشقيق بيبى الثانى حكم مصر بدلا منه، ويروى لنا الرحالة حرخوف على جدران مقبرته بقبة الهوا قصة رحلته الثالثة فى زمن الملك مرن رع بكثير من التفاصيل، مما جعل بعض الأثريين يرجعون أن الرحلة الثالثة لحرخوف ربما كانت الأخيرة؛ بسبب قيامه بتدوين كافة التفاصيل عنها  خلاف رحلته الرابعة .

فى عهد بيبى الثانى الذي شهد عصره وجود عدد من الرحالة الآخرين للنهر، يقرر حرخوف المُضى فى رحلة رابعة، كانت هى الأخيرة بالنسبة له ،حيث اصطحب معه القزم الذى أهداه للملك، ويكتب عنها تقريرا موجزا، ثم يقرر  بعدها أن يرتاح من الرحلات الجغرافية، ويمارس مهام عمله كحاكم لمنطقة ألفنتين، ويعيش مع زوجته الجميلة تيبى، والتى لُقبت بسيدة الانتظار، وخادمة حتحور، بينما كان ابنه  الوحيد دجيمى هو صورة منه يُذكره بطفولته وقصته مع والده  فى رحلاته نحو إفريقيا طفلا.

وبمقبرته الكائنة بمنطقة قبة الهوا بأسوانؤ يُدون حرخوف نقوشا على مقبرته، حيث يروى سيرته وحكايته، بل يدون مقاطع عن إخلاقه وإنسانيته العالية حيث أعطى الجياع خبزًا، و العريان كساء، ونقل بقاربه من ليس لديه قارب، حيث مازالت مقبرته القريبة من مقابر رحالة مصر العظام الآخرين تشد الانتباه لجمالياتها ولنقوشها، التى تؤكد على أهمية النهر للمصريين، وكيف ساهموا فى اكتشاف النهر وسبر أغواره الغامضة عبر التاريخ. 


جانب من مقبرة حرخوفجانب من مقبرة حرخوف

جانب من مقبرة حرخوفجانب من مقبرة حرخوف

جانب من مقبرة حرخوفجانب من مقبرة حرخوف
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: