مأذن بلال والجُزر الرائعة تزين المنطقة.. وحكاية الصخرة العجيبة تثير الدهشة .. وعم "بوليس" و"كتيتب " أقدم بحار وأشهر كاتب نوبي
موضوعات مقترحة
أسوان ـ عز الدين عبد العزيز:
إذا أردت البحث عن المتعة الحقيقية في أسوان، فأنت مدعو لقضاء يوم على الأقل في جُزر الشلال ومنطقة شيشة، حيث الهدوء وجمال الطبيعة الخلابة التي لا تقارن بأي مكان في العالم، ورغم ارتباط الشلال تاريخيا بأحداث ستظل محفورة في تاريخ مصر القديم والحديث، ورغم هذه المقومات السياحية التي لا تتوافر في أي مكان بالعالم، إلا أن يد السياحة الحقيقية لا تزال مغلولة عنها، وهو ما يتطلب المزيد من الترويج الخاص لها بما تضمه من أثار نوبية وفرعونية وإسلامية، مثل مأذنة بلال التي لاتزال علي هيئتها حتى الآن، هذا بخلاف الموروثات الثقافية والعادات والتقاليد التي لابد من استغلالها .
" الشلال " .. تاريخ وذكريات
كانت منطقة الشلال هى بداية الإبحار في النيل من مصر إلى السودان قبل بناء السد العالي، وكما يقول الخبير السياحي النوبي رمضان عوض الله فإن تسمية منطقة الشلال تعود إلی طبيعة المكان الذي كان يتفرد بمجموعة من الصخور تتخللها مياه النيل الزرقاء التي تتحول في لمحة من البصر إلى اللون الأبيض مترقرقة ما بينها، فالنيل في رحلته من مصر إلى السودان يضم 6 شلالات، منها شلالا وحيدا في أسوان، بينما تقع الخمسة شلالات الأخري في السودان .
وأضاف عوض الله : لاتزال المنطقة الحالية التي تقع شمال شرق خزان أسوان القديم تحتفظ بأطلالها القديمة من محطة قطارات السكة الحديد المقامة على الطراز الإنجليزي الكلاسيكي، وكذا مرابط المراكب التي كانت تبحر بين مصر والسودان، و" كرانتينة " المواشي التي كان يتم استيرادها من الجنوب، بالإضافة إلی جزر " تنجار، هيصا، بيجا، عواض، فيلة " والتي تنبه لها رجال السياحة وبدأوا في استغلال جمال طبيعتها في إقامة " موتيلات " بيئية ممتعة .
الريس "بوليس " .. وعم "كتيتب "
وأشار خيري محمد علي رئيس غرفة شركات السياحة ووكلاء السفر بأسوان إلى أهمية الموروث الثقافي والتاريخي للشلالية، قائلا : لا يوجد " شلالي " واحد لا يعرف الريس "بوليس" الذي كان أمهر بحار نوبي يعمل مابين ميناء الشلال ووادي حلفا، فالعم "بوليس " كما أطلق عليه الإنجليز وقتها كان موضع ثقة الجميع، وهو ما أورثه لأبنائه وأحفاده الذين يعيشون حاليا في قرية غرب سهيل بحري، أما "كتيتب" فهو اسم الشهرة لأشهر كاتب شلالي نوبي، وبطبيعة حال البشر وقتها ـ وكما يقول خيري ـ فإن من كان يبرع في مهنته يصغرون اسمه تقديرا لهذه البراعة واعترافا بتميزه .
الارتباط بالنيل .. موروث تاريخي
وعن عادات " الشلالية " وارتباطهم بالنيل في كافة مناسباتهم يقول رئيس غرفة السياحة إن النيل عند الإنسان النوبي هو الحياة، فالأفراح تبدأ باغتسال العريس وعروسه نهارا في مياه النيل للتبرك، والمولود الجديد لابد وأن يلقي والده بصُرته في النيل في يوم الاحتفال بـ " سبوعه "، حتى عند طهور الأطفال فالرغيف الشمسي الذي يتم إلقاؤه في النيل يكون بمثابة هدية الأهل لحراس النهر من العالم الأخر، لذا فنحن ننادي ونطالب بضرورة الحفاظ على هذا التراث واستغلاله في الجذب السياحي البيئى للشلال والجُزر ومنطقة شيشة .
ويوضح خيري محمد علي أن منطقة الشلال تتميز بمقومات سياحية لا تتوافر في أي مكان بالعالم، لافتا إلي تلك الصخرة العجيبة التي تتوسط منطقة الحِبس ما بين خزان أسوان والسد العالي، حيث يصفها بالصخرة العجيبة التي تتخذها الطيور المهاجرة في الشتاء والصيف استراحة لها وتنقسم إلي جزئين، الجزء الشرقي ويحتفظ بلونه الطبيعي " والجزء الغربي ذو اللون الأبيض والأصفر، مشيرا إلى أنه وبرصد هذه الظاهرة العجيبة تبين أن الطيور المهاجرة تقوم بالتخلص من فضلاتها عكس اتجاه القبلة، والخلاصة فإن الشلال وجزره في أسوان تعد مناطق سياحية خلابة تحتاج إلي التنمية والترويج المناسب لها .
السياحة البيئية .. ضرورة
يقول المهندس أيمن منسي ـ من أبناء النوبة ـ إن ميناء الشلال كان المركز الرئيسى للتجارة مع السودان قبل بناء السد العالى، حيث ترسو فيه المراكب والبواخر ومراكب البوستة التى كانت تربط بين الشلال وقرى النوبة ومدينة حلفا السودانية، مشيرا إلى أنه كان يوجد بها محطتان لرسو المراكب، محطة تفتح قناطرها في وقت فيضان النيل من شهر أغسطس إلى شهر نوفمبر سنويا، وفى هذه الفترة يعود النيل لمنسوبه العادى قبل بناء الخزان فتنكشف الأرض وتظهر الأثار، والمحطة الأخرى كانت تُفتح في باقى شهور العام، حيث يتم غلق قناطر خزان أسوان ويعود منسوب النيل للارتفاع مرة أخرى، ويجدد منسى المطالب بضرورة استغلال منطقتي " الشلال " و" شيشة " سياحيا بشكل أكبر، خاصة مع وجود المتحف المفتوح الذي يضم أعمال سمبوزيوم أسوان .
ويوافقه في الرأي علي هيبون ريس مراكب قائلا: إن منطقة شيشة وجزر الشلال، ومنها هيسا وتقارن هى مستقبل السياحة البيئية المستدامة، سياحة المتعة والجمال والطبيعة الخلابة، مشيرا إلى أن نجاح السياحة البيئية في غرب سهيل وبربر أضاف كثيرا للمناطق النوبية الجميلة الأخرى، وبالتالي من المتوقع أن تنتعش السياحة ذات العائد المادي الكبير، وهو ما نطالب به خلال الفترة المقبلة.