Close ad

الخليفة المأمون وأقباط مصر

13-8-2024 | 17:58
الخليفة المأمون وأقباط مصرالخليفة المأمون واقباط مصر

يظهر أن مصر لم تعجب المأمون كثيرا عندما زارها عام 832 ميلادية، إثر ثورة عارمة هددت سلطان الخلافة، وقد عزل المأمون الوالي الضعيف، وهدأت النفوس، وراح المأمون يذرع الوادي الخصيب شمالا وجنوبا. جاء في المقريزي :

موضوعات مقترحة

" قال سعيد بن كثير بن عفير: كنا بقبة الهوا عند المأمون لما قدم مصر فقال لنا : " ما أدري ما أعجب فرعون من مصر حيث يقول: " أليس لي ملك مصر، وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون" ؟ فقلت: أقول يا أمير المؤمنين فقال: قل يا سعيد، فقلت: إن الذي ترى بقية مدمر لأن الله عز وجل يقول: "ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون"، قال: صدقت، ثم أمسك "، ولا يمكن أن يكون المأمون قد بقي على هذه السطحية في التفكير طوال إقامته بمصر، لأن القصة التي يحكيها إن دلت على شيء، فعلى أن المأمون عرف أن مصر ليست كل ما رآه من قبة الهوا. ويقول يعقوب نخلة روفيلة في كتاب له عن تاريخ الأقباط طبع عام 1889،" ولما خمدت نار الفتنة، وهدأت الأحوال، شرع المأمون في تطييب خواطر الناس، فصار يطوف بالبلاد، وأخذ يتفقد أحوال الرعايا لتسكين جأشهم، وقيل إنه في أثناء تجواله على البلاد مر لضيعة تسمى "طاه النمل"، فلم يدخلها لحقارتها ولما تجاوزها خرجت إليه عجوز تسمى ماريا صاحبة الضيعة، وأخذت تصيح على الخليفة المأمون مستغيثة، فظنها متظلمة، فوقف لها، وسأل عما تريد، فقالت: يا أمير المؤمنين، نزلت في كل ضيعة وتجاوزت ضيعتي، والقبط تعيرني بذلك، فأتوسل إليك أن تشرفني بحلولك في ضيعتي، ليكون لي ولعقبي الشرف، ولا تشمت بي الأعداء، فأجاب الخليفة المأمون طلبها، وثنى عنان فرسه إلى قريتها. " ولما نزل بها، جاء ولدها إلى صاحب المطبخ وسأله كم يحتاج من الغنم والدجاج والتوابل والسكر والعسل والطيب والشمع وغير ذلك، مما جرت به عادته، فأحضره إليه، وكان مع الخليفة المأمون أخوه المعتصم، وابنه العباس، فقدمت له وجميع من بمعيته من فاخر الطعام شيئا كثيرا، حتى استعظم ذلك، " فلما أصبح الصباح، وقد عزم على الرحيل، حضرت إليه ومعها عشر وصائف، في يد كل وصيفة طبق. فلما رآها المأمون عن بعد قال لمن معه: قد جاءتكم القبطية بهدية ريفية، فلما وضعت ذلك بين يديه، إذا في كل طبق كيس من ذهب، فاستحسن ذلك وأمرها بإعادته، فقالت: يا أمير المؤمنين ! لا تكسر قلوبنا، ولا تحتقر بنا، فقال لها: إن في بعض ما صنعت لكفاية، ولا نحب التثقيل عليك، فردي مالك، بارك الله فيك، فلم ترض، وألحت عليه بقبول المال، فلم يسعه إلا إجابة طلبها، ثم سألها : من أين لك كل هذا ؟

" فأخذت قطعة من الأرض وقالت يا أمير المؤمنين ! هذا – وأشارت إلى الذهب – من هذا – وأشارت إلى الطينة التي تناولتها من الأرض، ثم "من عدلك يا أمير المؤمنين" !

دكتور عبد العظيم محمود حنفي

خبير في الشئون السياسية والاستراتيجية

اقرأ أيضًا: