أقامت مؤسسة الملتقى العالمي للتصوف، ندوة صحفية دولية افتراضية علي هامش أعمال دورة انعقاده الخامسة عشرة، الذي تنظمه الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها بشراكة مع مؤسسة الملتقى والمركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام تحت شعار "التصوف وتدبير الأزمات: دور البعد الروحي والأخلاقي في الحكامة الناجعة"، وﺫلك في الفترة من 29 أكتوبر ويستمر حتي 5 نوفمبر الجاري، وأدارها يونس الناصري المسؤول الإعلامي لمؤسسة الملتقى.
وفي مداخلتها، وجهت «بوابة الأهرام» سؤال حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الطرق الصوفية، مع تصاعد النبرة العدائية ضد الإسلام والمسلمين في العالم والتي تترافق مع العمليات الإرهابية التي ينفذها المتطرفون، علي المستويين، الأول: المساهمة في تصحيح صورة الإسلام والمسلمين في الغرب، والثاني: تصحيح الخلل العقائدي الذي يزرعه المتطرفون والجماعات الإرهابية في الغرب وتحديدا في مخيمات اللاجئين باستخدام منابر المراكز الإسلامية".
وقال الدكتور منير القادري مدير الملتقى العالمي للتصوف، ورئيس مؤسسة الملتقى، خلال إجابته، إن النبرة العدائية ضد الإسلام والمسلمين في الغرب "صادرة عن أقلية لا تعطي للقيم الإنسانية أي اعتبار، بما في ذلك قيم ومبادئ الحداثة التي ترفعها، فهي تحارب كل ما له علاقة بالدين وبالأخلاق"، مضيفًا أن "هذه الأقلية لا تمثل الأغلبية في الغرب الذي يكن في عمومه الاحترام للإسلام".
وأوضح القادري، أن هذه الأقلية "تنتمي إلى التيار اليميني المتطرف، وهو تيار شاﺫ يسعى لافتعال الأزمات ويصطاد في الماء العكر، ويحارب الأديان، خصوصا الدين الإسلامي تحت ذريعة محاربة الرجعية والتخلف"، وآخر هذه الأزمات التصريحات المتطرفة والرسوم المسيئة لنبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأكد بوضوح أنه "لا يمكن القبول بهذه الإساءات، في أي حال من الأحوال"، وﺫكر أن "القيم العلمانية مبنية على الأخوة والمساواة والحرية"، موضحا أنه لا يمكن لحرية الإنسان أن تمتد إلى غاية انتهاك حرية الآخر في معتقداته وفي حرية تدينه، فمن مبادئ العلمانية في حد ذاتها حرية التدين، ودعا هؤلاء المسيئين والمتطرفين إلى احترام مبادئ العلمانية في هذا الصدد.
وأضاف القادري أنه في المقابل "توجد أقلية من المسلمين تشوه الإسلام، وترتكب أفعالا تخالف المبادئ الإسلامية وذلك راجع إلى سوء فهمها للدين الإسلامي، هكذا نجد فئتين متطرفتين فئة من الغرب وفئة من المسلمين، تجهل حقيقة وعمق الدين لكونهم لم يتلقوا التربية الإسلامية الصحيحة، إنما انجروا وراء شعارات أيديولوجية لا علاقة لها بحقيقة الإسلام وقيمه"، مستدلا بقوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
وأوضح أن الرسالة المحمدية جاءت رحمة للعالمين كانوا مسلمين أو غير مسلمين متدينين أو غير متدينين.
وأشار مدير الملتقى العالمي للتصوف، ورئيس مؤسسة الملتقى، إلى أن المتطرفين من المسلمين يجهلون مقاصد الشريعة ويفتقدون إلى التربية الإسلامية الصحيحة، وتابع بأنه لا يمكننا فرض الدين على الناس مستشهدا بقوله تعالى "لا إكراه في الدين" وبقوله جل وعز: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، والحل حسب القادري، يكمن في إعادة تأهيل هؤلاء المتطرفين على يد العلماء ومشايخ التربية من خلال تربيتهم على الأخلاق والقيم السمحة، لافتا الانتباه إلى ضرورة تظافر جهود الجميع، بداية بالأسرة والمدرسة والمسجد والجامعة، كما أكد الدور الكبير للإعلام في المساهمة في الجهود المبذولة في هذا الباب، كالزوايا والمؤسسات التعليمية والمساجد.
وفي إجابته على نفس السؤال، قال الدكتور عبد الرزاق التورابي أستاذ التعليم العالي بالرباط: إن التصوف ضد التطرف، وذكر بمقولة منسوبة لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيها "ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه ".
وأشار الدكتور رشيد حميمز عضو الملتقي العالمي للتصوف، خلال إجابته على نفس السؤال، إلى أن بعض الردود على الإساءات القادمة من الغرب يغذيها الجهل، وذكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم تعرض في حياته للإساءة متسائلا: هل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بقتل المسيئين والمستهزئين به؟ طبعا لا، هل طلب منا القرآن الكريم أن ننتفض أمام الإساءات؟ أكيد لا، وأضاف أن ما نستنتجه من طريقة معاملة القرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم للمستهزئين هي الصبر والرحمة وذكر بما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم في الطائف حين ناداه ملك الجبال يوم الطائف: «إن شئتَ أن أُطبقَ عليهم الأخشبَينِ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: بل أرجو أن يخرجَ اللهُ من أصلابهم من يعبد اللهَ وحده لا يشركُ به شيئًا» (البخاري).