ذكرى فرض الإرادة المصرية: ملحمة أكتوبر .... حرب الصدمة الخاطفة

7-10-2025 | 17:31
ذكرى فرض الإرادة المصرية ملحمة أكتوبر  حرب الصدمة الخاطفةذكرى فرض الارادة المصرية:


موضوعات مقترحة
     وثائق إسرائيل تؤرخ للهزيمة الساحقة في الميدان وتقدم أدلة دامغة على الانهيار العسكري وتكشف الفشل وتثبت كفاءتنا القتالية

 

أحمد عبد الخالق:

كلما ظن البعض أن نصر أكتوبر المجيد أصبح  ذكرى تاريخيه منسية مر عليها نصف قرن كاملة ظهر في الجانب الآخر وثائق سرية واعترافات موثقة من قادة الجيش الإسرائيلي تشير إلى عنف الصدمة و الهزيمة الساحقة والذعر وتؤكد هذه الوثائق وقوع صدمة عسكرية كبرى للقيادة السياسية والعسكرية والأمنية لتكشف المزيد من الأسرار باعترافات إسرائيلية دامغة، وتؤرخ لحاله الخوف والهلع التي انتابت إسرائيل وقادتها في الحكومة والجيش بعد الهجوم الكاسح على جبهات القتال حتى تحقق النصر.

ونحن نحتفل بالذكرى الثانية والخمسين تكشف الوثائق أنها بعد مرور كل هذه السنوات على حرب أكتوبر وبعد رفع السرية عنها تظهر بوضوح  تخبط القيادات العسكرية والأمنية، وفشلهم في توقع  توقيت الهجوم المصري الكاسح  في حرب أكتوبر المجيدة وقدرة المقاتل المصري على العمل في أقصى الظروف.

ونشرت إسرائيل مؤخرا مجموعة من آلاف الوثائق والتسجيلات والمقاطع المصورة أشارت إلى الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع الحرب والفشل  الأمني والعسكري والاستخباراتي الكبير الذي سبقها لاسيما تخبط صناع القرار حينها حول توجيه ضربات استباقية.

وتوثق للأحداث السياسية والعسكرية التي تزامنت مع حرب أكتوبر، كما توفر سجلات للمداولات التي جرت بين رئيسة وزراء إسرائيل غولدا مائير وقادة الأمن في الأيام والساعات التي سبقت هجوم سوريا ومصر، بينما كانت إسرائيل تحتفل بأعياد يوم الغفران.

ووفقا للوثائق فلم يتوقع الاحتلال تنفيذ الهجوم على الرغم من بعض العلامات الصريحة التي أشارت إلى أن الجيشين  المصري والسوري يستعدان للهجوم، حيث اعتقدت إسرائيل أن مصر لن تهاجم إلا إذا اكتسبت أولا القدرة على شل سلاح الجو الإسرائيلي

جاء في تقييم رئيس المخابرات العسكرية إيلي زعيرا لرئيسة الوزراء غولدا مائير، قبل يوم من اندلاع الحرب، أن الاعتقاد السائد هو أن "جاهزية إسرائيل تنبع بشكل أساسي من الخوف منها، كما قال لمائير: أعتقد أنهم ليسوا على وشك الهجوم، ليس لدينا دليل. من الناحية التقنية، هم قادرون على التحرك، لكنني أفترض أنهم إذا كانوا على وشك القيام بذلك، فسنحصل على مؤشرات أفضل.

وفي تقييم آخر بعد ساعات، كرر زعيرا ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إليعيزر موقفهما القائل بأن "سوريا ومصر تخططان على الأرجح لعدوان محدود أو حتى مجرد نشر قوات دفاعية.وأضاف إليعيزر: "لا بد لي من القول، لا يوجد عندنا دليل كاف على أنهم لا ينوون الهجوم، وليس لدينا مؤشرات قاطعة على أنهم لا يريدون الهجوم، لكن بناء على المعلومات لا أستطيع أن أقول إنهم لا يستعدون.

وبعد يوم من وقوع الهجوم، وهو ما فاجأ إسرائيل لأنه حدث في وقت أبكر مما كان متوقعا، اعترف ديان لمائير بأن تقييماته كانت خاطئة. وقال: "كان تقييمنا يستند إلى الحرب السابقة (عام 1967)، وكان خاطئا.

 

اعترافات إسرائيلية دامغة

ساد مجتمع النخبة في إسرائيل حالة من الارتباك والفوضى على وقع الضربة الجوية الأولى واقتحام النقط الحصينة في خط بارليف ونقل دورون شاني سترينغر، الذي عن ديان عبارة: نحن ذاهبون إلى الهيكل الثالث وانهيار إسرائيل.

ففي الأيام الأولى من القتال، بدا أن كل شيء قد ضاع، وقد وصف الوضع في ذلك الوقت بأن الحرب بدت صعبة، حرب مثقلة بالآلام والدماء، وصولا للصدمة الشخصية التي تعرض لها موشيه ديان، وقادة الجيش في مختلف المواقع مما كشف عن مدى انكسارهم واعترافهم بالهزيمة أمام جيش مصر العظيم وهذا ما يؤكده مجموعة من الضباط الذين رافقوا ديان، وفقا للوثائق المفرج عنها، حين تلقوا أمرًا بالذهاب لساحة المعركة، وتكون لديهم الانطباع أنه "إذا لم ننتصر في هذه المعركة، فلن تكون هناك دولة إسرائيل بعد الاطلاع على حجم الهجوم الذي يقوم به الجيش المصري على طول جبهة القناة.

الوثائق المفرج عنها بعد مرور 52 عاما تشير بوضوح إلى أن "الهجوم المصري والسوري في 1973 فاجأ إسرائيل، وقيل الكثير عن فشل المخابرات، والمؤامرة، وقرار بعدم تعبئة الاحتياط رغم التحذيرات، وليس هناك أي خلاف حول شيء واحد، وهو أن الضربة الأولى فاجأت الجيش الإسرائيلي وأربكت كل أركان الجيش والمؤسسات الأخرى في إسرائيل.

مؤلف كتاب "حرب يوم الغفران: الوقت الحقيقي"، رونين بيرغمان قال إن "500 جندي متواجدين على ضفاف القناة في إحدى نقاط خط بارليف (من الكتيبة 78) ماذا سيفعلون ضد عشرات الآلاف من الجنود المصريين، وكميات مجنونة من الدبابات والمدفعية والطائرات، ولذلك دخل ديان في حالة نفسية صعبة، مع مرارة سوداء، مما ترك أثره على الجيش وصناع القرار وصولا لمركز القيادة بمن فيهم وزير الحرب الذي عانى من اليأس، حتى غولدا مائير رئيسة الحكومة منعته من الظهور في المؤتمرات.

أدرك ديان بالفعل أن الأمر أصبح هزيمة كاملة بسبب أعداد القتلى والجرحى التي لا يمكن تصورها، لأنه في 24 أكتوبر، وبعد 18 يوماً من بدء الحرب، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وكان عدد سكان الدولة قرابة ثلاثة ملايين وربع مليون نسمة، فيما قتلاها 2670، وأكثر من 7 آلاف جريح، وهي نتيجة كارثية لإسرائيل.

ولذلك تم توجيه إصبع الاتهام إلى ديان بهذه الكارثة المتحققة من الحرب، وظهرت حالة من العداء غير العادي تجاهه، وتحول إلى مأساة عسكرية ، ومن المسلم به أن لجنة أجرانيت التي حققت في إخفاقات وهزيمة الحرب لم تضع المسؤولية على المستوى السياسي، حيث استقال ديان في نهاية المطاف.

 

زلزال نصر أكتوبر

في كتاب بعنوان "زلزال أكتوبر"، قال زئيف شيف المعلق العسكري الإسرائيلي: "هذه هي أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلي علاج نفسي هناك من نسوا أسماءهم، لقد أذهل إسرائيل نجاح العرب في المفاجأة في حرب يوم عيد الغفران وفي تحقيق نجاحات عسكرية. لقد أثبتت هذه الحرب أن علي إسرائيل أن تعيد تقدير المحارب العربي فقد دفعت إسرائيل هذه المرة ثمنا باهظا جدا . لقد هزت حرب أكتوبر إسرائيل من القاعدة إلي القمة وبدلا من الثقة الزائدة جاءت الشكوك وطفت علي السطح أسئلة هل نعيش على دمارنا إلى الأبد هل هناك احتمال للصمود في حروب أخرى.

الكاتب الإسرائيلي ساباتو حاييم نشر عده وثائق في كتاب بعنوان " أيام من الرهبة " قال فيه : كنا صغارا وكنا الأبرياء تعمنا من الحاخام أبراهام كوك كوهين إسحق كل شيء، وتربينا على اعتبار دولة إسرائيل على أنها بداية الخلاص "استقلال إسرائيل"، ومعجزة من حرب الأيام الستة، وعودة إلى مساحات شاسعة من أرض إسرائيل، واعتبرنا أنفسنا أحفاد أجيال من علماء التوراة، فضلا عن مواطني دولة إسرائيل، واحتفلنا استقلالها ورأت مسئولة عن أمنها. كان عالمنا سليما، دون تشققات أو تحزبات، كنا الشباب والأبرياء، والحالمين يوم كيبور "يوم الغفران" هو وذروة أيام من الرهبة، تتويجا لجهودنا الروحية علي مدار السنة.. نزيد فيه من صلواتنا من أجل الصفح، ونحن بانتظار بوقار الانفجار العظيم للشوفر يشير إلى نهاية اليوم سريع وإعلان الرأفة والنقاء وفجأة سمعنا بوق صفارات الإنذار، وثقب متموجة تغير العالم إلى الأبد.

 

اقرأ أيضًا: