حياة حافلة بالبحث والتدقيق والتأليف، له رأى حر جريء، موسوعة حية متنقلة لا يحمل في محاضراته ورقة ولا قلما، فهو العلامة، الفقيه، إمام عصره، الأديب، أبرز المجددين في الفكر الإسلامي، وأعظم علماء الشريعة، الأستاذ، ولد محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد ابن عبدالله وكُني بأبي زهرة، فى ٢٩ مارس ١٨٩٨م بالمحلة الكبرى بمحافظة الغربية، نشأ في أسرة مستورة الحال، حفظ القرآن الكريم بكتاب القرية، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والعلوم العامة بالمدارس الأولية ثم التحق بالجامع الأحمدي بطنطا في ١٩١٣م، درس فيه لثلاث سنوات.
احتل المركز الأول في امتحان القبول بمدرسة القضاء الشرعي في ١٩١٦م، وقضى فيها أربع سنوات في القسم الثانوي وخمس سنوات في القسم العالي وتخرج فيه عام ١٩٢٥م حاصلاً على الشهادة العالمية، ثم عمل بالمحاماة الشرعية سنة تحت التمرين.
حصل على دبلوم دار العلوم عام ١٩٢٧م وعُين مدرسا للشريعة بتجهيزية دار العلوم، ثم معلما بمدرسة سوهاج الثانوية، ثم مدرسا للخطابة والتاريخ بكلية أصول الدين عام ١٩٣٣م، ثم نُقل عام ١٩٣٤م مدرسا بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، ليستمر في سلك التدريس إلى أن أصبح أستاذ ورئيس قسم الشريعة ووكيل كلية الحقوق حتى أُحيل للتقاعد عام ١٩٥٨م، إلا أنه استمر بتدريس الشريعة الإسلامية.
عُين مستشارا دينيا لوزارة الأوقاف في عام ١٩٦١م، ثم عضواً في مجمع البحوث الإسلامية عام ١٩٦٤م، اشترك في عدة لجان بوزارة الشئون الاجتماعية من أهمها لجنة المساعدات ولجنة معهد الدراسات الاجتماعية بالأزهر، وشارك في تأسيس معهد الدراسات الإسلامية، وسافر إلى كثير من بلاد العالم الإسلامي محاضرا ومشاركا في المؤتمرات.
تصدى بفكره ومواقفه لعديد من القضايا أهمها الدفاع عن الإسلام في مواجهة الإلحاد، اهتم بحرية الإنسان، وإصلاح الأزهر، وقوانين الأسرة، وانتقد أخطاء المجتمع وله مواقف شجاعة في قضية الشورى وضرورة المحافظة عليها دستورا لأمة، كما كانت له مواقف سياسية مع سعد باشا زغلول، ومصطفي باشا النحاس، والرئيسين محمد نجيب، وجمال عبدالناصر.
تميز الشيخ أبو زهرة بإنتاجه العلمي الغزير، حيث بلغت مؤلفاته ما يقرب من ٨٠ مؤلفا، بالإضافة إلى بحوثه ومقالاته، له جهود في التفسير والسيرة ونشر تفسير القرآن في مجلة اللواء الإسلامي دون مقابل.
ومن أشهر كتبه: الخطابة أصولها وتاريخها في أزهر عصورها عند العرب، تاريخ المذاهب الإسلامية، العقوبة في الفقه الإسلامي، خاتم النبيين، وآخره القرآن المعجزة الكبرى، كما ترجم لثماني من أئمة الإسلام الكبار هم أبو حنيفة، مالك، الشافعي، أحمد بن حنبل، زيد بن على، جعفر الصادق، ابن حزم، ابن تيمية.
أصبحت مؤلفاته مرجعاً لكل الباحثين وموسوعة للعلماء في مصر والعالم الإسلامي، كما نشر العديد من البحوث الفقهية والقانونية في مجلة القانون ومجلة الاقتصاد ومجلة الأزهر.
ظل الشيخ نابضا بالحركة والنشاط العلمي حتى آخر يوم من حياته، حيث أقام سرادق أمام منزله في العزيز بالله بالزيتون دعا إليه العلماء والعامة ليتحدث عن حقوق المرأة في الإسلام، إلا إنه وافته المنية في يوم الجمعة ١٢أبريل ١٩٧٤، فتحول هذا السرادق مكان تقبل العزاء فيه.