"السينما التسجيلية وحفظ الذاكرة" أولى ندوات المهرجان .. وورشة لصناعة السينما للأطفال
موضوعات مقترحة
إنجي سمير: شهدت أمس فعاليات الدورة الـ 26 لمهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة، برئاسة المخرجة هالة جلال، ندوة لمناقشة الفيلم المصرى "وكان مساء وكان صباح، يومًا واحدًا" للمخرج يوحنا ناجي.
أدار الندوة؛ الناقد السينمائي محمد شريف بشناق، أحد مبرمجي مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، وسط حضور كبير من صُنّاع السينما والنقاد والجمهور.
وتطرق المخرج خلال المناقشة إلى التحديات التي واجهها أثناء تنفيذ الفيلم، خاصةً مع اعتماده بالكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إعادة بناء الذكريات الشخصية.
وأوضح أن التجربة كانت بمثابة تحدٍّ كبير، حيث سعى إلى استعادة الماضي بأسلوب بصري مبتكر يدمج بين الذكريات الحقيقية والمتخيلة، عبر محادثات بين شخصيات الفيلم.
وأشار يوحنا ناجي إلى استخدامه مزيجًا من الصور والفيديوهات التي قام بمعالجتها عبر الفوتوشوب وتقنيات الذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن الصور ليست مجرد وثائق، بل وسيلة لاكتشاف الذكريات الضائعة وخلق قصص جديدة حولها.
وأضاف أن الفيلم تطلّب منه كتابة سيناريو للذكريات المزيفة، حتى يتمكن من تقديمها للجمهور بطريقة تُشعرهم بواقعيتها.
كما تحدث عن توظيف الحروف والنصوص الدينية داخل الفيلم، موضحًا أن هذه العناصر كانت جزءًا من تجربته السينمائية التي تعتمد على استكشاف الهوية والانتماء، و أن استلهام بعض الاقتباسات الدينية جاء في إطار البحث عن جذور الذاكرة والهوية الثقافية.
ونال الفيلم إعجاب الجمهور، حيث أشاد العديد من الحاضرين بالطابع الفلسفي والبصري للعمل، والذي لعب على التناقض بين الماضي والمستقبل بأسلوب سردي مميز.
وأكد المخرج أنه لم يكن يسعى إلى تصنيف الفيلم ضمن نوع سينمائي محدد، بل ترك المجال مفتوحًا للتجريب بين التوثيقي والتجريبي، بما يتناسب مع طبيعة القصة التي يسردها.
ويقدّم الفيلم تجربة سينمائية فريدة، حيث يسعى المخرج من خلاله إلى إعادة بناء ذكريات طفولته المفقودة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، محاولًا ملء الفراغات التي خلّفها غياب الأرشيف الشخصي. في هذه الرحلة، يتنقل ناجي بين قارات العالم، ليجد نفسه أمام تساؤلات حول الهوية والانتماء، بين ماضٍ غامض ومستقبل مجهول.
ومن ناحية أخرى؛ شهدت الفعاليات ندوة "السينما التسجيلية وحفظ الذاكرة"، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجالات السينما والتوثيق والهوية البصرية.
أدار الندوة؛ الكاتب والناقد محمد شعير، حيث ناقشت عدة موضوعات تتعلق بدور السينما في توثيق الذاكرة الثقافية والتاريخية والحفاظ عليها.
وتحدثت الدكتورة هدى الصدة، الأستاذة بجامعة القاهرة ورئيسة مؤسسة المرأة والذاكرة، عن مشروع "هي والكاميرا" ودوره في توثيق تجارب النساء وإبراز رؤيتهن السينمائية كوسيلة للحفاظ على الذاكرة المجتمعية.
وأكدت؛ أن الهدف الأساسي للمشروع هو استعادة تاريخ النساء وذاكرتهن وإنتاج معرفة جديدة تخصهن، وذلك عبر وسائط متعددة لإنشاء أرشيف خاص بهن، لا سيما للدفعات الأولى من الخريجات في الثلاثينيات والأربعينيات من جامعة القاهرة بمختلف الكليات.
وأشارت إلى أن المؤسسة بدأت منذ أواخر التسعينيات في توثيق تجارب مجموعات مختلفة، ومنها مجموعة السينمائيات المصريات، حيث تم تنظيم معارض والاعتماد بشكل كبير على التاريخ الشفوي، ما أسفر عن تصوير 18 فيلماً توثيقياً عن سينمائيات.
وأضافت أن الحفاظ على الأرشيف يمثل تحديًا كبيرًا، ما يستدعي توفير نسخ رقمية متعددة يتم تحديثها باستمرار لضمان استدامة المحتوى.
من جانبها؛ تناولت الدكتورة مروة الصحن، مديرة مركز الأنشطة الفرنكوفونية بمكتبة الإسكندرية، موضوع "السينماتك والأرشيف السينمائي"، مشيرةً إلى أهمية الأرشيف السينمائي في حفظ التراث البصري والسينمائي، ودور السينماتك في دعم الباحثين وصنّاع الأفلام التسجيلية.
وكشفت عن مبادرة لتدريب الطلاب على النقد السينمائي باللغة الفرنسية، حيث يقومون بكتابة مقالات نقدية، ويتم اختيار أفضلهم لحضور مهرجانات سينمائية كجائزة تشجيعية، مثل مهرجان مرسيليا، ومهرجان الأقصر، ومهرجان الإسماعيلية. وأوضحت أن المبادرة توسّعت لتشمل طلاباً من سبع محافظات هذا العام، بهدف تعزيز وعيهم بمجال السينما.
أما الكاتب والناقد الصحفي محمد شعير؛ فأكد أن السينما والفن والتصوير الفوتوغرافي واللوحات الفنية تمثل أشكالاً مهمة للأرشيف، مستشهداً بفيلم وثّق حديقة الحيوانات بطولة الفنان إسماعيل ياسين، والذي أصبح جزءًا من الأرشيف السينمائي.
وأضاف أن الباحثين يواجهون صعوبات في الوصول إلى الأرشيف من المؤسسات الرسمية، ما يجعل المؤسسات الشعبية والبديلة، مثل بعض المكتبات والمبادرات المستقلة، مصادر مهمة للمعلومات.
وأشار إلى أن التقنيات الرقمية الحديثة قد تعاني من فقدان البيانات مع مرور الزمن، مؤكدًا أهمية وجود وسائل تحفظ الأرشيف من الضياع، خاصة مع التحذيرات من احتمالية "العمى الإلكتروني"، أي فقدان البيانات الرقمية لفترات معينة بسبب التطور التكنولوجي المستمر.
وأكد في ختام حديثه؛ ضرورة البحث عن صيغ بديلة ومستدامة لحفظ الأرشيف، مع تعزيز التعاون بين المؤسسات والمبادرات المختلفة لتسهيل الوصول إلى المعلومات والمحافظة عليها للأجيال القادمة.
كما انطلقت محاضرة تمهيدية مكثفة حول كيفية كتابة السيناريو، قدّمها كاتب السيناريو محمود خليل.
تناولت المحاضرة أُسس اختيار الفكرة المناسبة ومواصفاتها الفنية، إلى جانب استعراض مراحل كتابة السيناريو وفق ترتيب يضمن الوصول إلى عمل محكم ومتقن الصنع، كما قدم خليل للحضور منهجية عملية تساعد على تحويل الأفكار إلى نصوص سينمائية قوية، مع التركيز على البناء الدرامي وتطوير الشخصيات.
وتتواصل فعاليات الورشة يوميًا بقسميها النظري والعملي في العاشرة صباحًا بقصر ثقافة الإسماعيلية، حيث سيحصل المشاركون على تدريبات تطبيقية مكثفة لصقل مهاراتهم في كتابة وتصوير وإخراج الأفلام الروائية القصيرة.
كما نظّم المهرجان ورشة تعليم صناعة الفيلم للأطفال، تحت إشراف المخرجة هالة جلال، رئيسة المهرجان.
أدار الورشة كل من المخرج حازم مصطفى والمخرج مينا ماهر، مستهدفين الأطفال من الفئة العمرية بين 9 و15 عامًا، بهدف تدريبهم على أساسيات صناعة السينما بأسلوب تفاعلي مبسط.
وتضمنت الورشة أنشطة تعليمية تعتمد على الألعاب ووسائل تدريب متطورة تتناسب مع قدرات الأطفال، مما أتاح لهم فرصة تنمية خيالهم السينمائي والتعبير عن أفكارهم عبر حكي قصصهم الخاصة.
كما شملت التدريبات مراحل صناعة الفيلم، بدءًا من تطوير الفكرة، والتصوير، والمونتاج، بالإضافة إلى شرح أساسيات الإخراج بطريقة مبسطة تساعد الأطفال على فهم فن السينما وإتقانه.
وحرصت الورشة على تمكين المشاركين من إنتاج أعمال فنية مصغرة، حيث تمثل أحد أهدافها الرئيسية في تصوير وتحرير فيلم قصير عن أحد معالم محافظة الإسماعيلية، مما يعزز ارتباطهم بالبيئة المحلية ويدفعهم لاكتشاف مواهبهم في مجال السينما.
وعقب انتهاء الورشة؛ سيتم تنظيم يوم خاص لعرض الأفلام التي أنجزها الأطفال أمام مجموعة من المتخصصين والفنانين، بهدف تحفيزهم وتشجيعهم على تنمية مهاراتهم السينمائية. كما سيتم تقديم ملاحظات نقدية بنّاءة للأعمال المشاركة، مما يمنح الأطفال تجربة حقيقية في عرض وتقييم أعمالهم.
ويولي مهرجان الإسماعيلية هذا العام اهتمامًا خاصًا بالشباب والأطفال من أبناء مدن القناة، سعيًا منه إلى بناء ثقافة سينمائية لديهم، والتركيز على موضوعات تهمهم، مثل الحفاظ على البيئة وتوثيق ذاكرة المدينة من خلال السينما.
كما ينظم المهرجان عددًا من الورش السينمائية للأطفال، تتناول مختلف جوانب صناعة الأفلام، مثل التصوير، والمونتاج، والإخراج، بهدف تمكين الأطفال من التعبير عن أنفسهم فنيًا وإعداد جيل جديد من المبدعين في مجال السينما.