سؤال يواجهني في كل مكان منذ اندلاع الحرب التجارية المستعرة، ويدور حول تأثير تلك الحرب علينا في مصر. وكان ردي دائمًا أن الأزمات العالمية تخلق الفرص أحيانًا. فقد سبق أن استفادت مصر من الحربين العالميتين الأولى والثانية، وشهدت آنذاك رواجًا في صناعتها الوطنية الناشئة، وتمكنت كذلك من رفع صادراتها في سلع أخرى، نظرًا لتوقف الإنتاج في بعض البلدان نتيجة الدمار، أو لصعوبة نقل السلع من مناطق بعيدة إلى أوروبا بسبب تعرض السفن التجارية للهجمات.
وأعتقد أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة تقدم لنا فرصة ثمينة. فقد استوردت الولايات المتحدة من الصين في العام الماضي ما قيمته 439 مليار دولار. ومن بين السلع المهمة التي تصدرها الصين للولايات المتحدة: الملابس الجاهزة ومنتجات الجلود، وهما صناعتان عريقتان في مصر، نُصدّر منهما كميات لا بأس بها إلى الخارج، ولدينا خبرة كبيرة في إنتاجهما.
ويمكننا مضاعفة إنتاجنا من الملابس ومنتجات الجلود، مثل الأحذية والحقائب وغيرهما، ولهذا، ستكون أمامنا فرصة كبيرة لتعزيز صادراتنا ومضاعفتها، وإيجاد سوق يمكن أن نرسّخ أقدامنا فيها. وينطبق الأمر ذاته على بعض المنتجات الأخرى، مثل الخضراوات والفواكه وبعض السلع الزراعية والصناعية الأخرى.
علينا أن نعيد دراسة السوق الأمريكية في ضوء الأزمة الحالية، التي يُتوقَّع أن تخفض الصادرات الصينية إليها بما لا يقل عن 80%. كما يجب أن ندرس ما يمكن أن نصدره إلى الصين من منتجات كانت تستوردها من الولايات المتحدة، وأن نقيّم مدى قدرتنا على تزويد الصين بها.
أما الجانب الذي لا يقل أهمية، فهو جذب الشركات المتضررة من العقوبات المتبادلة، والتي لن تستطيع تحمل الضغوط المفروضة عليها، وقد تبحث عن مكان مناسب لنقل عملياتها. ومصر تمتلك من الإمكانيات ما يجعلها قادرة على اجتذاب الكثير، فلدينا موقع متميز على ضفتي قناة السويس، وعلى البحرين الأحمر والمتوسط، ولدينا بنية تحتية متطورة قفزت إلى مصاف الدول الكبرى بفضل المشروعات القومية العملاقة.
وقد أُنشئت مناطق صناعية مجهزة بالمرافق، جاهزة لاستقبال مثل هذه الشركات، كما نتمتع بفرص تنافسية كبيرة في اجتذابها، خاصة من الصين التي تبحث عن أسواق جديدة، أو من بعض الشركات الأجنبية التي تسعى إلى مغادرتها لتجنب الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضتها الولايات المتحدة على منتجاتها.
لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت رابط دائم: