Close ad

حكايتى: أذوب فى روح ابنتى .. !

17-7-2024 | 18:27
حكايتى أذوب فى روح ابنتى  حكايتى: أذوب فى روح ابنتى .. !

حكايتى: أذوب فى روح ابنتى .. !

موضوعات مقترحة

حكايات من الواقع يكتبها: خالد حسن النقيب

كلما كنت أحس بتقدم العمر و الشيب يزحف إلى رأسى يتملكنى خوف مطبق أختنق به فى صمت دائم لا ينقطع فقد عشت مشوارا من الكفاح و الصراع مع الدنيا حتى استطعت تحقيق ذاتى و كونت ثروة لا بأس بها و لكن سعادتى الحقيقية لم تكن بالمال الذى استطعت تكوينه فى رحلة حياتى و لكنها تلك الروح الطاهرة البريئة التى أشرقت فى دنياى و كأنها مكافأة نهاية العمر و لعلها جاءت إلى الدنيا متأخرة لحكمة يعلمها الله و الذى أحمده يقينا و صبرا أن من على بابنتى هذه و أنا فى خريف العمر و قد تجلت نعمته أنه استجاب دعائى أن لا يذرنى وحيدا فى الدنيا و أتت صغيرتى تذوب فى روحى و أذوب فى روحها و كأن حياتى تتجدد بين ذراعيها الصغيرين .. !

كلما نظرت إليها يرتجف قلبى و تأخذنى المخاوف بعيدا فأراها بعين الغد و قد بدت عروسا جميلة ترفل فى ثيابها البيضاء و لكنى لن أكون إلى جوارها و أحتضن ذراعها كأى أب فى هذه الليلة مزهوا يتقدم بها حتى يسلمها إلى عريسها فأين منى و هذا اليوم فأنا بعد قاربت على الستين من عمرى و هى بعد تحبو أيامها الأولى و أرتد بخوفى إلى واقع يملأنى  بهواجس شيطانية و أتساءل إلى أى مرحلة من مراحل عمر ابنتى يمكن لى أن أبقى لها سندا و عونا فى الحياة ؟ بالتأكيد سيأتى يوم أرحل فيه و أتركها وحيدة شاردة تتلقفها ثنايا مجهول لا يرحم، صحيح أن شقيقى الأصغر ليس به شر و يحب ابنتى و كأنها ابنته و لكن من يدرينى إن اختطفتنى أنياب الردى أن يستمر شعوره الأبوى نحو ابنتى ؟ ألا يصح أن يعميه المال الذى يرثه منى و يستقوى على ابنتى و زوجتى ؟ و بدلا من أن يكون سندا لها و أبا و لو بغير رحم ينال من حقها و يستحل دمى و مالى من دون ابنتى .

ليتنى أستريح و لكن نبع الخوف فى نفسى يتزايد شلالا يطيح فى طريقه بكل شئ و لعل الشيطان يزكى نيران حيرتى و يعمل على زرع الخوف فى نفسى ما يجعلنى أفكر فى شئ ما ربما أكون به ظالما متجاوزا حقوق غيرى لحساب حق ابنتى مخالفا لما شرعه الله من تعاملات مالية فى الاتجار و فى الميراث، و ربما أكون على حق و أن خوفى على مستقبل ابنتى هو خوف مشروع فى حد ذاته، ابنتى هذه ستذهب يوما إلى المدرسة و كل حلمى أن تكون مدرسة خاصة متميزة حتى تخرج منها إلى جامعة خاصة ذات طابع علمى فريد و كل هذا بالطبع يتطلب أن يتوفر له المال الذى يكفيه فضلا عن مستوى المعيشة التى يجب أن تكون عليها هل يكفيها ما سأتركه لها من إرث شرعى لتحقق كل أحلامى فيها و تقف على أرض صلبة ؟

بالتأكيد لن يغنيها شئ من هذا و من المؤكد أيضا أن عمها لن يجد ما يجبره على إنفاق ماله الذى كان فى الأساس مالى و آل إليه إرثا على ابنة أخيه الراحل دونا عن أولاده الذين هم من صلبه .

هل ينسى أنى أقمت على تربيته و هو بعد صغير و قد رحل عنا أبانا فكنت له الأب و السند فكيف له أن يكون لابنتى كيفما كنت له ؟

إن مالى هو نتاج عمرى. شقيت به و أولى بمالى من هى لى إسما و عصبا أما أخى هذا أنا من صنعته و أشركته فى تجارتى حتى بات له ماله الخاص و تجارته فهو ليس بحاجة لأحد و لا مال من أحد فهل أترك له ما شقيت به و لا أدر إن كانت ابنتى فى رغد أو فقر مدقع ؟

أنا لا أبحث عن مبرر لما أريد أن أقدم عليه فأنا أعرف أن شريعتنا السمحاء لا تسمح لى أن أوصى من مالى شيئا بغير الثلث و لكنى ضعيف أمام مخاوفى تغشى عيناى رحلة طويلة من العمل الشاق ليس من حق أحد أن يجنى ثمارها غيرى فكيف بمن تأتيه بلا شقاء أو عناء .

و لكنى أعيش على أمل أن تمتد بى الحياة حتى أطمئن على ابنتى و أدعو الله ليل نهار فى سجودى أن يمد فى عمرى من أجلها و ليس طمعا فى الدنيا فقد عشتها و خبرتها و حققت فيها كل طموحاتى و فى النهاية زهدت فيها إلا من ابنتى الأمل المتجدد فى الحياة و لعل خوفى و وجلى يقودانى لحل لا يغضب ربى و يريح نفسى .

م . ن . القاهرة

ترفق بحالك يا أخى و لا تقنط من رحمة الله و كن على يقين من ربك و حكمته فى كل شئ فهو الذى رزقك المال الذى جنيت فى دنياك شقاء و عناء و هو من رزقك على الكبر طفلة يرتجف قلبك خوفا عليها و لا تنسى يا أخى أن من يملك العطاء يملك الأخذ فكيف به سبحانه و تعالى ملكوت السموات و الأرض يقضى و لا يقضى عليه خالق كل شئ و هو على كل شئ قدير و ثق يا أخى أنك لن تكون أحن على ابنتك من خالقها فهو من وهبها لك و هو من قدر لها العيش فى الدنيا و سيرزقها من حيث لا تحتسب أما مالك الذى تخشى عليه من أدراك أنه دائم لك فلا تكن كمن أعجبته حديقته و دخل جنته و هو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا فاحترقت و أبيدت .

و بعيدا عن هذا و ذاك من قال لك أنك سوف تموت غدا أو بعد غد و ما تدرى نفس ماذا تكسب غدا و ما تدر نفس بأى أرض تموت و لعلك تمتد فى الدنيا حتى أرزل العمر و بدلا من الطفلة التى تخشى عليها ستجدها غدا امرأة إن شاء الله تقوم على رعايتك و تخشى عليك شيخا مسنا فاحتسب أمرك كله لله المدبر ذو الجلال و الإكرام .

و لا تسئ الظن بأخيك ألست أنت من قمت على رعايته و تربيته حتى بات رجلا يافعا بل و ناجح فى الحياة إن كنت زرعت فيه الخسة و الندالة و نكران الجميل فتلك فاتورة عليك أن تدفعها و أنت صاغر و إن كنت أصلحت من شأنه و ربيته تربية حسنة فمن زرع بذور الخير يا أخى لا يحصد إلا ثمار خير .

و فى النهاية ما عليك غير أن تصبر و تحتسب أمرك كله لله أما أمر الفتوى التى تتمناها فليست الفتاوى بالتمنى و لكن هناك رأى قال به الشيخ على جمعة مفتى الديار المصرية الأسبق حول أحقية صاحب المال فى التصرف فى ماله كيفما شاء طالما كان رشيدا عاقلا لعلك تستفيد من هذا الرأى إن كان فى تفصيلات حكايتك ما يتوافق مع الفتوى و لكن تذكر قول الله تعالى ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾[سورة القمر:54-55] حتى لا تظلم نفسك و لا تظلم غيرك فى الدنيا على حساب آخرتك مصداقا لقوله تعالى ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ ﴾ [سورة القصص: 77 ]

اقرأ أيضًا: