رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

كلام ثابت
مخاطر السياسة الإثيوبية

حدث ما كانت مصر تحذر منه وتخشى وقوعه، نتيجة الإصرار الإثيوبى غير المبرر على الانفراد بالتحكم فى تدفقات المياه من السد الإثيوبي. وكانت النتيجة ما نشهده حاليا من فيضانات عارمة ألحقت أضرارا كبيرة بالسودان الشقيق، وغرقت بسببها العديد من القرى والمدن، وانهارت مبانٍ، وسقط ضحايا وخسائر. وقد اضطرت إثيوبيا إلى فتح جميع بوابات السد دفعة واحدة نتيجة ارتفاع منسوب المياه خلفه، مع استمرار هطول الأمطار وعجز التوربينات عن تصريف المياه، إما بسبب أعطال أو لقلة الخبرة، مما يشكل خطرا داهما يهدد بانهيار السد.

لم يكن إصرار مصر على المشاركة مع السودان وإثيوبيا مجرد إثبات لأحقيتها، وهو أمر ضرورى وفقا للقانون الدولى لكونها دولة مصب، وإنما أيضا لمصلحة إثيوبيا نفسها، التى كان عليها أن تتخلص من جزء كبير من مياه بحيرة السد قبل موسم الفيضانات، حتى تتمكن من استيعاب الفيضان الجديد. لكنها تأخرت كثيرا حتى امتلأت البحيرة، وعندما جاء الفيضان لم تجد وسيلة آمنة لتصريف المياه سوى فتح كل الممرات والبوابات، فانطلقت التدفقات المائية المندفعة مهددة بانهيار السدود السودانية الصغيرة التى لا يمكنها تحمل الكميات الكبيرة والسريعة من المياه.

أما مصر، فلا خطر عليها مما حدث، فقد اتخذت الاستعدادات اللازمة لكل الاحتمالات، وفتحت ممرات إلى ترع جديدة تربط بمنخفضات مفيض توشكى لاستيعاب أى تدفقات زائدة. وهذا ما يعكس الإدارة الخبيرة.

كما تتعاون مصر مع الدول الإفريقية التى يمر بها النيل الأبيض لتحويله إلى ممر ملاحى يربط هذه الدول، التى لا تطل على البحار، بالبحر المتوسط. وبهذا يمنحها منفذا بحريا، وينعش التجارة فيما بينها. وتعمل مصر على توسعة المناطق الضحلة والضيقة لتمكين السفن من العبور، وإنشاء الأهوسة لتسهيل حركة النقل والتحكم فى عمق المياه، والمساعدة فى بناء السدود لتحقيق فوائد مشتركة وتنمية جماعية.

وهذا ما كانت تأمله أيضا مع إثيوبيا، لكنها تعرقل كل مساعى التفاهم بطريقة مسيئة وعدوانية. بل إنها تعتبر تعاون مصر مع كل من الصومال وإريتريا موجها ضدها، بينما تسعى مصر إلى تعاون واسع مع دول المنطقة يحقق المكاسب المشتركة ويعزز السلام والتنمية. وقد تجسد ذلك بالفعل فى اتفاقية التعاون مع إريتريا، والجهود المصرية لدعم استقرار الصومال. إن على إثيوبيا أن تستوعب الدرس، وتعيد النظر فى عنادها وقراراتها الأحادية، واستهانتها بحقوق جيرانها، لأن من شأن ذلك أن يجلب الضرر للجميع.

وهذا بخلاف السياسة المصرية التى تسعى لتحقيق مكاسب مشتركة، وتعزيز التعاون من أجل الخير والتنمية. أما إثيوبيا فقد أضرت بالسودان، وخاضت الحروب، وافتعلت الأزمات، وهو ما لا يخدم مصلحة الشعب الإثيوبى ولا جيران إثيوبيا، ولا يحقق الاستقرار والتنمية فى منطقة عانت الكثير من الويلات.


لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت

رابط دائم: