"فلنولينك قبلة ترضاها"

14-2-2025 | 17:20
فلنولينك قبلة ترضاها" فلنولينك قبلة ترضاها "

تحويل القبلة كان بيانًا لمكانة النبي عند ربه وتوجيه الأنظار لبيت الله الحرام الذى جعله مثابة للناس وأمنًا

موضوعات مقترحة

تحقيق ــ رجب أبو الدهب

اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون لنفحاته مقدمات فجعل لشهر رمضان شهر القرآن شهرى رجب وشعبان مقدمة لرمضان، حتى يتهيأ المسلم للدخول فى رمضان وهو بكامل لياقته البدنية والنفسية والروحية، وقد شهد رجب وشعبان أحداثًا أثرت فى حياة الأمة الإسلامية سواء كان الإسراء والمعراج فى رجب أو تحويل القبلة فى شعبان وحول فضل هذه المواسم التى تفضل الله بها على أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم وكيفية الاستفادة منها يوضح الشيخ محمد عيد كيلاني من علماء الأوقاف أن شهر شعبان هو المقدمة التى تؤدى إلى دخول المؤمن فى نفحات شهر رمضان بلياقة إيمانية كاملة تعينه على أداء فريضة الصيام أداء إيمانيا من أول يوم بدنيا ونفسيا وروحيا وذلك من خلال الاقتداء بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال إكثاره من الصيام وفى هذا الشهر عن أى شهر آخر غير رمضان فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن ذلك من أجل رمضان ومن أجل أن يكون المسلم في استعداد خاصة أن الأعمال ترفع فى شهر شعبان لقوله صلى الله عليه وسلم "هو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله وأحب أن يرفع عملى إلى الله وانأ صائم".

كما أن من فضائل شهر شعبان ما يتعلق بفضل ليلة النصف منه والتى يتجلى فيها الملك سبحانه وتعالى لعبادة الذين يتوجهون إليه عابدين مخلصين طالبين أن يحقق لهم ما يريدون تحقيقه فى حياتهم حيث تتجلى الرحمة الإلهية تنادى عباد الله وتخبرهم بما جاء الوعد فى خطاب الله عز وجل لهم "ألا من مسترزق فأرزقه ألا من مستغفر فأغفر له ألا من مبتلى فأعافيه ألا من كذا ألا من كذا حتى يطلع الفجر ومن هذا أن الشهر العظيم هو بمثابة الصحوة الإيمانية الكاملة التى تعين المسلم على دخول شهر رمضان والمسلم فى كامل اللياقة الإيمانية التى تؤدى من خلالها فريضة الصيام التى تحقق المثل الأعلى فى تقوى الله دون أن يضيع وقتا من أوقاته فى أى جانب كما أن الجوانب الجسدية أو النفسية أو الروحية

ويشير الدكتور نوح العيسوى وكيل وزارة الأوقاف بالغربية إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى فى أول الأمر إلى بيت المقدس لمدة 16 شهرا أو 17 شهرا وهى قبلة الأنبياء ثم جاء الأمر الإلهى بالتحويل إلى الكعبة المشرفة فى مكة المكرمة تلبية لرغبة الرسول صلى الله عليه وسلم لارتباطه بالخليل إبراهيم جده الأكبر لقوله تعالى "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون" وقد حدث أن اليهود كانوا يشككون فى الإسلام واتخذوا من تحويل القبلة مجالا للتشكيك فيما كان صلى الله عليه وسلم يصلى لبيت المقدس وأنه تبع قبلتنا ولما تحول إلى الكعبة قالوا تخلى عن قبلة الأنبياء، وهذا يعتبر عدم وفاء وقد أخبر الله نبي بما سيقوله اليهود فى قوله تعالى: "سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم" وهذا إعجاز إلهى لأنه اخبره قبل أن يقولوه وأعطاه الإجابة فى قوله تعالى "قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم".

 وقد جاء ذكر الآية الوسط بآيات تحويل القبلة فى قوله تعالى "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ" وقيل إن تحويل القبلة جاء ليلفت الأنظار لبيت الله الحرام الذى جعله مثابة للناس وأمنا لقوله تعالى "إذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا" وقوله تعالى "إن أول بيت وضع للناس الذى ببكة مباركا ومن دخلة كان آمنا".

 وهذا التحويل يدل على الالتزام بالأوامر الإلهية ويعيد النظر إلى أن البيت الحرام هو المقر الأقدس ولذا فالصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه لقوله صلى الله عليه وسلم "الصلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة وفى مسجدى بألف صلاة وفى المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة".

وبهذا التحويل نجد أن الأمة الإسلامية تحولت تحولا جذريا فى اتجاها مع الله فقد أوضح الحق تبارك وتعالى مكانة المسجد الحرام والكعبة التى يقابلها البيت المعمور فى السماء فأقسم فى قرأنه بها فى قوله تعالى "لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد" وبتحويل القبلة اتجه المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها فى صلاتهم للبيت الحرام بمكة لترتبط بها قلوبهم ويأتون للحج إليه بعد أن صارت ملاذا للأمن والطمأنينة لكل المسلمين.

اقرأ أيضًا: