رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

قناة السويس وبطولات أبنائها.. والمعاشات

من مدينتى بورسعيد ومن .د. آمال عسران ابنة البطل السيد عسران من أبطال مقاومة عدوان 1956 وصلنى ما حدث فى اجتماع الجمعية التاريخية من مطالبة الفنانة الكبيرة فردوس عبدالحميد محافظ بورسعيد بعدم إعادة تمثال الأفاق والافاك ديليسبس الى مدخل قناة السويس، وأن مسلسل «ليلة القبض على فاطمة» المأخوذ عن روايتى كان حاضرا فى الأمسية... لقد أعاد لى ما حدث ذكريات المقاومة الوطنية التى قام بها أبناء بورسعيد والاسماعيلية والسويس وجموع المصريين الوطنيين لإعادة تكريس والاحتفاء برمز من أسوأ رموز الاحتلال والسيطرة على قناتنا، التى جرت دماء المصريين فيها قبل أن تجرى مياه البحرين الأحمر والأبيض، وحيث استشهد أكثر من 120000 شهيد فى حفرها بالجوع والعطش وتحت ضرب السياط وبعد أن أمر ديليسبس بإحضارهم عنوة واغتصابا من قراهم مكبلين بالحديد والحبال، حيث يفقد أهلهم بعد ذلك كل أثر لهم.. ولقد نقل التمثال العار بإرادة قيادة وطنية استجابت للمقاومة والرفض الوطنى العارم والعارف بجريمة من أسوأ جرائم الاحتلال، وأمرت بوضع التمثال فى البيت الذى كان يقيم فيه بالاسماعيلية وحال كبر حجم التمثال عن وضعه داخل البيت فوضعوه الى جانبه. وقد طالبنا بوضع كل ما يوثق تاريخه الأسود فى السيطرة على القناة وإنشاء شركة تديرها وتنهب دخلها، رغم ان مصر دفعت الجانب الأكبر من تكاليف حفرها، وإثبات كيف استغلت القناة فى تسهيل احتلال الإنجليز لمصر وهزيمة عرابى 1882.

وكان هدف الاحتلال من حفرها تسهيل وصولهم الى مستعمراتهم غرب المحيط الهندى.. وكانت فكرة حفرها تعود لأجدادنا القدماء وبالتحديد لسنوسرت الثالث لربط الصحراء بجميع أقاليم مصر وشمالها وجنوبها، ورغم ما بذله المصريون من أرواح أبنائهم، وأنفقوه من أموال ظلت الشركة الفرنسية التى أنشأها ديليسبس الموظف بالقنصلية الفرنسية تديرها وتنهب النصيب الأكبر من دخلها لأكثر من مائة عام، وبيتوا النية على جعل امتيازاتهم عليها وسرقة دخلها وتحويلها إلى دولة داخل الدولة أبديا منذ افتتاحها فى 17 نوفمبر 1869 لولا تأميم الرئيس جمال عبدالناصر لها فى يوليو 1956، ونقل جميع أصول الشركة وحقوقها والتزاماتها إلى الدولة المصرية، رغم كل ما سرق من عوائدها ونهب من الخزانة المصرية، وما حملته لمصر من ديون لأول مرة فقد تعهد الرئيس عبدالناصر بتعويض جميع المساهمين وأصحاب الأسهم رغم أنهم كانوا شركاء فى جرائم نهب أموالها ولم تتوقف جهود مصر لتطوير قناتها وصيانتها وتوسعتها وتعميقها ليمر بها غاطس أحدث وأكبر السفن، والتزمت بقوانين الملاحة الدولية واتفاقية القسطنطينية 1888 ووفرت جميع شروط الأمان للسفن العابرة ودون أن يكون لأى دولة دور أو فضل فى ذلك.

إنها سطور موجزة تؤكد أنه لا تستطيع قوة على الأرض أن تنازعها فى سيادتها على قناتها، هذه الحقوق التى تدعمها القوانين الدولية، وتواصل بها رفض المحاولات المتكررة لمن يطلقون على أنفسهم أصدقاء قناة السويس وإعادة تمثال الأفاق والافاك الى مدخلها وأرجو ان يقرأها كل من تسول له نفسه تجديد جرائم الاحتلال والاعتداء على كرامة مصر.

ومن أهم الكتب التى أدعوا كل من تهيئ لهم نفوسهم المريضة العدوان على مصر، كتب مؤرخ بورسعيد الكبير ضياء القاضى وموسوعات مقاومة أبناء بورسعيد للعدوان الثلاثى 1956، وكيف تلقت قواتهم المعتدية البرية والبحرية والجوية من أبناء المدينة الصغيرة الجميلة والفدائيين ما أجبرهم على الانسحاب والخروج منها، وجعل يوم 23 ديسمبر 1956 عيدا قوميا تحتفل به مصر وصدر له هذه الأيام كتابه التاسع الجديد بعنوان، «الأطلس التاريخى لبطولات أبناء مدن القناة.. بورسعيد والإسماعيلية والسويس»، وكيف أن ملحمة25يناير1952 بين القوات البريطانية المحتلة التى تمركزت فى منطقة القناه واعتدى ما يتجاوز عشرة آلاف منهم على قوة محدودة من البوليس المصرى لا تتجاوز 880 جنديا وتحكى صفحات الموسوعة روعة المقاومة ما بين العدد المحدود لشرطتنا بأسلحة شديدة التواضع وعشرة آلاف من جنود المحتل البريطانى وقواتهم البرية ودباباتهم القتالية ومصفحاتهم، وعلى غلاف الموسوعة صورة اليوزباشى مصطفى رفعت الذى قاد مع اليوزباشى عبدالمسيح مرقص المقاومة الباسلة للجنود المصريين بعد أن رفضا تنفيذ دعوة القائد الإنجليزى بانسحاب الجنود ومغادرة المحافظة رافعين أيديهم خلال عشر دقائق وإنزال العلم المصرى ويركبون القطار الذاهب الى القاهرة وإلا ستهدم فوق رءوسهم مبنى المحافظة، وكان الرفض القاطع من القوات المصرية ودارت المعركة تحت قصف دبابات وقوات العدو حتى انهار مبنى المحافظة بالكامل، واستنفد جنودنا الأبطال رصاصهم واعترافا بعظمة رسالة المقاومة وافق قائد العدوان البريطانى على شروط اليوزباشى مصطفى رفعت ليتم استسلام من تبقى من جنود مصريين بما يحفظ كرامتهم وكرامة بلادهم، وفى مقدمتها أن يبقى علم مصر مرفوعا فوق المحافظة وألا تخرج من تبقى من القوات رافعى أيديهم كالأسرى، وأن يعاملوا بكل أدب واحترام وألا يسلموا للعدو ما تبقى من أسلحتهم.

ومع الترحيب بكل ما يجب أن تتخذه الدولة من إجراءات وقرارات لتخفيف الأعباء الاقتصادية الصعبة على المواطنين، خاصة الأكثر احتياجا وألما، وفى مقدمتهم أرباب المعاشات وقد أعلن رئيس مجلس الوزراء الثلاثاء الماضى إقرار مشروع قانون العلاوة والحوافز الإضافية، وكان المدهش الا يكون بينهم أرباب المعاشات رغم كل نداءاتهم واستغاثاتهم لإيقاف كل ما حدث من تسويف، وعدم تنفيذ ما قررته لهم القوانين من استحقاقات لم تطبق حتى الآن، ومعالجة ما ارتكب بحقهم من أخطاء وضاع عليهم من تحويشات أعمارهم والتى لا علاقة لها بميزانية الدولة وبمعاشات تكافل وكرامة.


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: