موضوعات مقترحة
بقلم د . مفيدة إبراهيم علي
أن الأوقات التي يغفل الناس عنها معظمة القدر لاشتغال الناس بالعادات والشهوات، فإذا ثابر عليها طالب الفضل دل على حرصه على الخير. ولهذا فضل شهود الفجر في جماعة لغفلة كثير من الناس عن ذلك الوقت، وفضل ما بين العشاءين وفضل قيام نصف الليل ووقت السحر"
وقوله صلى الله عليه وسلم: "شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان" يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولا عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام. وليس كذلك شهر شعبان .
و قد أمرنا الله عزّ وجلّ أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عز من قائل: "قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا " الأحزاب:21 . فعلى كل من يريد أن يُعلي همته، ويشحذ إرادته أن ينظر إلى رسولنا الكريم
أي لقد كان لكم -أيها المؤمنون- في أقوال رسول الكريم وأفعاله وأحواله قدوة حسنة تتأسون بها، ، فإنما يسلكها ويتأسى بها مَن كان يرجو الله واليوم الآخر، أى: كان لكم قدوة في النبي صلّى الله عليه وسلّم. فالزموا سنته وأكثرَوا مِن ذكر الله واستغفاره، وشكره في كل حال. وإنَّ ممَّا يكثُر الحديث والسؤال عنه في هذا الشهر، خاصَّة مع الانفتاح الإعلامي والتطور التقني: مسألةَ صِيام الأيام التالية للنصف من شعبان حتى بداية شهر رمضان الكريم أي الصيام بعد النصف من شعبان وقد تعدَّد كلامُ العلماء، وتنوَّع في هذه المسألة؛ نظرًا لتعدُّد النصوص، واختلافهم فيها صِحَّةً وضعفًا، وإنَّ مما تواتر أنَّ القرآن الكريم لم يَرِدْ فيه أي ذِكْر لليلة النِّصْف من شعبان صراحة، وإن كان (من التابعين) يرى أنَّها اللَّيْلة التي قال الله فيها: " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ "الدخان: 3، ولكنَّه قولٌ مردودٌ بنصِّ القرآن، إذِ اللَّيلة المقصودة بالآية هي ليلةُ القدر؛ كما قال تعالى :"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي ليلة القدر " القدر :1.
والصِّيام بعد النِّصْف من شعبان له أحوال:
• صائمٌ يصوم قضاءً لِمَا فاتَه، أو وفاءً لنذر الْتزم به، فهذا الصوم لا بأسَ به في حقِّه، بل واجب.
• وصائم يصوم أيَّامًا اعتاد على صيامها قبلَ شعبان، كصيام الأيام البيض، وصيام الاثنين والخميس، فهذا جائزٌ صومُه.
• وصائم يتحرَّى بصيامه القُرْبَ من رمضان والاحتياطَ له، وخاصَّة يومَ الشك، فهذا الصوم مُحرَّم، ومنهيٌّ عنه؛ امتثالاً لسُنَّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك.إنَّ أيَّام عمرنا تتصرَّم، وساعات حياتنا تنقضي، ف علينا أن نقدِّم لأنفسنا صالحًا قبلَ حلول ساعة الأجل، وهذه غنيمة بين أيدينا, والله الموفق.
عميد كلية الدراسات العربية و الإسلامية