العالم يترقب مصير النووي الإيراني
لندن – وكالات الأنباء:
بينما يترقب العالم مصير النووي الإيراني, هاجمت إسرائيل عددًا من المواقع العسكرية والنووية الإيرانية بدأت في 12 يونيو الجاري، في محاولة لمنع طهران من تحقيق مزيد من التقدم نحو امتلاك أسلحة نووية. واستهدفت إسرائيل قواعد صاروخية ومواقع نووية وعلماء في مجال الطاقة النووية وأفرادا عسكريين، ويعد هؤلاء جميعا أجزاء من برنامج محتمل للأسلحة النووية.
وتقول ماريون ميسمير الباحثة البارزة في برنامج الأمن الدولي في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني في تحليل نشره موقع المعهد إن إسرائيل هددت منذ وقت طويل بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني. وجاءت الهجمات خلال فترة تشهد تجدد الدبلوماسية النووية بين الولايات المتحدة وإيران. كما أعقبت تصويتا رسميا لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لصالح مذكرة تعلن انتهاك إيران لالتزاماتها المتعلقة بعدم الانتشار النووي.
وأعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها إزاء المواد النووية التي لم تعلن عنها إيران وأن مراقبة الوكالة لأنشطة التخصيب في البلاد أصبحت صعبة بصورة متزايدة.
وذكرت ميسمير أن تقريرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية حذر من أن إيران لديها يورانيوم مخصب كاف لصنع تسعة أسلحة نووية. وكانت تهدف الوكالة عن طريق التقرير والتصويت للإشارة إلى مدى خطورة الموقف ولإفساح المجال لإيران للعودة إلى الالتزام بعمليات التفتيش التي تجريها الوكالة.
وكان من شأن ذلك أن يدعم استمرار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. وكان من المفترض أن يلتقي الدبلوماسيون مجددا اليوم الأحد لإجراء جولة مفاوضات جديدة. ولكن هجمات إسرائيل اوقفت الحل الدبلوماسي حاليا.
وتؤكد الولايات المتحدة أنها لم تشارك في الهجمات، لكنها أبعدت دبلوماسييها عن المنطقة يوم الخميس، مما يشير إلى علمها بأن الهجمات على وشك أن تقع، وأنها لم تقدر أو لم تكن تريد أن توقف إسرائيل. ويزعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الآن أن الهجمات الإسرائيلية كانت جزءا من استراتيجية أمريكية لإرغام إيران على القبول باتفاق.
تأثير الضربات
وتشير ميسمير إلى أن إسرائيل قالت منذ وقت طويل إنها لا يمكن أن تقبل ببرنامج نووي إيراني، وتعتبره تهديدا وجوديا. ويبدو أنه في ظل إضعاف الدفاعات الجوية الإيرانية جراء ضربات العام الماضي ، وتقدم الدبلوماسية النووية الأمريكية بوتيرة بطيئة، قررت إسرائيل أن شن ضربة وقائية هو أفضل خيار لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية.
ورغم ذلك، قد يترتب على الضربة الوقائية أثر عكسي. لقد راهنت إيران منذ أمد طويل على أسلحتها النووية، فيما تبنت فصائل سياسية مختلفة داخل الحكومة آراء متباينة بشأن المخاطر والمزايا المترتبة على تطوير أسلحة نووية. وظلت إيران في مستوى أدنى مباشرة من عتبة صنع سلاح نووي، مشيرة إلى قدرتها على تطوير قنبلة، لكنها لم تصل إلى المستوى الذي تصبح عنده قوة نووية.
وأوضحت ميسمير أن هذه الفترة انتهت الآن. إذا تم اعتبار أن التهديد العسكري من قبل إسرائيل متزايد، وأن الاستقرار في المنطقة يتراجع، قد يعزز دعوة المتشددين المؤيدين لأن تقوم إيران بإعداد أسلحة نووية .
وإذا استمرت إسرائيل في مهاجمة المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، لتكشف بصورة متكررة ضعف الردع التقليدي لديها، سيكون لدى طهران حافز قوي لصنع سلاح نووي أولي بأسرع ما يمكنها؛ لردع أي ضرر إضافي لمنشآتها وإظهار أنها قادرة على الدفاع عن سيادتها.
ولا تخلو هذه الاستراتيجية من مخاطر. وتشير التقديرات الاستخباراتية الحالية إلى أن إيران لديها مواد نووية تكفي لصنع تسع قنابل نووية، ولا يكفي هذا لتشكيل ترسانة استراتيجية خطيرة. وتشير التقديرات إلى أن الترسانة النووية الإسرائيلية تفوق هذه الأعداد بكثير. كما ستواجه الحكومة الإيرانية أيضا خيارا صعبا فيما يتعلق بكيفية الإشارة إلى وضعها النووي الجديد.
ومن المرجح أن يكون من الصعب أن يتم إخفاء هذا النشاط تماما نظرا لحجم الإمكانيات الاستخباراتية التي تضع إيران نصب عينيها سواء من جانب إسرائيل أو أمريكا أو غيرهما.
وقد يؤدي اندفاع إيران لصنع سلاح نووي أيضا إلى تغيير الحسابات الاستراتيجية الإسرائيلية إلى حد دراسة إسرائيل لاستخدام سلاح نووي ضد المنشآت النووية الإيرانية.
ويشار إلى أن الموقع النووي في نطنز محصن، ويقع على عمق كبير تحت الأرض. ولم يتم تسجيل تسرب إشعاعي حتى الآن.
مخاطر التصعيد
وغالبا ما ترى الدول النووية أن الأسلحة النووية تظل لها فائدة حيث تستطيع أن تدمر أهدافا محصنة لا يمكن للأسلحة التقليدية الحاق ضرر بها. وأوضحت الحكومة الإسرائيلية أنها مصممة على القضاء على البرنامج النووي الإيراني. لكن إذا لم تتمكن من تدمير المنشآت النووية بوسائل أخرى، هل ستخاطر باستخدام الأسلحة النووية لإنهاء المهمة؟
ويبدو أن أي ضربة نووية تهدف إلى القضاء على برنامج نووي جار تطويره سوف يزعزع استقرار بنية الأمن الدولي برمتها.
وقبل الضربات الجوية الإسرائيلية، بدا أن إيران والولايات المتحدة على استعداد للتوصل إلى حل دبلوماسي- وهو أمر مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى، لمنع حدوث تصعيد لا يمكن التنبؤ به.