حُسن الخلق.. طريق الجنة

19-5-2023 | 17:18
حُسن الخلق طريق الجنةحسن الخلق.... طريق الجنة

من أصول الدين.. وسبب لدخول الجنة والقرب من سيد الأنام

موضوعات مقترحة

تحقيق ــ رجب الو الدهب

حثت الشرائع السماوية على التحلى بالقيم والأخلاق ونادى بها العلماء والمصلحون في كل زمان لأنها أساس تقدم المجتمعات وبناء الحضارات وفى الآخرة هى أثقل في الميزان ولذلك كانت الأخلاق سببا لدخول الجنة والقرب من سيد الأنام صلى الله عليه وسلم وجاء الإسلام ليتمم مكارم الأخلاق التى كانت فيها بقية لدى العرب من نخوة وكرم وشهامة ونجدة للملهوف ونصرة الحق والمظلوم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

وحول أهمية الأخلاق الحسنة وكيفية التخلق بها في البداية يوضح الشيخ زكريا السوهاجى من علماء الأوقاف أن الشريعة الإسلامية حثت على مكارم الأخلاق، وكان صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق أخلاقًا وأحسنهم آدابًا فقد أوضح رسول الله أنه ما بُعِثَ إلا ليتمم مكارم الأخلاق، التى كانت في الجاهلية بقية منها وامتدح الله نبيه على كمال الأخلاق في قوله تعالى {وانك لعلى خلق عظيم} وظهر ذلك من خلال معاشرته للناس ومخالطته لهم وعندما سئلت عائشة رضي الله عنها كيف كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "كان خلقه القرآن"، فلقد كان- قرآنًا يمشي على الأرض، أي أنه عمل بأخلاق القرآن، وتمثل آداب القرآن، وذلك أن القرآن أنزل للتدبر والعمل به فعن أبي هريرة رضي الله عنه: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج)). ومما لاشك فيه إن «مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين، بها تنال الدرجات وترفع المقامات» كما أن «صاحب الخلق الحسن جليس الرسول صلى الله عليه وسلم في الجنة» لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه».

وقال حسن الخلق يوجب المحبة والتآلف وهو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الناس وهذا مع ما يلازم المسلم من كلام حسن ومدارة للغضب، واحتمال الأذى. وإن من حق رسول الله على كل مسلم أن يتأسى به في الأخلاق، ويقتدي به في سلوكه الخاص والعام وإلا كان العبد من المقصر في حق الرسول صلى الله عليه وسلم الذى كان يمازح المزاح المتزن وينبسط مع الناس لما ورد أن أنس بن مالك قال: إن كان النبي ليخالطنا، حتى يقول لأخ لي صغير: «يا أبا عمير ما فعل النغير)، والنغير: طائر صغير.

وأوضح أنه ومن أخلاق الرسول الكريم: إكرام الضيف والجار والإحسان إليهما، وهو القائل: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت"). ومن أخلاقه: احترام الكبير ورحمة الصغير: دخل أعرابي والرسول صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن والحسين فقال: تقبلون صبيانكم! فقال رسول الله: «أو أملك أن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك» وعن عائشة رضي الله عنها). وقال: «من لا يرحم لا يرحم».

ويضيف الشيخ محمد رجب الأزهري من علماء الأوقاف أن الأخلاق في الإسلام شأنها عظيم ومكانة عالية ولذلك دعا المسلمين إلى التحلي بها وتنميتها في نفوسهم، وهي أحد الأصول الأربعة التي يقوم عليها الدين وهي: الإيمان والأخلاق، والعبادات، والمعاملات،علاوة على إن الأخلاق الكريمة دعت إليها الفطر السليمة والعقلاء يجمعون على أن الصدق والوفاء بالعهد والجود والصبر والشجاعة وبذل المعروف أخلاق فاضلة يستحق صاحبها التكريم والثناء، وأن الكذب والغدر والجبن والبخل أخلاق سيئة يذم صاحبها.

فعن النواس بن سمعان، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن البر فقال: « حسن الخلق »، فقال: ما الإثم ؟ قال: « ما حاك في نفسك وكرهت أن يعلمه الناس » وعن عبد الله بن عمرو قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: «خياركم أحسنكم أخلاقا».

وعن أم الدرداء قالت: قام أبو الدرداء ليلة يصلي، فجعل يبكي ويقول: اللهم أحسنت خلقي فحسن خلقي، حتى أصبح، قلت: يا أبا الدرداء، ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق ؟ فقال: يا أم الدرداء، إن العبد المسلم يحسن خلقه، حتى يدخله حسن خلقه الجنة، ويسيء خلقه، حتى يدخله سوء خلقه النار، والعبد المسلم يغفر له وهو نائم، قلت: يا أبا الدرداء، كيف يغفر له وهو نائم ؟ قال: يقوم أخوه من الليل فيجتهد فيدعو الله عز وجل فيستجيب له، ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق وَرَوَي أَيْضًا عَنْ الْفُضَيْلِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ سَاءَ دِينُهُ، وَحَسْبُهُ مَوَدَّتُهُ.قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ، وَكَفُّ الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ.

 والواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بحسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها".

ولا يتصور بعض الناس أن حسن الخلق محصور في الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة فقط، والحقيقة أن حسن الخلق أوسع من ذلك فهو يعني إضافة إلى الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة، التواضع وعدم التكبر ولين الجانب، ورحمة الصغير واحترام الكبير، ودوام البشر وحسن المصاحبة وسهولة الكلمة وإصلاح ذات البين والتواضع والصبر والحلم والصدق وغير ذلك من الأخلاق الحسنة التى تؤدى في النهاية بصاحبها إلى الجنة.

 

اقرأ أيضًا: