موضوعات مقترحة
خسائر جيش الاحتلال خلال أول اشتباك بري تثير قلقًا واسعًا في تل أبيب
أشرف أصلان:
في أول مواجهة برية مع حزب الله، خسرت إسرائيل العشرات من جنودها وكان الالتحام من المسافة صفر اختبارا قاسيا أثار مخاوف وقلقا واسعا في الأوساط العسكرية الإسرائيلية التي تحدثت عن تنامي قدرات الحزب محذرة من أن اجتياح الجنوب اللبناني ليس نزهة.
وبدا حزب الله، خلال الأيام الماضية في قلب العاصفة، بلا رأس قيادي بعد اغتيال زعيمه حسن نصر الله، مع تعثر منظومة الاتصالات والمعلومات بسبب الاختراق، وتفجير البيجرز. وفي نفس الوقت يبدو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أشد حالاته عدوانية.
وأعلن حزب الله في بيان أصدره فجر اليوم الخميس أنه قصف بالصواريخ تحركات للقوات الإسرائيلية في مستعمرة مسكاف عام وحقق إصابة مباشرة. كما أعلن قصفه بالمدفعية تجمعا لقوات إسرائيلية في موقع حانيتا وتحقيق إصابة مباشرة. في غضون ذلك، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن قصفا مدفعيا عنيفا استهدف بلدة كفركلا في قضاء مرجعيون بمحافظة النبطية في جنوب لبنان لأكثر من ساعة متواصلة ليلة الخميس.
وكان حزب الله أعلن أمس الأربعاء تصديه لمحاولات تسلل إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية وتدمير 3 دبابات ميركافا بصواريخ موجهة، في حين أقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 8 عسكريين -بينهم 3 ضباط- بعد عبورهم الحدود.
وفي تطور لافت ولأول مرة منذ إعلانه بدء عملية برية في جنوب لبنان، قال الجيش الإسرائيلي إن 8 عسكريين بينهم 3 ضباط قتلوا وأصيب 7 بجروح خطيرة بينهم ضابط في معارك جرت بين الجيش ومقاتلي حزب الله جنوبي لبنان. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن نحو 35 جنديا إسرائيليا أصيبوا في اشتباكات جنوبي لبنان، وكشفت أن مقاتلي حزب الله أطلقوا النار على الجنود من مسافة صفر.
وذكر مركز زيف الطبي الإسرائيلي أنه استقبل أمس الأربعاء 39 جنديا مصابا وصلوا بواسطة المروحيات ومركبات الإسعاف. وذكرت القناة الـ13 أن تحقيقا أوليا للجيش كشف أن عشرات من مقاتلي حزب الله هاجموا الجنود في المعارك التي أدت إلى مقتل عدد منهم.
يأتي ذلك بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أن وحدات نظامية من المشاة والمدرعات انضمت إلى العمليات البرية في جنوب لبنان.
وبلغة الأرقام، يعد الجيش الإسرائيلي، بعدته وعتاده ودعم الولايات المتحدة له ماليا وتقنيا، يتفوق قطعًا على حزب الله، لكن الأخير، من الناحية العسكرية، يعد بحسب خبراء عسكريين أحد أقوى القوات المسلحة غير النظامية في العالم. فما الذي يحدث إذا التقت قوتان بهذا الاختلاف والتفاوت في أرض المعركة؟.
مرونة تنظيمية
وفي تحليل قدمه الخبير الأمني الإسرائيلي بواز جانور أوضح أنه "في غضون 34 يومًا فقط من الحرب غير المتكافئة ضد إسرائيل، أظهر حزب الله مرونة تنظيمية، وقدرة على البقاء، واستخدام أشكال متعددة ومبتكرة من القوة النارية.
وبحسب الباحث في الدفاع الأمريكي فرانك هوفمان، فإن حزب الله أثبت أن الجهات غير النظامية قادرة على "دراسة وتفكيك نقاط الضعف في الجيوش ذات النمط الغربي واستنباط التدابير المضادة المناسبة".
ولا يزال الحزب يمتلك هياكل عسكرية احترافية، وربما لا يقف حزب الله في موقف دفاعي فقط، بل قد تشن قواته هجمات حرب عصابات، على الأرجح باستخدام شبكة أنفاق واسعة ومواقع دفاعية مُعدَّة جيدا بالقرب من الحدود الإسرائيلية، مستفيدة من التضاريس الوعرة هناك، ولا سيما أن حزب الله يدرك جيدا النيات التدميرية للهجوم البري المتعلق بتفكيك البنية التحتية العسكرية وقطع خطوط المواصلات بين الأفرع العسكرية، واستهداف بعض القادة في منازلهم، وتجريد حزب الله من كل عناصره المؤثرة على الأرض من منشآت ومؤسسات، كما أن الهجوم البري يدفع كذلك بتسريع موجات الإخلاء الجارية في المنطقة.
وتشير التوقعات إلى أن الحزب قد يسترد قوته بسرعة مع بوادر قدرة على امتصاص الضربة القوية التي وجهت إليه، بما يشكل ضغطا وامتحانا عسيرا على القوات البرية المتوغلة في جنوبي لبنان، ويجعلها تتردد في تقدمها، ويربكها فضلا عن تعظيم الخسائر البشرية.
وحسب بعض التقديرات يمكن لحزب الله نشر ما بين 40 و50 ألف مقاتل يتمتع جانب كبير منهم بتدريب عالٍ ومنضبط، بخلاف فرقة الرضوان التي تضم مقاتلين ذوي خبرة عالية، وغالبا ما يكونون في الخطوط الأمامية.
في غضون ذلك يستمر القصف لأنحاء متفرقة في إسرائيل، بما يضغط نفسيا على جدوى الغزو وتعثره في تحقيق أهدافه، حيث تمثل الصواريخ سلاحًا أساسيا في إستراتيجية الحزب العسكرية. ويمتلك حزب الله صواريخ يتجاوز مداها 300 كيلومتر، مثل صاروخ فاتح 110 ونسخه المختلفة، وهي صواريخ يمكنها الوصول إلى العمق الإسرائيلي. ويبدأ مدى صواريخ حزب الله من 10 كيلومترات لصواريخ بركان وفلق، ويرتفع ليصل إلى 40 كيلومترا فأعلى حتى حدود 100 كيلومتر لصواريخ مثل فجر 3 و5 ورعد 2 و3، وأخيرا تظهر صواريخ مثل خيبر 1 وزلزال 2 وغيرها من الصواريخ التي يزيد مداها على مئة كيلومتر.
كما أن مجموعة من الصواريخ المتنوعة المدى تسمح لحزب الله بتوزيع منصات إطلاق الصواريخ على مساحة واسعة، وهذا يجعل من الصعب على قوات الخصم (جيش الاحتلال في هذه الحالة) تحديد مواقع الإطلاق وتدميرها في وقت واحد.
وفي في تقرير بعنوان "النار والدم: الواقع المخيف الذي تواجهه إسرائيل في حرب مع حزب الله"، أصدرته جامعة "رايخمان" الإسرائيلية في وقت مبكر من العام الحالي، توقع المحللون أن تستمر الضربات الصاروخية من حزب الله (وحلفائه) بمعدلات تتراوح بين 2500 و3000 صاروخ وقذيفة يوميا لأسابيع متتالية، بما في ذلك الصواريخ الأقل دقة والصواريخ الدقيقة البعيدة المدى والمسيّرات، مستهدفة المواقع العسكرية الإسرائيلية، فضلا عن المدن ذات الكثافة السكانية العالية في وسط البلاد، وهو ما قد يمثل تهديدًا كبيرا.
وبحسب مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS)، من المرجح أن تجبر الدفاعات الجوية لحزب الله الطائرات الإسرائيلية على التحليق على ارتفاعات أعلى؛ مما يقلل من قدرتها على ضرب الأهداف على الأرض بدقة، وسيُعد إسقاط حزب الله مقاتلة إسرائيلية مأهولة بنجاح حدثا إستراتيجيا مُهما لا يمكن استبعاد وقوعه خاصة في سياق تكثيف الضربات على جنوبي لبنان.