من أخطر ما تخشاه إسرائيل، فى نتائج وتوابع حروبها الأخيرة، تَفَشِّى ظاهرةُ هروب اليهود للخارج خوفاً من التعرض للمخاطر التى تعرضوا لها داخلياً لأول مرة منذ تأسيس إسرائيل، وقد وصلوا، وفق أحد التقديرات، إلى هجرة ما يتراوح بين 300 ألف إلى 350 ألف يهودى. والأخطر أنهم من فئات العاملين فى المجالات الأكثر تطوراً، كما أن بعضهم يهاجر بشركته الخاصة. مما دفع حكومة نيتانياهو إلى وضع خطة مركبة تعيق راغبى الهروب، وفى الوقت نفسه، تضع شروطاً للمستقبل تضمن أن يكون اليهود الراغبون فى الهجرة إلى إسرائيل أكثر صموداً أمام هذه الأخطار المستجدة التى بدأت مع حماس، ثم بعد تدخل حزب الله، ثم نتيجة لتطورات عدوان إسرائيل على إيران وردود إيران عليها بصواريخ باليستية دَمَّرت منازل وشَرَّدَت سكانَها، وفجرت قواعد عسكرية أحدثت رعباً للقاطنين جوارها!
وفى الوقت الذى سَدَّت إسرائيل ما تقدر عليه من منافذ الهروب، إلا أن الطرق البرية والموانئ البحرية ظلت متاحة، خاصة لمن هم قادرون على دفع آلاف الدولارات فى عملية الهروب، ولم يكن الأمر صعباً على الأثرياء أصحاب القوارب الراسية فى الميناء، فانطلقوا إلى أقرب نقاط بأوروبا. بل وشارك فى الهروب بعض طائفة الحريديم الأكثر تطرفاً، وكذلك حاملو جنسيات أخرى!
وقد تسربت هذه المعلومات إلى الإعلام الخارجى برغم الرقابة الصارمة على نشر الأخبار الخاصة بالحرب، والتى صدر بها قانون بعد 6 أيام فقط من العدوان على إيران، وفُرِضَت عقوبة بالسجن 30 شهراً على من ينشر هذه المعلومات، وقد عوملت أخبار الهروب ضمن المحظورات.
أما البُعْدُ المستقبلى، لضمان التقليل من احتمال الهروب، ففى مشروع قانون يناقشه الكنيست هذه الأيام لإجراء تعديلات على قانون العودة، الذى هو تعبير عن هوية إسرائيل كدولة يهودية، وذلك لإلغاء بند فى القانون السارى يتساهل فى منح الجنسية الإسرائيلية لأفراد لا يُعتَبَرون يهوداً وفقاً للشريعة اليهودية، ولكن فقط لديهم جد يهودى، وهو ما استفاد منه نحو نصف المليون منذ عام 1970! ويرى البعض أن هذا التساهل فى منح الجنسية لغير اليهود يجلب لإسرائيل فئات أقل انتماءً يهربون عند الخطر.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: