على إيران أن تُبَرِّر، لأصدقائها وحلفائها قبل أعدائها، كيف فوجئت بالضربة الإسرائيلية الواسعة المروِّعة صباح الجمعة الماضى، وكيف اختفت أجهزةُ دفاعاتِها، لا طائرات ولا مُسَيَّرات ولا صواريخ ولا مدفعية، ثم عندما اطمأنت إسرائيل إلى أن الأجواء مفتوحة أمامها، وتأكدت كذلك من أن هناك ارتباكاً فى قمة السلطة بإيران، كان أحد مؤشراته الإعلان الفورى من المرشد بتعيين بدائل للقادة الذين اغتيلوا، ولكنه أسرع، بعد ساعات قليلة، بتعيين آخرين محل من عينهم تواً، فتأكدت إسرائيل إلى أن الإيرانيين لم يُعِدّوا مسبقاً خططاً بديلة، ورأت الفرصة سانحة للمزيد، فتابعت بأربع موجات أخرى خلال عدة ساعات! كما أبدت زهوَها، فأعلنت رسمياً، أنها نجحت فى زرع عناصر من الموساد داخل إيران، وأنهم شاركوا بأسلحتهم فى إنجاح الضربة!
وهكذا حققت إسرائيل أكبر أهدافها بتدمير أهم ثروة وأسلحة إيران المتمثلة فى المنشآت النووية، مع اغتيالها 6 من كبار علماء الذرة الإيرانيين يشكلون نحو 50 بالمئة من مجمل العلماء الإيرانيين الذين اغتالتهم إسرائيل طوال العشر سنوات الماضيةّ! مع اغتيالها نحو 20 من أكبر قيادات الجيش!
فكيف تَعَرَّضَت إيران للمفاجأة برغم أن إسرائيل أعلنت عزمَها على القيام بالضربة فى كل وسائل الإعلام العالمية، طوال الأسابيع الماضية، ووصفت إسرائيلُ ضربتَها المتوقعة بأنها ستكون قاسِمة لإيران خاصة فى إمكانياتها النووية! كما أعلن الرئيس الأمريكى بدوره أن إسرائيل تستعد للضربة، وأنه لن يستطيع منعها! وقال مرة أخرى إنها قد تضرب دون أن تخطره بهذا! وكلها معانٍ خطيرة كان ينبغى على إيران أن تأخذها بجدية حتى لو كانت على سبيل الإلهاء عن شيئ آخر.
لم ينتبه قادة إيران بعد الضربة إلى أنها يجب أن تكون فاصلة، أى أن يُغَيِّروا ما بعدها عما قبلها، بالأفعال وليس بالكلام، وأنه قد صار عليهم عبئاً مزدوجاً بأن ينفوا عن أنفسهم الغفلة والضعف، وأن يؤكدوا أنهم أكثر خبرة وحكمة وقوة من أكبر حلفائهم فى الإقليم، نظام الأسد وحزب الله، اللذين انهارا، دون مقاوَمة حقيقية، بأسرع مما كان يتخيل أحد، وغلبهم الصمت التام، دون حتى مشارَكة بالتعليق، لا فى شئون غيرهم ولا حتى فى شئونهم.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: