يتجدد الآن الحديث عن ضم الضفة الغربية للكيان الإسرائيلى فى الوقت الذى يتوسع عدوانه عليها. حجم هذا العدوان يتجاوز السعى إلى ضرب خلايا المقاومة المنتشرة فى الضفة، خاصةً فى شمالها.
ولكن برغم أن القوى اليمينية والاستيطانية المهيمنة على حكومة نيتانياهو تدفع بكل قوتها باتجاه الإعداد لضم الضفة، واستغلال وجود الرئيس دونالد ترامب فى البيت الأبيض لهذا الغرض، لا يوجد توافق فى الكيان الإسرائيلى على هذا الاتجاه. الضم مرغوب، لدى تلك القوى، لأهداف عقائدية وليست استراتيجية.
فعلى المستوى الاستراتيجى لا يفيد ضم الضفة هذا الكيان فى شىء، بل يهدد يهوديته. وهذا هو ما يجادل به من يعارضون مشروع الضم خوفًا من عواقبه. يقوم هذا المشروع على إقامة نظام فصل عنصرى عند ضم الضفة لحرمان الفلسطينيين فيها من حقوقهم السياسية والمدنية وضمان عدم تحولهم إلى أغلبية انتخابية فى عموم فلسطين. ولكن معارضى الضم يدفعون بأن هذا الضمان قد يضمن فى المدى القصير وربما المتوسط، ولكن لا يوجد ما يضمنه فى مدى أبعد حين يستطيع الفلسطينيون فى كسر نظام الفصل العنصرى كما فعل أهل جنوب إفريقيا فى مطلع التسعينيات.
بلغ عدد الفلسطينيين فى الضفة الغربية نحو 3.5 مليونً فى منتصف 2023 وفقًا لبيان أصدره الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى فى 31 يوليو من العام نفسه. وكان هذا تقديرًا مبنيًا على النتائج النهائية لتعداد 2017. وبلغت نسبة من تقل أعمارهم عن 14 سنة نحو 37% منهم. وهذا يفسر استهداف جيش الاحتلال الأطفال خلال عدوانه على قطاع غزة. وعندما يضاف هذا العدد إلى الفلسطينيين الموجودين وراء الخط الأخضر، وهو مليونان ومائة ألف، يصبح الطابع اليهودى للكيان الإسرائيلى فى خطر. فعدد اليهود فى هذا الكيان نحو 7 ملايين ونصف المليون حسب دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية قبل شهور قليلة. ويصير القلق فزعًا فى حالة ضم قطاع غزة أيضًا، إذ يصبح الفلسطينيون أغلبية قابلة للزيادة فيما لا يوجد ضمان لاستمرار نظام الفصل العنصرى.
ولهذا يخشى معارضو الضم لأسباب استراتيجية الأثر المدمر لتنامى النزعة العقائدية المتطرفة فى كيان قد تكتب هذه النزعة نهايته.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: