رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

اجتهادات
المُهرولون!

فى أول أكتوبر 1995 نشرت صحيفة «الحياة» قصيدة «المُهرولون» للراحل الكبير نزار قبانى الذى مرت قبل أيام الذكرى السابعة والعشرون لرحيله عام 1998. كنتُ وقتها مديرًا لمكتب هذه الصحيفة فى القاهرة. أعجبتنى القصيدة مبنى ومعني. وجدت فيها رسالة تنبيه قوية إلى خطر هرولة بعض العرب نحو الكيان الإسرائيلي, بعد توقيع اتفاق «أوسلو» الذى لم تمنع حملات ترويجه ظهور آثاره السلبية على الحق الفلسطينى منذ يومه الأول. ولكن إيمانى بالفصل بين العمل المهنى والرأى الشخصى دفعنى إلى التفكير فى استجلاب تعليق على القصيدة من موقع مختلف أو مناقض. وخطر فى بالى على الفور أن يكون الراحل الكبير نجيب محفوظ هو من يُعلق عليها. فلا يصح أن يكون من يُعلق أقل قيمة من المُعلق على قصيدته.

طرحت الفكرة على الراحل العزيز جمال الغيطانى وطلبت منه المساعدة فى إقناع محفوظ بالتعليق على القصيدة نظرًا لقربه منه. اتفقنا وذهبنا إليه. سمع القصيدة وأنصت وسكت لبرهة ثم شرع فى التعليق عليها. وكان أهم ما قاله إن القصيدة قوية لكن الموقف الذى تعبر عنه ضعيف فى رأيه. وكان هذا هو عنوان التعليق الذى نُشر فى الحياة «قصيدة قوية وموقف ضعيف».

وما أن نُشر حتى أبلغنى رئيس التحرير جهاد الخازن شفاه الله بأن قبانى غاضب لأن محفوظ أخذ عليه أنه يهاجم دون أن يقدم بديلاً، وأن الانتظار ليس فى مصلحة العرب لأننا لسنا فى مباراة للكرة حتى نحصل على استراحة ثم نعاود اللعب. وكتب قبانى ردًا على تعليق محفوظ. وكان أهم ما فى رده أن محفوظ يطالبه بأن «يصفق لمسرحية اللامعقول التى يعرضونها علينا بقوة السلاح والدولار، وأننى أعتذر عن هذه المهمة المستحيلة». وأضاف «ماذا أفعل إذا كانت الرواية عنده جلسة ثقافية هادئة، وكانت القصيدة عندى هجمة انتحارية على القبح والظلام والتلوث السياسى والقومي».

أحدثت القصيدة والتعليق والرد عليه أصداء واسعة، وقررت إدارة الصحيفة فتح حوار حول الموضوع استمر نحو الشهرين نُشر خلالهما ما يقرب من مائتى مقالة اختلفت فيها الآراء والمواقف. فسلامُ لروح الروائى والشاعر الكبيرين.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: