لم تكن الضربات الجوية العسكرية فجر أمس الأول على غزة بعد فترة توقف (هدنة)- عادية، فهى رسالة إسرائيلية جديدة، وعلنية، لحماس، والمنطقة العربية ككل، وقد سبقتها (قبلها بساعات) الضربة الأمريكية الجوية على صنعاء و6 مناطق حيوية أخرى فى اليمن، وتلك رسالة أخرى لم تكن للحوثيين وحدهم، ولكن للإيرانيين كذلك، وقد أعقبهما الرئيس ترامب بإنذار مباشر لإيران يحملها مسئولية أى ضربة، أو صاروخ ينطلق فى البحر الأحمر، وباب المندب.
لقد حملت إعادة الحرب على غزة للإسرائيليين فى الداخل لُحمة للتيار المتشدد الراغب فى مواصلة الحرب على القطاع، والرامى إلى تهجير أهله، وجعل الحياة هناك لا تطاق، وهم لا يهمهم الأسرى، فهو تيار حمل لواء أطول حرب للاحتلال الإسرائيلى على غزة (أكثر من عام)، تحملت خلالها المنطقة وغزة أكثر مما يُطاق، ويتحمله أى شعب آخر، حيث قتلت الضربة نحو 500 فلسطينى، وأصابت مثلهم، وهو رقم كبير فى عملية واحدة، وقد شمل كذلك عددا من وجهاء حماس، خاصة فى القطاع المدنى، لعل أهمهم جميعا عصام الدعليس، المتحكم فى كل الوزارات الحمساوية بقطاع غزة، ويطلقون عليه «رئيس الوزراء الفعلى»، وقد كان مديرا لمكتب الراحل إسماعيل هنية، والضربة أصابته، وأبناءه، وأحفاده، كما شملت 4 آخرين من كبار المسئولين المدنيين، لعل أهمهم اللواء أبووطفة الذى دأب على الحديث، والتصريحات عن قوة حماس، بل وجودها، وتجذرها فى غزة. أعتقد أن المهم الآن، بعد هذا التحول المفاجئ، الذى قطعا وافقت عليه إدارة ترامب، هو سرعة ترميم الموقف الراهن، وما يجب أن تفهمه حماس الداخل والخارج أن الحكومة الإسرائيلية الراهنة لا يهمها على الإطلاق الأسرى، ولكن تخطيطها هو استمرار الحرب لجعل الحياة مستحيلة فى غزة وبقية القطاع، مع إتاحة الفرصة لتهجير الغزاويين إن لم يكن بشكل قسرى فسيكون طوعيا لصعوبة الحياة داخل القطاع.
وأخيرا، فإن انزلاق الشرق الأوسط لحرب إقليمية واسعة ليس بعيدا فى ظل مناورات، وألاعيب لا تتفق مع مصالح شعوب المنطقة ككل، فيجب أن تكون هناك حسابات جديدة لكل أصحاب التيارات المتحكمة فى القرار جزئيا حتى لا تنزلق المنطقة كلها فى الحروب من جديد.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: