لا يمكن تخيّل حجم الأضرار التى قد تصيب كل فرد منا، لولا تمديد وتوسيع الطرق فى وقت قياسي. كنا سنقضى نصف عمرنا داخل السيارات أو الحافلات، فالشوارع لم تكن تتحمل هذه الأعداد الكبيرة من المركبات. كان الذهاب إلى العمل والعودة يستغرقان ساعات، وكل مشوار يتحول إلى مهمة شاقة، بل إلى رحلة مميتة فى كثير من الأحيان، عندما لا يتمكن مريض فى حالة حرجة من الوصول إلى المستشفي، أو امرأة على وشك الولادة، أو حين يصيب الإرهاق السائقين، أو يؤدى التذمر إلى التسرع، مما يتسبب فى حوادث أو مشاجرات.
كان لا بد من فتح شرايين مدننا المكتظة بجراحات عاجلة، لها بعض الآثار الجانبية التى يمكن تفهّمها، لأن توسيع هذه الشرايين لم يكن إجراءً ترفيهيًا، بل ضرورة حتمية. لذا، كان من الضرورى هدم بعض العقارات، أو تقليص مساحة بعض الحدائق فى أضيق الحدود الممكنة. فلا يمكن الإبقاء على حالة تجلّط الشوارع، حتى نصل إلى ما يشبه حظر التجول، وانقطاع القدرة على الخروج للعمل أو الدراسة أو التسوق. ما شهدناه من عمليات توسعة، وشق طرق جديدة، وبناء جسور، كان مذهلًا فى سرعته وجودته. وإذا أضفنا إلى ذلك ما سنجنيه من شق الطرق فى قلب الصحراء، وما سيثمر عنه من نشاط عمرانى واقتصادي، لوجدنا أن الفوائد كبيرة. وحتى نجنى ثمار ما تحقق، علينا الحفاظ على هذه الثروة، وأول ذلك هو الصيانة الدائمة، عبر تخصيص شاحنات متخصصة فى الصيانة السريعة والفورية، تحمل كميات من القطران وحجارة الأسفلت، لترتق أى تشقق أو حفرة فى الطرق، سواء داخل المدن أو خارجها. فهذه العملية لا تضمن صيانة الطرق فحسب، بل تجنبنا كثيرًا من الحوادث، وتحمى السيارات من مخاطر الحفر والتشققات، أى أنها ستكون موفرة للأرواح والمال معًا.
كما يجب علينا إنهاء ظاهرة التعدى على الطرق، واعتبار البعض أن هذه الطرق ملكية خاصة، بوضع حجارة أو موانع داخلها. لقد تفشّت هذه الظاهرة حتى خنقت كثيرًا من الشوارع تمامًا. رأيت بنفسى كيف انسد شارع الجلاء، الذى يقع فيه مبنى جريدة الأهرام، بالباعة الجائلين، كما أن العديد من شوارع العتبة تعرّضت للانسداد ذاته.
ولا يمكن التستر على الاعتداء على الطرق تحت ذريعة أن هناك من يقتاتون من وضع طاولات البيع فى الشارع. ينبغى إيجاد أماكن بديلة مناسبة لهذه الأنشطة. كذلك، هناك من حوّل الطرق إلى جراجات خاصة، تُفرض عليها رسوم لمن يريد ركن سيارته، وأصبحت هذه مهنة رائجة؛ فكل من أراد جنى بعض المال وضع يده على جزء من الشارع. إنهاء تلك الظواهر لا يكون بإجراءات وقتية أو عنيفة، بل بهدوء وحزم. وعلينا أن نؤمن بأن الطرق ملك لنا جميعًا، ونتعامل معها كما نتعامل مع بيوتنا، نحافظ على نظافتها وسلامتها، لإطالة عمرها وجنى ثمار فوائدها.
لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت رابط دائم: