تستوجب غضب الله لما فيها من ضياع الحقوق وكسر خواطر الناس ولا كفارة لها
موضوعات مقترحة
تحقيق - رجب أبو الدهب:
حذرت الشريعة الإسلامية من الحلف والأيمان خاصة اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار وبها تُهضم الحقوق، وتؤكل الأموال بغير حق لذا كانت من أكبر الكبائر لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِالله، وَعُقُوقُ وقول الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ».
وحول خطورة هذه القضية المهمة على المجتمع وأنواعها وعقوباتها في البداية يؤكد الدكتور أشرف فهمي موسى مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف أن التساهل في الحلف بالله كذبًا حرام شرعًا، واليمين الغموس هو الحلف على إثبات شيءٍ أو نَفيِه، مع تعمُّد الكذب فيه ويُسمَّى يمين غموس لأنها تغمس صاحبها في النار، لقوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وما ورد عَنْ أَبِي ذَرٍّ (رضي الله عنه)، عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ثَلَاثَ مِرَار، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «المسْبِلُ وَالمنَّانُ وَالمنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ).
فاليمين الغموس هو اليمين الكاذب، التي قال فيها النبي صلي الله عليه وسلم: من حلف على يمين صبر وهو فيها فاجر؛ لقي الله وهو عليه غضبان وفي اللفظ الآخر: من حلف على يمين صبر وهو فيها كاذب؛ أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة.
و قد حرم الإسلام وباتفاق الفقهاء اليمين الكاذب لما يترتب عليه ضياع الحقوق وكسر خواطر الإنسان، وضياع أموال الناس، وقطع العلاقات بين الأهل والأقارب والعائلات وهو ما نهى عنه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة، وهذا حاصل في زماننا بشكل واضح.وديننا الحنيف يدعونا إلى حسن المعاملة والأخلاق وحفظ الحقوق والروابط بين الأسر والعائلات، ولو فكر الإنسان أنه لن يأخذ معه شيئًا في قبره وسيترك كل شيء لما تجرأ على أخذ حقوق الغير بالحلف الكاذب
وقال حذرت الشريعة الإسلامية من اليمين الغموس التي تضيع الحقوق وتقطع بها حق أخيك وأختك سواء أكانت حقوق مادية أو معنوية، كأن يحلف أن ما عنده لفلان شيء وهو عنده له مال، يحلف أنه ما أخذ منه شيئًا، وهو قد أخذ منه حقه، وهذا يعد ظلمًا ظلم وكذبًا ؛ ولهذا قال صلي الله علية وسلم: "من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم بغير حق؛ لقي الله وهو عليه غضبان وفي اللفظ الآخر: فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، قالوا: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: وإن قضيبًا من أراك وسميت باليمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار، فهي من أسباب دخول النار.وهناك من الفقهاء من يرى أن لليمين الكاذبة كفارة تماشيًا مع الحديث الشريف أن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، ومقدار الكفارة إطعام عشرة مساكين، وبعض الفقهاء يرى أن كفارتها الاستغفار والتوبة
ويضيف الشيخ محمد فايد من علماء الأوقاف أن اليمين ينقسم إلى ثلاثة أقسام الأول يمين لغو: وهي اليمين الدارج العابر أثناء الحديث وهي التي قال الله تعالى فيها: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) وهي اليمين التي لا تنعقد عليها النية فيسبق اللسان إلى التلفظ بها دون قصد معناها أو يحلف على الشيء يظنه كما حلف، فيتبين خلافه؛ وقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هو ـ أي يمين اللغو ـ كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله"وهذه اليمين ليست عليها كفارة باتفاق العلماء.
الثاني -يمين منعقدة: وهي أن يحلف على أمر يفعله في المستقبل ثم بعد ذلك لا يفعله.. أو يحلف على شيء أن لا يفعله ثم يفعله وهي التي قال الله تعالى فيها: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).وهذه اليمين كفارتها كما جاء في الآية الكريمة إطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشرة مساكين أو العتق. يخير بين الثلاثة السابقة؛ فإن لم يقدر على واحدة منها فإنه يصوم ثلاثة أيام.
الثالث يمين غموس: وهو الحلف كذبًا على أمر ما – فهذه اليمين يأثم صاحبها، وسميت غموسًا لأنها تغمس صاحبها في النار أو في الإثم لأنها يمين مكر وخديعة وكذب وغير منعقدة.
وقال هذه اليمين ليس فيها كفارة على قول جمهور أهل العلم.. حتى لو كفر صاحبها كما في اليمين المنعقدة فإن الكفارة لا تقبل لأنها ليست في محلها.. وإنما كفارتها تكون بالتوبة النصوح. قال ابن مسعود رضي الله عنه: "كنا نعد الذنب الذي لا كفارة له: اليمين الغموس"،وهذه اليمين الغموس لها درجات أشدها وأخطرها أن تكون في شهادة أمام القضاء تؤدي إلى ضياع حق أو إثبات حق لمن لا يستحقه حينئذ تكون يمينا غموسا يضاف إليها وزر شهادة الزور.
وباليمين الغموس تُهضم الحقوق، وتؤكل الأموال بغير حق لذا فهي من أكبر الكبائر؛ قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ».لأجل هذا يجب على المسلم أن يحفظ يمينه بتقليل الحلف.. أو عدم الحلف مطلقا إلا فيما كان واجبا.